ناقش تقرير لوكالة "بلومبرج" ما يراه البعض حالياً بأن ارتفاع الدولار له تأثير مدمر على الشركات الأمريكية، وأوضح أن الأعمال التجارية في الولايات المتحدة والاقتصاد الأكبر في العالم يمكنهما التعامل على ما يرام مع قوة العملة.
وتُرجع الشركات المدرجة بمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" تراجع الأرباح في عام 2024 إلى قوة الدولار، أو تشير إلى أنه سيؤثرعليها سلباً هذا العام.
ولكن الصورة الأكبر تختلف كثيراً، لأن الشركات الأمريكية أقل تعرضاً لارتفاع الدولار مقارنة مع الشركات العملاقة متعددة الجنسية التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، كما أن سعر الصرف يُشكل تهديداً أصغر على نمو الاقتصاد الأمريكي.
وعلى الرغم من أن قوة الدولار قد تُضعف الصادرات، إلا أنها تعني أيضاً تراجع أسعار النفط، سلع أقل تكلفة من الخارج، واستمرار تدني التضخم، وكلها أمور إيجابية لاقتصاد يدعمه الإنفاق الاستهلاكي.
وقال الخبير الاقتصادي للولايات المتحدة لدى "بنك أوف أمريكا" في نيويورك "ميشيل ماير": سيكون هناك بعض الألم للشركات الكبرى، ولكن بصفة عامة، يعد ارتفاع الدولار أمر يستطيع الاقتصاد الأمريكي امتصاصه".
وقد ارتفع الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية في العام الماضي، وهو ما يعني أن الأرباح المقومة باليورو، الكرونة السويدية، أو الريال البرازيلي بالنسبة للشركات الأمريكية تستطيع شراء دولارات أقل.
ويُقدر "بنك أوف أمريكا" أن الزيادة المتواصلة بنسبة 10% في العملة الأمريكية ستقلص حوالي 3% من الربح السنوي السهم الواحد لمجموعة "إس أند بي 500".
وتعد الشركات متعددة الجنسية الكبرى من بين الشركات أكثر عُرضة للخطر، وأوضح المحلل "هوارد سيلفربلات" لدى "إس أند بي": أن المبيعات الخارجية تمثل حوالي 50% من إجمالي إيرادات الثلاثين شركة الممثلة في مؤشر "الداوجونز الصناعي".
وفي الوقت نفسه، يرى "بنك أوف أمريكا" أن قفزة 10% في الدولار بعد التضخم سوف تقلص 0.25% فقط من النمو الاقتصادي في العام اللاحق.
وأوضح تقرير وكالة "بلومبرج" أن عجز الميزان التجاري سيتسع لأن الصادرات أصبحت أقل جاذبية للمشترين في الخارج، ويرى رئيس اقتصاديين الولايات المتحدة لدى "إتش إس بي سي سكيورتيز يوإس إيه" في نيويورك "كيفن لوجان": الواردات تصبح أقل سعراً وربما تنمو، مما يعكس بعض الطلب بعيداً عن المنتجين المحليين تجاه المنتجين الأجانب".
كما قال السيد "لوجان" : على الجانب الآخر ستنخفض أسعار السلع المستوردة، مما يُخفض التضخم ويعزز القوى الشرائية للأمريكيين، وهو أثر أكثر أهمية لأن الانفاق الاستهلاكي يشكل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تمثل الصادرات 13% فقط منه.
وفي الوقت نفسه، عندما ترتفع العملة الأمريكية فإن الشركات ليست ملزمة بتحويل أرباحها المقومة بالعملات الأخرى إلى الدولار وإرسالها إلى أمريكا، ويمكنها إعادة استثمارها في نفس الأسواق الأجنبية أو الاحتفاظ بها كسيولة نقدية في الخارج، وهو ما تفعله العديد من الشركات لتجنب الضرائب الأمريكية، حيث تشير تقديرات موازنة الرئيس "باراك أوباما" أن الشركات الأمريكية تحتفظ بأرباح بحوالي 2 تريليون دولار خارج البلاد.