ويوضح تتبع الرسم أن الهبوط الأخير ليس الأكبر خلال تلك الفترة، حيث كان التراجع الأبرز في المدة التي واكبت الأزمة المالية العالمية بهبوطه 67.4%، ورغم سرعة تعافيه إلا أن هناك اختلافا مع التتبع التاريخي بالنسبة للمدة خصوصاً في فترة التسعينيات.
بالطبع تتضافر عوامل شتى مؤثرة مع كل فترة انخفاض، ولعل أبرز تلك العوامل ما يجيب عليه الرسم البياني الذي قدمه “مارك بيري” أستاذ الاقتصاد في جامعة ميشيجان اعتمادا على بيانات إدارة معلومات الطاقة.ورصد “بيري” من خلال البيانات تحرك الإنتاج الأمريكي من النفط الخام خلال أكثر من 41 عاما (من 1973 إلى الآن) والذي ظل في مسار هابط حتى منتصف العقد الماضي، حيث استقر نسبيا رغم التذبذب إلى أن شهد ارتفاعا حادا منذ منتصف عام 2024 تقريبا.
وأشارت بيانات إدارة معلومات الطاقة إلى بلوغ متوسط إنتاج الولايات المتحدة 9.18 مليون برميل يوميا في يناير/كانون الثاني وهو المستوى الأعلى منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، وذلك على الرغم من تراجع الأسعار.
هذا يعني أن ارتفاع الإنتاج الأمريكي يعد أحد أبرز العوامل الحديثة التي لم تكن موجودة من قبل وتسببت في الضغط على تحرك أسعار النفط ورفع المعروض مع ضعف النمو العالمي وتقلص واردات الولايات المتحدة، ولأن النفط الصخري أهم المؤثرات في زيادة الإنتاج الأمريكي فإن صموده أمام تراجع الاستثمارات وإفلاس بعض الشركات بعد هبوط الأسعار سيكون مؤثرا .
كل ذلك على الرغم من التراجع الملحوظ في عدد منصات التنقيب عن النفط بشكل متواصل خلال الفترة القليلة الماضية، فضلا عن انخفاض الاستثمارات المتوقعة من كبرى الشركات الأمريكية العاملة في تكساس وداكوتا الشمالية.
ويشير تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير إلى لعب الولايات المتحدة دورا واضحا فيما يخص المعروض العالمي خلال الفترة المتبقية من العقد الحالي، حيث ستكون أكبر مصدر لنموه، وهو ما يعني بقاء أثر سلبي على تحرك الأسعار.
وتبقى الإشارة إلى أن تأثير انخفاض الدولار، بجانب نمو الطلب العالمي ربما يقلص من الآثار السلبية للضغط على أسعار النفط، بجانب تحرك غير متوقع لمنظمة “أوبك” مع وضوح أثر تقليص ضخ استثمارات جديدة من قبل الشركات وتأثير ذلك فعلياً على المعروض، وهو ما يحتاج وقتاً لمتابعة أثره.