العمانية
تخطو حكومة السلطنة باقتدار نحو سد العجز المقدر بـ (2.5 مليار ريال عماني) في موازنة السنة المالية2020 من خلال التنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزي العماني وسوق مسقط للأوراق المالية بإصدار صكوك سيادية وسندات حكومية حيث اعلنت وزارة المالية الاسبوع الماضي عن الإصدار المقترح لأول صكوك سيادية للسلطنة بـ (500) مليون ريال عماني.
وأشارت الوزارة إلى أن إصدار أول الصكوك السيادية يُعد خطوة مهمة من شأنها تحقيق إنجازٍ بارز في مجال تطوير قطاع الصكوك في السلطنة، إلى جانب توفير أداة استثمارية للمؤسسات المالية الإسلامية العمانية وكبديل للأدوات المالية التقليدية.
كما أعلنت لجنة الصكوك الحكومية التي شكلتها وزارة المالية والمشرفة على عملية الإصدار، أنَّه سيتم فتح باب الاكتتاب فيها قريبا عبر طرح خاص يُعرض بشكل رئيسي للمؤسسات المالية الإسلامية وكبار المستثمرين بقيمة اكتتاب تبلغ 500,000 ريال عماني كحد أدنى وحدد الهدف من إصدار الصكوك السيادية بتلبية الاحتياجات الناشئة وسريعة النمو لقطاع التمويل الإسلامي في السلطنة حيث تُعد الصكوك بمثابة استثمار محلي وأداة لإدارة السيولة للمؤسسات المالية في البلاد ، ومن شأنها دعم الحكومة في تحقيق أهدافها التنموية، وايجاد معايير لمعاملات سوق المال في السلطنة عموماً وللصكوك خصوصاً.
وكان البنك المركزي العماني قد طرح في الثامن من شهر فبراير2020م إصدارا جديدا من سندات التنمية الحكومية بقيمة 200 مليون ريال عماني تبلغ مدة استحقاقها عشر سنوات بسعر فائدة أساسي 4.5 بالمائة سنوياً وتستحق السداد في الثالث والعشرين من فبراير 2025م.
كما سيتم دفع الفائدة المستحقة على السندات الجديدة مرتين في العام وذلك في الثالث والعشرين من أغسطس والثالث والعشرين من فبراير من كل عام.
وتختلف الصكوك السيادية الحكومية عن الصكوك الإسلامية التي تعمل على إصدارها مؤسسات القطاع الخاص كون الصكوك السيادية تصدرها الحكومة أو المؤسسات شبه الرسمية وتثبت حق الملكية لحامليها في أصول الدولة التي بموجبها يتم إصدار هذه الصكوك وهي بشكل عام وثائق متساوية القيمة عند إصدارها لا تقبل التجزئة ويمكن تداولها , وبموجب هذه الصكوك تقوم الدولة ببيع بعض الأصول المملوكة للدولة المنقولة أو غير المنقولة، أو بيع خدماتها ومنافعها لصالح خزانة الدولة .
وتهدف معظم الإصدارات للصكوك الحكومية الى توظيف عائداتها في تمويل مشروعات تنموية أو في مشروعات البنية الأساسية التي تعود بالنفع العام على المجتمع من جهة وعلى الجهات التي اكتتبت على شرائها ، وقد تلجأ لها كذلك في تمويل عجز الموازنة بدل اللجوء للاقتراض الخارجي باهظ التكلفة، وخصوصا إن عبء خدمة الدين فى الموازنة العامة يكون على حساب الإنفاق العام للدولة سواء الاستهلاكي أو الرأسمالي .
واصبح سوق الصكوك السيادية الاسلامية خلال السنوات الخمس الماضية يلاقي اهتماما في العديد من الدول المهتمة في المنتجات المالية الإسلامية وخاصة الساعية لان تكون مركزا عالميا للتمويل الإسلامي، فجاءت دولة الإمارات العربية في المرتبة الأولى حيث استحوذت على26 بالمائة بما يقدر بـ 27 مليار دولار من إجمالي الإصدارات حتى نهاية العام 2024، ثم تأتي قطر في المرتبة الثانية بنسبة 20 بالمائة تقريبا، كذلك اندونيسيا بنسبة 18 بالمائة وتركيا والبحرين بنسب 17 بالمائة و 14 بالمائة على التوالي.
ويزداد الطلب على الصكوك السيادية المتوقعة مع احكام الشريعة الاسلامية من قبل الحكومات الإسلامية وغير الإسلامية لحشد المزيد من المدخرات المحلية لتلبية الاحتياجات التمويلية المطلوبة للاستثمار الوطني وتوفير السيولة اللازمة لذلك كما تعمل على استقطاب وتشجيع المستثمرين الأجانب مما يساهم في انسياب رؤوس الأموال الأجنبية إلى الاقتصاد الوطني ويساعد كذلك على تحقيق مشروعات تنموية ذات عائد على المجتمع.
كما تساهم إصدارات الصكوك السيادية في حال اعتمادها في تنشيط حركة الاستثمارات الوطنية التي بدورها تساهم في التنمية الاقتصادية كما أن الاستثمارات في المشاريع الحيوية الاستراتيجية تعتبر قيمة مضافة الى الدخل القومي للدولة ومعالجة تحدي الباحثين عن عمل من خلال توفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية العاملة .
تجدر الإشارة إلى أن الاستقرار السياسي وقوة الاقتصاد العماني والأمن الاجتماعي الذي تتفرد به السلطنة عوامل تعزز الطمأنينة لرؤوس الأموال المستثمرة في الصكوك و السندات الحكومية فضلا عن الإجراءات القانونية والإدارية التي يتم تطويرها وتحديثها ومواكبتها التي تسهل الاستثمار الخارجي إضافة إلى الاقتصاد العماني ينمو بدعم من تحسن في اداء الاسواق المالية حتى تمهد الطريق لعودة آمنة لرؤوس الاموال المهاجرة والتي لازالت تبحث عن فرص استثمار يحقق لها عوائد مرجوة .
وتستخدم البنوك المركزية الصكوك والسندات كأداة من أدوات السوق النقدي كونها لا تعتبر دينا في ذمة الجهة المصدرة لها بل تمثل ملكية في موجودات أو منافع، وأن إصدارها يتم بناءً على أصول حقيقية تعود للدولة سواءً كانت عقارية أو أسهما تملكها في مشروعات كبرى مما جعلها تحظى بقبول واهتمام عال ورغبة في التعامل بها في الأسواق المالية العالمية وزيادة الطلب عليها كذلك في الأسواق الإقليمية لتمويل مشاريع في البنى الأساسية كما هو الحال في دول الخليج العربي وكذلك رغبة المستثمرين في تنويع محافظهم الاستثمارية.