ولم يبد أي طرف علامة على تغيير موقفه، إذ يصر الدائنون على أنه على اليونان تقديم تنازلات من أجل إبرام اتفاق على تقديم تمويلات نقدية مقابل إجراء إصلاحات كي يتسنى للحكومة سداد أقساط الديون التي يقترب أجل استحقاقها وتجنب التعثر عن السداد الذي قد يترتب عليه تداعيات كارثية.
وبعيداً عن تقديم تنازلات، شن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس هجوماً جديداً على المقرضين في مقال بصحيفة ألمانية وانتقد ما وصفه بأنه «إصرار أعمى» من جانبهم على خفض معاشات التقاعد التي قال إنها ستزيد من حدة أزمة بلاده.
وبدأ الزعيم اليساري زيارة إلى روسيا تستغرق يومين لحضور منتدى اقتصادي في سان بطرسبرج بينما يجتمع وزراء مالية منطقة اليورو في لوكسمبورج لمناقشة الأزمة. وفي ظل استبعاد أثينا تقديم اقتراحات جديدة للنقاش تبددت الآمال في تحقيق انفراجة في الاجتماع.
معركة
وقال بيير موسكوفيتشي مفوض الشؤون الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي للصحافيين لدى وصوله إلى اجتماع لوكسمبورج إنه لا يريد أن تتحول أزمة الديون إلى تكرار لمعركة واترلو في ذكرى مرور 200 عام على الهزيمة التاريخية لفرنسا.
وقال موسكوفيتشي: «اليوم تاريخ مهم ولا رغبة لدي أن أرى عودتنا إلى عصر واترلو عندما اصطف الأوروبيون جميعاً ضد دولة واحدة».
وفي علامة على التوتر المتزايد بين كثير من اليونانيين بشأن مصير بلادهم يعتزم أنصار اليورو تنظيم مسيرة في وسط أثينا للدعوة إلى إنهاء الأزمة. يأتي ذلك بعد يوم من تجمع محتجين مناهضين لإجراءات التقشف دعماً للحكومة واعتراضاً على سياسات المقرضين.
وقالت ميركل لمشرعين ألمان «ما زلت مقتنعة أنه إذا كانت هناك إرادة فسيكون هناك سبيل» في تجديد لرسالة من الأسبوع الماضي. وأضافت: «إذا استطاع المسؤولون في اليونان إبداء الإرادة فإن التوصل لاتفاق… لا يزال ممكناً».
تأزم
وازدادت حدة المفاوضات الأسبوع الحالي بين اثينا ودائنيها المتمثلين بالاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي حول الجزء الأخير من خطة المساعدات المخصصة لليونان وقيمته 7,2 مليارات يورو، وحتى وصل الأمر ببعض المسؤولين لطرح فكرة احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو.
وقبل يوم واحد من اجتماع لوكسمبورغ لدول منطقة اليورو الـ19، حذر البنك المركزي اليوناني للمرة الأولى من أن فشل المفاوضات سيؤدي إلى تعثر اليونان عن سداد ديونها وخروجها من منطقة اليورو و«على الأرجح» من الاتحاد الأوروبي.
وفي إشارة إلى أن قادة الاتحاد الأوروبي بدأوا بالفعل يبحثون احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو، قال رئيس البنك المركزي الألماني ينس فيدمان إن من شأن ذلك أن «يغير من طبيعة الاتحاد المالي»، ولكن لن يدمره. وتابع في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية وإيطالية وإسبانية أنه «سيكون من الصعب السيطرة» على نتائج الخروج من منطقة اليورو بالنسبة لأثينا.
وبالرغم من التحذيرات، واقتراب المهلة المحددة لليونان لسداد ديونها لتسديد 1,6 مليار دولار لصندوق النقد الدولي بحلول نهاية الشهر الحالي، قال وزير المالية اليوناني ينيس فاروفاكيس إنه لا يتوقع أن يتم التوصل خلال المحادثات الجديدة إلى اتفاق حول سلسلة الإصلاحات الاقتصادية التي من شأنها أن تتيح صرف الجزء الجديد من القروض.
وردا على سؤال حول هذا الأمر، قال فاروفاكيس خلال زيارة إلى باريس أول من أمس: «لا أعتقد ذلك… الأمر يعود الآن إلى القادة السياسيين للتوصل إلى اتفاق».
تحذيرات
وفي إشارة إلى تزايد القلق على صعيد دولي من الأزمة القائمة مع اليونان، حذرت رئيسة الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) جانيت يلين من أن الاقتصادين الأميركي والعالمي مهددان بالتعرض لـ«اضطرابات» إذا لم تتوصل أثينا ودائنوها إلى اتفاق.
وقالت يلين في مؤتمر صحافي: «في حال لم يحصل اتفاق، أتوقع اضطرابات ممكنة قد تطاول الآفاق الاقتصادية في أوروبا والأسواق المالية في العالم».
ولم تنجح الجهات الدائنة حتى الآن في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اليسارية في اليونان حول الإصلاحات التي يجدر بها اتباعها في ما يتعلق بنظام التقاعد وزيادة الضرائب مقابل حصولها على الجزء الأخير من خطة المساعدات لتفادي تخلفها عن سداد ديونها.
وحذر رئيس الحكومة اليونانية الكسيس تسيبراس من أن إصرار الاتحاد الأوروبي على الاقتطاع من نظام التقاعد قد يطيح بأي احتمال للتوصل إلى اتفاق.
خلافات
وقال تسيبراس: «إذا أصرت أوروبا على نظام التقاعد (أحد نقاط الخلاف في المفاوضات) فعليها تحمل الثمن»، مشدداً على أنه «ليس هناك مكان لأي اقتطاعات .
إضافية من دون أن تؤثر في صلب نظام» التقاعد. ومن المفترض أن تسدد اليونان لصندوق النقد الدولي مبلغاً قيمته 1,6 مليار دولار بحلول 30 يونيو فضلاً عن رزمة من الدفعات المترتبة عليها هذا الشهر أيضاً، بالإضافة إلى 6,7 مليارات يورو للمصرف المركزي الأوروبي في يوليو وأغسطس المقبلين.
وظهرت إمكانية تخلف اليونان عن سداد ديونها بعد فشل جولة جديدة من المحادثات يوم الأحد. وأصدر البنك المركزي اليوناني تقريراً حذر فيه من فشل المفاوضات على اعتبار أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تعثر اليونان في السداد وخروجها من منطقة اليورو و«على الأرجح» من الاتحاد الأوروبي.
وجاء في التقرير السنوي حول اقتصاد البلاد أن «العجز عن التوصل إلى اتفاق سيكون بداية طريق أليم سيقود أولاً إلى تخلف اليونان عن السداد وفي نهاية المطاف إلى خروج البلاد من منطقة اليورو، وعلى الأرجح من الاتحاد الأوروبي». وشرح أن من شأن ذلك إدخال البلاد في حالة تقشف قاسية وتراجع في العائدات وارتفاع نسبة البطالة.
وللمرة الأولى بعد فشل المفاوضات الأسبوع الماضي، أجرى تسيبراس اتصالاً هاتفياً برئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الذي اتهم رئيس الحكومة اليوناني بتضليل الناخبين اليونانيين حول ما يجري في المحادثات.
استطلاعات
تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية اليونانيين يؤيدون الاستراتيجية التي تتبعها الحكومة في التفاوض بالرغم من تراجع نسبة دعمها.
وتظاهر نحو سبعة آلاف شخص في اثينا الأربعاء للاعتراض على طلبات الدائنين فرض إجراءات تقشف إضافية، وحملوا لافتات كتب عليها «أنهوا التقشف» و«ديموقراطية، وليس ابتزازاً».
ويتوجه تسيبراس يرافقه عدد من الوزراء الخميس إلى روسيا حيث يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين وفق ما اعلن مكتبه، وذلك تزامناً مع اجتماع حاسم لمجموعة يوروغروب. ويعتقد مراقبون أن رئيس الحكومة اليوناني يحاول أن يظهر للأوروبيين أنه لا يزال لديه خيارات أخرى.
البنك المركزي الأوروبي لن يساعد
قال ينس فيدمان رئيس البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) إن البنك المركزي الأوروبي لن يكون بمقدوره تقديم مساعدة مالية لليونان إذا انهارت المفاوضات السياسية بشكل نهائي بين اثينا ودائنيها.
وفي مقابلة مع صحيفة لاستامبا الإيطالية نشرتها أمس قال فيدمان -وهو عضو بالمجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي- إنه إذا انهارت المحادثات فإنه ليس من دور البنك أن يواصل تقديم سيولة لليونان.
وأضاف قائلاً في إجابة على سؤال بشأن مساعدة السيولة الطارئة: «ليس من مهمة البنك المركزي الأوروبي أن يمول الدول.. بل في الواقع فإنه ممنوع عليه أن يفعل ذلك. إذا فشلت المحادثات على المستوى السياسي فإن البنك المركزي الأوروبي لن يكون أمامه خيار سوى أن يستخلص النتائج الضرورية.
الأمر سيكون بيد الحكومات والبرلمانات لتقرر هل تمول اليونان». وقال إن بقاء مشروع اليورو لا يعتمد على التطورات في اليونان رغم أن خروج اثنيا قد يتسبب في امتداد آثاره إلى أعضاء آخرين، و«سيغير طبيعة الاتحاد النقدي». روما – رويترز