كانت كيلي تقول وتفعل أشياء كثيرة، وتطلب منهما ألا يفعلا كذا أو كذا، لكنهما سرعان ما يفعلان عكس ما تقول، لكنها كثيراً ما نجحت في التغلب على نوبات الغضب التي كانت تجتاحها، ووضعت لائحة صغيرة من التقنيات- الخطوات- التي تستخدمها يوميا لتساعدها وتساعد طفليها في الوقت ذاته على تقليل نوبات الغضب، بالصبر والتفاهم والإرادة. لقد نجحت في ذلك عندما أدركت أن ليس هناك شيء واحد يمكن أن يقدم لجميع الأطفال، وليس هناك حل واحد سريع، ومع ذلك، فإن هناك الكثير من الأساليب التي يمكن أن تستخدم مع الأطفال، حتى ولو كانوا من غير التوحديين. وتوجز كيلي، وفق موقع « صوت التوحد» الكندي، تجربتها في خمس نصائح:
الأولى: استخدام الوقت
تقول كيلي: «كثير من الأطفال لديهم صعوبة في مغادرة الأماكن أو الأنشطة المفضلة، وكنت أظل خائفة جدا من تلك اللحظة الفظيعة التي أغادر فيها مكان ما يحبه جريسون، فأحيانا كان يصرخ ويسقط على الأرض، أو يحاول العودة بينما نعبر شارعاً مزدحماً، وكان ينجح أحياناً في أن يبتعد عني.
الشيء الوحيد الذي تعلمته أن أحذره لمدة تتراوح ما بين دقيقتين لخمس دقائق قبل أن نقوم بأي تغيير في النشاط.،وهذه التحذيرات تساعد الأطفال على الاستعداد للانتقال، فالطفل يتعلم أن نبدأ بالتحذير ثم يأتي التغيير بعد ذلك. التحذيرات تصبح روتينية، حتى لو كانت المهمة التالية هي لا، فمثلاً كنت أقول في حسم وحنان: «في دقيقتين نحن سنغادر الحديقة».
الثانية: أولاً .. وحينئذ
تشير كيلي إلى عديد من نوبات الغضب التي كانت تعتري طفليها عندما كانا يصران على شيء معين، أو يرغبان في أمر ما، ومدى نوبة الغضب التي كانت تغلب على سلوكياتهم لعدم الصبر على تحقيقها، فكانت تستخدم صيغة تتلخص في «أولاً .. الآن.. ثم بعد «حينئذ» وتصر عليها، فمثلاً تقول لهما: «أولاً علينا أن ننتهي من الغذاء لدينا، ثم يمكننا أن نذهب إلى الخارج بعد ذلك»، أو «أولا نحن سوف ننظف البيت ، ثم يمكننا أن نذهب إلى الحديقة».
وتضيف كيلي:« كثيراً ما كنت أستخدم الصور لإيصال المعنى المقصود إلى طفلّي، لاستيعاب ما أطلب منهما، فالعبارة البسيطة توفر كثيراً من المجهود للوصول إلى عقل الطفل التوحدي، وتساعده على اتباع التعليمات، كما تساعد على تقليل الإحباط لديه، لأنها تمكننا من أن نفهم بالضبط ماذا يريد، وما هو متوقع منه».
الثالثة: المكافأة
تقول كيلي: «إن الثناء والتشجيع واتباع أسلوب المكافأة من شأنه أن يعزز السلوك الإيجابي لدى الطفل، ويشجعه على مواصلة السلوك المناسب، وعلى الكبار أن يتيحوا للأطفال العاديين أو التوحديين على حد سواء من الفرص التي تعينهم على تكرار تصرفاتهم الإيجابية وتشجيعهم عليها. فمن الممكن أن أقول لطفلي: «لقد قمت بعمل جيد.. أو إنك ستكون رائعا إن لم تفعل كذا، بدلاً من لغة الأمر والنهي التي نجدها في: لا تضع هذا إلى أسفل، لا تفعل ذلك، لا تأكل كذا»، لقد تأكد لي أن الثناء هو أفضل المعززات التي تكرس السلوكيات الإيجابية لدى طفلىّ، وليس هناك ما يمنع أحيانا أن نقدم مكافأة صغيرة كقطعة من الحلوى، أو ملصقا جميلاً ، ولست من الذين يعتبرون ذلك بمثابة رشوة للطفل، وإنما علينا جميعا أن ندرك أننا جميعا نعمل جاهدين من أجل الحصول على الثواب، سواء كان عاطفياً أومالياً أو غير ذلك».
الرابعة: ماذا يريد؟
توضح كيلي أهمية التركيز على إرادة الطفل ورغباته، فيما يريد أن يقوم به، وليس ما نريد نحن، فعندما يصرخ الطفل، لا يجب أن يكون تركيزنا منصباً على رغبتنا في إسكاته، وتقليل الضجيج، وإنما يجب أن نحاول أن نفهم لماذا يصرخ قبل أن نطلب منه الكف عن الصراخ. والتقليل من استخدام «لا» و«توقف». فعلى سبيل المثال، لو قلنا للطفل «امش على الرصيف»، يمكن أن تكون أكثر فعالية من «لا تمشي على العشب»، فالطفل لا يحب كثيراً أن يسمع كلمة «لا» وبدلاً من أن نقول «لا تصرخ»، نقول له « لماذا تصرخ؟» أو «من الممكن أن تفصح عما تريد دون صراخ» وبدلاً من القول: «لا تكتب على الطاولة»، نقول: «الكتابة تكون على الورق فقط». وهكذا.
الخامسة: التزام الهدوء
تقول كيلي: «قد يقول البعض أن نصيحة الآباء والأمهات بضبط النفس والتزام الهدوء والصبر، شيء أسهل بكثير من الفعل، نعم.. هذه حقيقة، لكنني أجزم أنها أمر صعب للغاية، لكن على الأقل أن نبدأ بمحاولة التمسك بالثبات وعدم الغضب، والهدوء عندما نشعر بأن الصبر قد نفد، إنها عملية مرهقة، وتستنزف جهداً كبيراً، لكن من الممكن أن نتدرب على مثل هذه المواقف، وأن نأخذ نفسا عميقاً، ونتأكد من أن كلماتنا تأتي في صوت هادئ حتى لو كنا لا نشعر بالهدوء. وأود أن أذكر نفسي بأننا لو كنا نحن الكبار نتوقع تعديل سلوك أطفالنا، علينا أن نحاول تعديل سلوكنا أولا حتى ننجح فيما نسعى إليه مع أطفالنا، وعلينا مراقبة النتائج، وإنني متأكدة من أن كلما تمسكنا بهدوئنا مع أطفالنا، سنجد أن النتائج كانت أفضل».
كشفت دراسة جديدة أجرتها مستشفى ريفير دي براري الكندية، بالمشاركة مع جامعة مونتريال أن الطريقة التي يتبعها الأفراد المتوحدون في جمع المعلومات، قد توضح أسباب شعورهم بانطباعات مختلفة بمجرد النظر إلى الوجوه.
وقال دكتور بودوان فورجي دارك، الباحث الرئيس في الدراسة: « تقييم أي شخص من خلال النظر إلى وجهه، تؤثر على علاقتنا المستقبلية معه، ومن خلال دراسة هذه الطريقة، أردنا أن نفهم على كيف يمكن للناس المتوحدين أن يستخدموا ملامح الوجه كإشارات لأمور محددة؟»
وأجريت الدراسة، بالتعاون مع فريق من مستشفى روبرت ديبريه في باريس، والذي قام بجمع 71 شخصا، من بينهم مجموعة التحكم، ومجموعة اضطراب طيف التوحد دون إعاقات ذهنية. وتم تقسيم المجموعة إلى مجموعات فرعية متطابقة الأعمار لأفراد تراوحت أعمارهم بين: الأطفال (متوسط العمر 10 أعوام) والبالغين (متوسط العمر 33 عاما). وقدم الباحثون 36 زوجا من الصور الفوتوغرافية والصناعية للمشاركين، وقاموا بتقييم الحكم الاجتماعي الخاص بهم من خلال طلب توضيح أي من الوجوه «الطيبة» التي ظهرت بالنسبة لهم.
وعندما عرضت الصور للوجوه المحايدة، كانت أحكام المشاركين من مجموعة المصابين بالتوحد مختلطة بالمقارنة مع المشاركين في مجموعة التحكم، وكانت اختيارات المشاركين من مجموعة التوحد لا يمكن التنبؤ بها، ولم يجد الباحثون أي اختلاف بين المجموعتين، عندما قدمت الصور الصناعية للمشاركين، والتي تم تكوينها على أساس خصائص الصور الفوتوغرافية التي تم عرضها سابقا.