قرأت كتابا لـ "ديباك شوبرا" وأعجبت بأفكاره وهو يشرح لماذا يجب أن ننفق الأموال. يرى أننا عندما نشتري فإن الناس يبيعون، فيتحرك العالم ونصنع فراغاً في جيوبناً وأرصدتنا وأذهاننا، ونصنع فراغاً لدى البائعين، فيبادر الجميع إلى العمل لتتدفق أموال جديدة وتملأ الفراغات الجديدة. فلكي نجتذب المزيد من المال، علينا أن نصنع فراغاً يدفعنا لبذل مزيد من الجهد، فنزيد حركة الناس والأشياء من حولنا، فيزداد العالم تقدماً.
الدول الأكثر ازدهاراً والأسرع نمواً تنفق المزيد من الأموال. تدفع حكومات تلك الدول أعلى المرتبات، وتنشىء أكبر المشروعات وتقرض وتقترض وتعقد أضخم الصفقات، كل ذلك لأن تحريك الناس والأشياء يقوم أولاً وأخيراً على صناعة الفراغ.
في دول مثل أمريكا وألمانيا واليابان، يقع الناس تحت طائلة الديون وعلى القروض وبطاقات الائتمان يعيشون، فيندفعون للعمل والإنتاج لسداد الديون وسد الفراغ في حساباتهم وجيوبهم ونفوسهم وبطونهم. وعندما تشن البنوك وشركات الائتمان هجومها الشرس وتستنزف مواردنا، فإنها تصنع فراغاً نتقدم مرغمين وطائعين لملئه، فتتحرك عجلات الاقتصاد.
وعلى مستوى الممارسات الإدارية الداخلية، يبدأ التطوير وإدارة التغيير بصناعة الفراغ. نحس بالفراغ والحاجة لمنتج أو خدمة ما، فنبتكر المشروعات ونحرك الأموال والناس ونملأ المناصب الشاغرة. وكلما لاحظنا ركوداً أو جموداً، تحركنا من جديد، لفصل عاملين وتعيين آخرين، ولترقية مديرين وملء الفراغ الذي تركوه بموظفين مؤهلين.
هناك تناقض إيجابي عميق في هذه المعادلة: لو بادرت الدول الفقيرة إلى مضاعفة الإنفاق ورواتب الأفراد، سيتضاعف الجهد وينظم العمل ويرتقي الأداء ويرتفع مستوى المعيشة.
وعلى المستوى الشخصي، لا يتحرك القلب بحب إنسان، إلا عندما يصنع فراغا ويتخلى عن حب سابق. وعندما تخرج الابتسامة، فإنها تترك فراغاً للابتسامة التالية وتصنع فراغاً لدى الآخرين ليطلقوا ابتساماتهم.
اصنعوا فراغا من حولكم لتحركوا الساكن وتوقظوا المارد الكامن، فيتحرك الجميع لصناعة النمو وصياغة المستقبل.
شكرا لك