من المتوقع أن تستمر موجة الاكتتابات الأولية العامة في جمهورية مصرالعربية ، مع تزايد اهتمام المستثمرين الدوليين بشراء أسهم الشركات المصرية المطروحة وسط مؤشرات مشجعة تدل على بدء عودة اقتصاد البلاد إلى مسار النمو نتيجة تزايد الاستقرار السياسي.
وخلال العام الجاري، شهدت البورصة المصرية خمسة اكتتابات حتى الآن – أكثر من أي سوق أخرى في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وأضافت الشركات التي تم إدراجها المزيد من التنوع إلى البورصة كونها تنتمي لمجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك البناء والسلع الاستهلاكية والرعاية الصحية والسياحة والعقارات، كما ساهمت في زيادة القيمة السوقية لسوق الأسهم بمقدار ثلاثة مليارات دولار.
وتم إطلاق الاكتتاب السادس لهذا العام خلال الشهر الماضي، بعد إعلان «إعمار مصر»، الذراع العقارية المصرية لشركة «إعمار العقارية» الأم التي تتخذ من إمارة دبي مقراً لها، نيتها جمع 350 مليون دولار من خلال اكتتاب عام في النصف الثاني من شهر يونيو حزيران، عبر بيع 13 في المئة من أسهم رأسمال الشركة. وأعلنت الشركة عزمها إدراج أسهمها في البورصة بعد حملة ترويجية فائقة النجاح.
ومن المتوقع أن يسجل الناتج المحلي لمصر، التي اقتربت من مستويات أزمتي المالية وميزان المدفوعات في عام 2024، نمواً بنسبة 4.5 في المئة خلال السنة المالية2020/ 2024 و5.5 في المئة خلال السنة المالية 2024/2016وفقاً لاستطلاع رأي أجرته وكالة «رويترز» مؤخراً لعدد من الخبراء الاقتصاديين.
وكانت الموجة الحالية للاكتتابات العامة قد انطلقت أواخر عام 2024 عندما قامت شركة «العربية للإسمنت» بطرح أسهمها للاكتتاب العام لتصبح أول شركة يتم إدراجها في البورصة المصرية منذ أربع سنوات. ومنذ بدء تداوله، ارتفعت قيمة سهم الشركة بنسبة تجاوزت 40٪، ما عزز من اهتمام المستثمرين بالاكتتابات العامة اللاحقة.
ومن أحدث الاكتتابات الجديدة، اكتتاب شركة «إيديتا للصناعات الغذائية»، الرائدة في صناعة الأغذية الخفيفة المعبأة آلياً في مصر. وقد استفادت الشركة، التي تمتلك حصة سوقية تبلغ حوالي 70 في المئة من سوق الكعك والكرواسون المغلف، من الأنماط الاستهلاكية المتنوعة للتركيبة السكانية المحلية، لتتمكن في صياغة عرض استثماري جذاب لاستقطاب المستثمرين من الأسواق الناشئة.
وبالنظر إلى الإقبال الكبير الذي حظيت به الاكتتابات العامة المصرية بين المستثمرين العالميين من الأسواق الناشئة، اختارت شركات مصرية مؤخراً إدراج أسهمها في أسواق خارجية.وعلى سبيل المثال، طرحت شركة التشخيص المتكاملة القابضة، أكبر مزود متكامل من القطاع الخاص لخدمات التشخيص الطبي في مصر، 45% من أسهمها للاكتتاب العام في سوق لندن للأوراق المالية خلال شهر مايو/أيار. وتخطط المجموعة، التي تمارس نشاطها في كل من مصر والأردن والسودان، للتوسع نحو أسواق أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبالنظر إلى المستقبل، هناك المزيد من الاكتتابات العامة قيد الدراسة حالياً، ولكن من المرجح أن يتم إطلاقها في السوق خلال الربع الثالث من العام الجاري، بعد انتهاء إجازة الصيف التي عادة ما تشهد بطئاً في نشاط أسواق الأسهم في المنطقة.
ومن المتوقع أن تقوم شركة «الشرق الأوسط لتكرير البترول» (ميدور)، أكبر مصفاة نفط في مصر، بطرح أسهمها للاكتتاب العام والإدراج في البورصة المصرية بحلول نهاية العام الجاري وذلك بهدف جمع 400 مليون دولار لتمويل خطط نموها. وتتمتع ميدور بحصة سوقية كبيرة، حيث تقوم بتوفير حوالي 25 في المئة من احتياجات السوق المصرية من كافة أنواع المنتجات البترولية، وتخطط الشركة لتوسيع طاقتها الإنتاجية خلال العامين القادمين. ومن المرجح أن تقوم شركات أخرى عاملة في قطاع الطاقة متسارع النمو بخطوات مماثلة أيضاً.
وتتطلع الحكومة المصرية لتأسيس ثلاث شركات جديدة متخصصة في إنتاج الكهرباء، تبلغ استطاعتها الإجمالية 13 ألف ميجاواط، وتخطط لإدراجها جميعاً في البورصة المصرية. وسيكون لكل شركة محطتها الخاصة بتوليد الطاقة ستتولى «سيمنس» بناءها في ثلاث مدن مصرية، بما في ذلك العاصمة الإدارية الجديدة التي تم الإعلان عنها في شهر مارس من العام الجاري. ومن المرجح أن تقوم الحكومة بطرح ما بين 60 إلى 70 في المئة من أسهم كل شركة في السوق.
وإلى جانب دورها في ضخ استثمارات جديدة يحتاجها الاقتصاد المصري، تمثل الاكتتابات العامة محفزاً وداعماً قوياً لسوق الأسهم المصرية. وتنبع أهمية الإدراجات الجديدة من كونها تعزز عمق السوق الثانوية وبالتالي استقطاب المزيد من المستثمرين المحليين والمؤسسات الاستثمارية الكبرى من الدول العربية والغربية. وسوف يسهم تزايد سيولة السوق المصرية في تعزيز جاذبيتها بما يضعها تحت رادار المزيد من المستثمرين العالميين.
شريف محمود سالم
* مدير محفظة في شركة أبوظبي للاستثمار