رويترز
قالت مصادر إن جهاز قطر للاستثمار أحد أجرأ صناديق الثروة السيادية في العالم سيضع مستويات مستهدفة لتخصيص الأصول للمرة الأولى ويعيد هيكلة عملية صناعة القرار داخله وذلك في استجابة لهبوط أسعار النفط والذي قلص الأموال المتاحة وسط تنامي المنافسة على الأصول.
وأضافت المصادر التي تعمل في قطر أو تعمل لدى مؤسسات أجنبية تتعامل مع جهاز قطر للاستثمار إن الجهاز يجري مراجعة في الوقت الحاضر.
وطلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها حتى لا تضرر روابطها مع الصندوق الذي يتسم بالسرية.
وامتنع متحدث باسم جهاز قطر للاستثمار عن التعليق. وتشير تقديرات مركز الثروة السيادية إلى أن الصندوق القطري يحوز أصولا بقيمة 304 مليارات دولار.
وكان جهاز قطر للاستثمار – الذي أنشأه في عام 2024 المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار الذي يرأسه أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – أحد مصادر التمويل القليلة المتاحة للجهات التي اضطرت لبيع أصول خلال الأزمة المالية العالمية ولذا فإنه اقتنص صفقات بأسعار متدنية للغاية كثيرا منها بشكل عشوائي في أصول مثل برج شارد في لندن ومتاجر هارودز وحصص في بنك كريدي سويس وفولكس فاجن الألمانية لصناعة السيارات.
والآن ومع تعافي الاقتصاد العالمي يواجه جهاز قطر للاستثمار مجددا منافسة من صناديق أخرى وهو يسعى لتنويع اقتصاد البلاد وتقليص اعتماده على النفط والغاز.
وأدى هبوط أسعار النفط إلى تقليص أموال الاستثمارات الجديدة المتاحة للصندوق السيادي رغم أنه لا يزال لديه عشرات المليارات من الدولارات.
ويواجه الصندوق أيضا انتقادات بسبب السرية الشديدة التي يتسم بها حيث لا يفصح عن أدائه أو إجمالي الأصول التي يديرها.
وقال مصرفي خليجي رفيع يعمل مع الجهاز "مع نمو أي مؤسسة..فمن المنطقي أن تتبع أسلوبا مؤسسيا بشكل أكبر وهذا ما حدث في صناديق ثروة سيادية أخرى في الماضي."
وقال مصرفي رفيع في الدوحة ومصدر في الاستثمار المباشر إن المراجعة ستضع مستويات رسمية مستهدفة لمخصصات الأصول للمناطق الجغرافية والقطاعات للمرة الأولى وهو ما سيسدل الستار على العشوائية التي اتسم بها الصندوق في أعوامه الأولى حينما كان يولي النمو السريع الأولوية.
وكان الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني يدير جهاز قطر للاستثمار فيما بين 2024 ويوليو تموز 2024 وهو صانع صفقات ذو شخصية كارزمية ورئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق وكان يستخدم الصندوق غالبا كأحد أدوات السياسة الخارجية للبلاد ويستثمر أمواله فيما يعزز نفوذ وتأثير قطر.
وقد يؤدي وضع المستويات المستهدفة للمخصصات الآن قد إلى تخارج جهاز قطر للاستثمار من مجالات مثل الأغذية والتعدين حيث يتداخل مع أنشطة صناديق أخرى متخصصة مثل حصاد الغذائية وقطر للتعدين. وقالت مصادر لرويترز الأسبوع الماضي إن الجهاز يقيم بالفعل استثماراته في بعض الأصول التعدينية.
وقد ينتج عن المراجعة أيضا تدفق عشرات المليارات من الدولارات على مناطق جغرافية جديدة لتنويع استثمارات الصندوق الذي كان يعتقد في أواخر عام 2024 أن نحو 80 في المئة من أمواله مستثمرة في أصول أوروبية.
وربما يتبلور ذلك في تحول أعلن عنه مؤخرا صوب الأسواق المتقدمة في آسيا وأمريكا الشمالية.
وقال الصندوق في أبريل نيسان إنه سيفتح مكتبا في نيويورك في ضوء تنامي محفظته في الولايات المتحدة وأعلن في نوفمبر تشرين الثاني الماضي عن خطط لاستثمار 20 مليار دولار في آسيا على مدى السنوات الخمس القادمة.
وقال المصرفي الرفيع في الدوحة إنه من المرجح أن تتدفق تلك الأموال بصفة خاصة إلى قطاعات يهتم بها الصندوق مثل الخدمات المالية والعقارات والسلع الاستهلاكية.
ومن المتوقع أن تسفر المراجعة أيضا عن تحول رئيسي آخر يتمثل في اتخاذ القرار بناء على إتفاق الآراء بشكل أكبر.
وقال محامي في الدوحة إن المدير الحالي للجهاز الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني – الذي تولى منصب رئيس مجلس إدارة أريد القطرية للاتصالات لنحو 14 عاما قبل أن ينضم إلى الصندوق – يشارك بكثافة في معظم المسائل ويطلب إطلاعه على كل ما يحدث.
وقال المصرفي "يبدو أن هناك الآن أصداء أكبر لتقييم جميع الآراء وهو ما يجعل الناس يشعرون بأنهم يقدمون قيمة مضافة إلى الصندوق."
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المراجعة ستتمخض عن قدر أكبر من الشفافية للصندوق الذي صنفته في أكتوبر تشرين الأول مجموعة المخاطر السياسية جيو إكونوميكا على أنه صندوق الثروة السيادية الوحيد الذي لا يتوافق مع مبادئ سانتياجو وهي قانون طوعي للممارسات معني بمثل تلك الصناديق التي تتسم بدرجة عالية من السرية.