سنغافورة (رويترز) – يرى محللون أن أسعار النفط ستواصل هبوطها مع ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب وقوة الدولار ولن تصعد الأسواق إلا عندما تستفيد الاقتصادات الصناعية الكبرى خاصة في آسيا من انخفاض أسعار الطاقة.
ونزلت أسعار النفط أكثر من 50 بالمئة منذ يونيو حزيران مقتربة من أدنى مستوياتها في ست سنوات مع تعثر النمو الاقتصادي ويقول بعض المحللين إن التخمة المتزايدة في المعروض تعني أن الأسعار ستهبط بصورة أكبر قبل أن تتعافى.
وعلى صعيد المعروض جاءت الضغوط النزولية على النفط من طفرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة ثم من قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عدم خفض الإنتاج لدعم الأسعار وسعيها إلى حماية حصتها في السوق في مواجهة النفط الصخري بأمريكا الشمالية من خلال تقديم خصومات.
وقال بنك إيه.إن.زد يوم الأربعاء "ما زالت احتمالات أسعار النفط تميل إلى الاتجاه النزولي في الأمد القريب."
وأضاف "لن يبدأ منتجو النفط الصخري (الأمريكيون) في الشعور بوطأة الوضع قبل ستة أشهر. علاوة على ذلك يوجد احتمال بزيادات أخرى في المعروض من أعضاء في أوبك تعرضوا لضغوط كبيرة مثل ليبيا ونيجيريا وفنزويلا وهو ما قد يفرض مزيدا من الضغوط النزولية على الأسعار."
وتتوافر كميات أكبر من النفط مع تراجع معدل استخدام الاقتصادات المتباطئة وتحسن كفاءة استهلاك الطاقة.
وفي آسيا تواجه اليابان ركودا بينما يتباطأ الطلب في الصين التي قادت انتعاش السلع الأولية في السنوات الأخيرة مع تحول ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صناعة البناء الكثيفة الاستهلاك للطاقة إلى النمو المدعوم من المستهلكين.
وتوقعت مجموعة سيتي هذا الأسبوع تباطؤ نمو واردات الصين من النفط هذا العام قائلة إن "كل من يأمل بأن تقود الصين موجة تعاف لأسعار النفط ستخيب آماله على الأرجح."
ومما يزيد من الضعف في آسيا عدم تعافي أوروبا بعد من تداعيات أزمتها الائتمانية الطاحنة التي نشبت في عامي 2024 و2009.
ويشكل الدولار عامل ضغط آخر على النفط. فمع توقع رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة هذا العام للمرة الأولى منذ 2024 بفضل قوة النمو من المرجح أن يحافظ الدولار على قوته بما يزيد من الضغط على أسواق النفط في ظل تراجع العملات الأوروبية والآسيوية.
ورغم أن الآفاق الفورية للنفط ما زالت ضعيفة يقول بعض المحللين إن انخفاض تكاليف الوقود للأسر والشركات سيدعم الطلب في مرحلة ما خصوصا في الاقتصادات القائمة على الصناعات التحويلية.
وقالت مؤسسة كابيتال ايكونوميكس للأبحاث في ديسمبر كانون الأول "يبدو أن تهاوي أسعار النفط سيطيح بالفوائض الخارجية للخليج في العام المقبل وهو ما يجعل الصين ومنطقة اليورو على رأس الاقتصادات التي تحقق فوائض في العالم."
وأشارت مجموعة سيتي إلى أن انخفاض أسعار النفط قد يوفر للصين ما يزيد على واحد بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الواردات بما يساهم في تعزيز الاستهلاك.
وفي اليابان لن يفيد انخفاض تكاليف الوقود الصناعات الكبرى فحسب بل سيساعد أيضا على تقليص العجز الكبير الذي يرجع في جانب منه إلى ارتفاع واردات الوقود عقب إغلاق محطات الطاقة النووية في البلاد بعد انصهار بمفاعلات محطة فوكوشيما عام 2024.
أما الهند ثالث أكبر اقتصاد في آسيا فتستفيد أيضا من انخفاض أسعار النفط. وقالت شركة بي.آي.آر.إيه انرجي للأبحاث "تحسنت آفاق النمو… إذ أن انخفاض أسعار النفط سيسمح للأسر والشركات بزيادة إنفاقها كما يسمح للبنك المركزي بتيسير السياسة النقدية."
ويقول بعض المحللين إن أسعار النفط ستصل لأدنى مستوياتها ثم تبدأ في الصعود مجددا فور خفض بعض المنتجين لإنتاجهم من أجل ضبط الأسعار المتدنية واستفادة المراكز الكبرى للصناعات التحويلية بالمنافع الاقتصادية التي تجلبها أسعار الطاقة الرخيصة بما يدفعها إلى زيادة استهلاكها من جديد.