وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك العديد من التكهّنات حول مدة استمرار تدني أسعار النفط، وتشير الدلائل إلى أن الصناعة قد تواجه هذا الانخفاض لفترات طويلة، في وضع شبيه بثمانينات القرن الماضي. وبذلك من المتوقع أن تتأثر جميع مجالات القطاع، وبشكل خاص الأنشطة السابقة للإنتاج، في هذه الصناعة. وستعتمد استجابة اللاعبين لهذا الوضع على مجموعة من العوامل، ولكن من المرجح أن تميل الى مصلحة الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة القبس الكويتية، يرتبط ذلك بالطبيعة الطويلة الأمد للاستثمارات في الأصول الرئيسية، على افتراض أن الارتفاع الكبير لأسعار النفط في العقد الأخير أدّى إلى زيادة قصوى في تطوير طاقات انتاجه عالمياً، وعندما ينخفض سعر النفط يمكن أن يستغرق الأمر سنوات عدة ليلحق الطلب الفعلي بقدرات المعروض المتاح ودفع أسعار النفط للارتفاع مرة أخرى، وهو ما يُعرف باسم «الدورة الشاملة للسلع».
وسيؤثر بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة في المقام الأول في قطاع الأصول الرئيسية لهذه الصناعة. فالتركيز المهيمن للاستثمارات التجارية على الأصول الرئيسية يميل إلى التحول استجابة لانخفاض الأسعار، بعيدا عن التنقيب ونحو تحسين كفاءات الإنتاج القائمة.
وستواجه شركات النفط الوطنية للدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط تحديات كبيرة إذا ظلت أسعار النفط منخفضة على المدى الطويل، لكنها لا تزال أكثر قدرة على مواجهة واستيعاب هذه التحديات من العديد من شركات النفط العالمية الكبرى بحسب صحيفة أرابيان بيزنس.
الشريك في «إيه تي كيرني» الشرق الأوسط شون ويلر قال : إن سيناريو تواتر سعر النفط الخام بين 60 و80 دولاراًَ للبرميل الواحد على مدى عدة سنوات هو أمر وارد جدا، إذا ما كنا بالفعل عند النقاط الدنيا من الدورة الشاملة للنفط.
لكن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط في وضع فريد للاستفادة من الوضع، بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج فيها. وفي المقابل ستواجه شركات النفط العالمية وشركات النفط المستقلة ضغوطا مالية كبيرة، وهي على الأرجح بحاجة إلى إعادة تخصيص مواردها، بعيدا عن التكلفة العالية، كالخزانات غير المربحة مثلاً.
وأضاف: ان شركات النفط الوطنية الإقليمية يمكنها النظر في الاستفادة من هذا التفاعل عبر استيعاب هذه الخبرات في عملياتها، التي من شأنها أن تكون فعالة جدا عند تطبيقها على أحواض الشرق الأوسط الأقل تكلفة.
كما ستتأثر القطاعات الاشتقاقية والبتروكيماوية بالوضع الحالي. وبالعادة، عندما ينخفض سعر النفط الخام ويبقى الناتج المحلي الإجمالي (والطلب على المنتجات النفطية) في ارتفاع سيكون هناك معدل تشغيل أعلى للمصافي.
وتابع: إن النمو الاقتصادي العالمي بطيء حاليا، ولكن سيناريو الدورة الشاملة للنفط في الثمانينات يثبت أن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيستأنف عافيته حتى قبل ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى. وعندما يحدث ذلك، فسيصبح الاستثمار في أعمال التكرير جذابا مرة أخرى.
وقال: شهدنا حالات مماثلة في مجال البتروكيماويات، مع ارتباط الطلب بشكل كبير بالناتج المحلي الإجمالي، فرغم انخفاض أسعار النفط فمن المرجح أن تستفيد العمليات القائمة على النفط أكثر من تلك المعتمدة على الغاز.
من جهته، قال المدير في «إيه تي كيرني» إدوارد غراسيا: في حال كنا على مشارف فترة طويلة من انخفاض أسعار النفط فإن التحديات التي ستواجه الشركات على الصعيدين العالمي والإقليمي ستكون كبيرة، وكل ما جنته هذه الصناعة في سنوات ارتفاع السعر سيكون له أثر عكسي، فما كان مربحا في الماضي قد لا يكون كذلك مستقبلا، في حين إن الأنشطة ذات الأولوية المنخفضة ستصبح فجأة ذات أهمية.
وستختلف استجابة كل جزء من هذه الصناعة بذلك الواقع الجديد، ولكن على شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط استغلال سيطرتها على معظم احتياطيات النفط العالية التنافسية، من حيث التكلفة، للاستفادة من الفرص التي تنشأ عنها.