أرقام
يعتقد "نرفال لوفتس" كبير مسؤولي الاستثمار في "أليجرا أسيت مانجيمنت" أن التجارة في سندات الشركات أصبحت أكثر صعوبة في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن الأمر أصعب مما كان عليه في 6 أو 7 أعوام مضت.
وأوضح تقرير نشره موقع صحيفة "تيلجراف" البريطانية أن المستثمرين يرون أن سوق سندات الشركات يشهد في الوقت الحالي صعوبة أكثر في عمليات البيع والشراء لديون المؤسسات، في حين بدأ البعض في التخوف من أن نقص السيولة يمثل الشرارة التي ستشعل الأزمة المقبلة في الأسواق المالية.
وتعني السيولة سهولة إمكانية قيام المستثمر بشراء أو بيع الأوراق المالية دون تحريك سعرها، ومع قيام السلطات بتشديد شروط العمليات المصرفية، اختفت السيولة خاصة في أسواق الائتمان في الولايات المتحدة، وأوروبا، ما دفع بعض السلطات المنظمة، والبنوك المركزية للتحذير بشأن البيئة التجارية الصعبة.
وأشار التقرير إلى أن قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع محتمل للفائدة الأمريكية للمرة الأولى منذ عام 2024 قد يثير الاضطرابات، حيث إن حقيقة ضخامة سوق السندات مقارنة بالأسهم، وتكالب المستثمرين على الأصول ذات الدخل الثابت خلال السنوات الماضية يثير المخاوف في حال قيام مستثمري الائتمان بمحاولة بيع السندات بشكل جماعي.
وأوضح التقرير أن السيولة في السوق قد تتسبب في أزمة مشابهة لحجم أزمة الائتمان في 2024.
وحذر بنك التسويات الدولية في الأسبوع الماضي من أن السيولة تتركز في الأوراق المالية الأكثر تداولًا، في حين أن الأوضاع تتدهور في الأوراق المالية الأقل سيولة.
وكان "ادوين سكولينج لتر" رئيس سلطة السلوك المالي للبنية التحتية للسوق في بنك إنجلترا قد صرح في الأسبوع قبل الماضي بأن قلة السيولة في سوق سندات الشركات تستدعي مراقبة تنظيمية دقيقة للأمر.
في حين أظهر استطلاع أجرته الرابطة الدولية لسوق المال في شهر نوفمبر/تشرين الثاني وشمل مستثمرين، ومحللين، وتجارا في سوق سندات الشركات الأوروبية، أن الخوف المشترك تمثل في أن انهيار أسواق الائتمان العالمية أصبح أمرا لا مفر منه.
وأشار التقرير إلى أن مخاوف السيولة لا تشمل سوق سندات الشركات فحسب، وإنما تتضمن أيضًا سوق الديون السيادية، حيث حذر "روبرت ستيمان" رئيس مكتب إدارة الدين البريطاني في الأسبوع الماضي من أن السوق قد يكون مهددًا بسبب تراجع السيولة.
كما ألقى المتابعون باللوم على تراجع السيولة في الانهيار العنيف وغير المسبوق للعائد على سندات الخزانة البريطانية لآجل 10 سنوات في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث كان الهبوط المفاجئ في العائد أمرا استثنائيا، مع حقيقة أن سندات الخزانة تعتبر أكثر الأسواق من حيث السيولة في العالم.
وأوضحت الصحيفة أن السياسات النقدية الفضفاضة التي انتهجها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبنك إنجلترا، والبنك المركزي الأوروبي تسببت في "سيل" من عمليات إصدار السندات من جانب الشركات الراغبة في الاستفادة من تراجع معدلات الفائدة خلال السنوات الماضية.
وباعت الشركات الأوروبية والبريطانية، باستثناء البنوك، ديونا من الدرجة الاستثمارية بقيمة إجمالية بلغت 435.3 مليار دولار أمريكي خلال العام الماضي، وبنحو 458.5 مليار دولار في 2024، في حين بلغت مبيعات الشركات من السندات حوالي 155.7 مليار دولار في 2024، وحوالي 139.8 مليار في العام السابق له.
كما ارتفعت إصدارات الشركات من الديون الأخطر، ذات العائد المرتفع، حيث باعت المؤسسات الأوروبية سندات "خردة" بقيمة إجمالية بلغت 131.6 مليار دولار في عام 2024، مقابل 104.4 مليار دولار في 2024، ومقارنة بحوالي 20 مليار دولار فحسب في 2024.
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه إصدارات السوق الرئيسية، فإن التعاملات في السوق الثانوي لسندات الشركات شهدت تراجعًا كبيرًا، بسبب نقص السيولة التي نتجت عن محاولات السلطات المنظمة لتجنب تكرار الأزمة المالية في عام 2024.
وقامت السلطات المنظمة بحملات على تداول الملكية، وفرض قواعد صارمة على متطلبات رأس المال، ما أثر بالسلب على نشاط السوق، وأجبر البنوك على الانسحاب من التعاملات، حيث ارتفعت تكلفة احتفاظ البنوك بمخزون من السندات، ما قلص من رغبتها في توفير سيولة للسوق.
وكان لانسحاب البنوك من التعاملات في سوق السندات أثره الكبير، حيث أعلن "رويال بنك أوف سكوتلاند" أن السيولة في سوق الائتمان الأمريكي تراجعت بنحو 90% منذ عام 2024.
وقال "جاري جنكيز" من مؤسسة "إل إن جي كابيتال" إن تراجع السيولة دفعت بعض مديري صناديق الاستثمار إلى تغيير سلوكهم الاستثماري تمامًا، وشراء السندات والاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق، بدلًا من بيعها وحجز المكاسب.
وأوضح التقرير أن الشركات التي أغرقت السوق الرئيسي بإصدارات الديون تلقت طلبا كبيرا من جانب المستثمرين الباحثين عن عائد وسط المناخ منخفض الفائدة، إلا أن لحظة تغيير مستنثمري السندات لاستراتيجياتهم الاستثمارية، والإسراع لبيع السندات قد تكون قريبة.
ولا يزال المستثمرون يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيرفع معدل الفائدة في وقت لاحق من العام الجاري، بالرغم من إشارة المجلس عبر بيان السياسة النقدية الأخير إلى نيته تأجيل القرار.
ويرى التقرير أن قرب قرار البنك المركزي بشأن رفع معدل الفائدة للمرة الأولى منذ 9 أعوام يضع سوق السندات تحت ضغط كبير.
ويقول "أندي هيل" من مؤسسة "إي سي إم أيه" إن إشارة مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن احتمالية تغيير دائرة معدل الفائدة قد يمثل بداية لتغيير معنويات المستثمرين، حيث يمكن أن يدخل سوق السندات عالية العائد في الولايات المتحدة، وسوق الدين في الأسواق الناشئة في معاناة كبيرة.
وبالرغم من واقع اتجاه السيولة إلى التراجع في أوقات التوتر في السوق، إلا أن هناك مخاوف بشأن احتمالية تفاقم أي بوادر لعمليات بيع في الأفق، بسبب الطبيعية غير السائلة للسوق، وعدد المستثمرين الذين قد يتخذون قرارات مماثلة.
ومصائب قوم عند قوم فوائد