من المعلوم ان الذهب يتميز بخاصيتي الندرة والأهمية الكبيرة التي اكتسبها كمعدن نفيس ونادر عبر التاريخ بحيث أصبح أحد أصول الثروة المهمة في العالم، وبالتالي يعتبر هذا المعدن شبه الوحيد المقبول من جميع الناس وفي كافة انحاء العالم وتحت اي ظرف وفي اي وقت كما يعتبر ملاذاً آمناً في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية والمالية وأوقات عدم اليقين اضافة إلى اوقات اضطرابات أسواق الصرف والتراجع الكبير في أسعار صرف العملات وتذبذب اسعارها وبالتالي فإن أسعار الذهب تميل إلى الارتفاع عندما تبدو في الافق أي تطورات ترفع من مستويات المخاطر الاقتصادية أو السياسية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، لذلك لاحظنا الارتفاع الكبير في سعر الذهب عام 2024 نتيجة التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية وارتفاعه المتواصل مع بداية أزمة الديون الأوروبية وارتفاعه القياسي عند تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية صاحبة أكبر اقتصاد في العالم وأهم عملة دولية بحيث ارتفع سعره إلى 1815 دولاراً وجاء عام 2024 لينهي 12 عاماً من المضاربات والارتفاعات المتتالية وحيث تراجع سعره خلال العام بنسبة 28% بينما انخفض سعره خلال عام 2024 إلى 1182 دولاراً وبنسبة 2% في ظل تفاوت الطلب و انخفاض استهلاكه بنسبة 9% العام الماضي بحيث تراجع الطلب بنسبة 33% في الصين بينما تعد الهند واحدة من أكبر سوقين للذهب في العالم بعد الصين وحيث ارتفع حجم الطلب على المجوهرات لديها إلى 662 طناً بنمو نسبته 8%، كما تراجع الطلب الاستثماري وهو احد العوامل المحركة لسوق الذهب إضافة إلى تراجع التدفقات الناتجة عن صناديق الاستثمار المتداولة بينما استمرت المصارف المركزية في شراء المزيد من الذهب وزيادة احتياطاتها منه خلال عام 2024 بارتفاع نسبته 17% ما يجعل المصارف المركزية مشترياً صافياً للذهب للعام الخامس على التوالي مع ملاحظة التحول في الطلب المادي على الذهب من الغرب إلى الشرق والذي صاحبه تطور ملحوظ في البنية التحتية الخاصة في الذهب في آسيا، حيث تم ادخال منتجات ومنصات تداول جديدة صممت لجعل الذهب متاحاً لأكبر عدد من المشترين .
وللعام الثالث على التوالي تشهد البنوك والمؤسسات الاستثمارية العالمية مراهنات على تحرك سعره وحيث نلاحظ التفاوت الكبير في هذه التوقعات ما بين متفائل ومتشائم وفي الوقت الذي خسر فيه سعر الذهب 2% من قيمته خلال عام 2024 فإن توقعات مؤسسة مورغان ستانلي ان يرتفع سعره إلى 1263 دولاراً، بينما، أشار تقرير اقتصادي متخصص صدر عن غرفة تجارة وصناعة دبي إلى أن سعر الذهب سوف يتعرض لخسائر نسبتها 15% كما أشار نصف من شملهم استطلاع وكالة رويتر وعددهم 27 إلى أن أسعار الذهب سوف تتراجع عن مستوى الدعم الرئيسي عند مستوى 1100 دولار وبالمقابل أشارت بعض التقارير إلى ان الذهب قد يسجل المزيد من الهبوط هذا العام ليصل إلى مستويات مابين 1000 إلى 1100 دولار مع توقعات اتجاه الأسعار نحو الأعلى في نهاية العام وبداية العام القادم بحيث يرتفع السعر إلى 1250 دولاراً علماً بأن بنك أبوظبي الوطني شجع في تقريره الأخير حول آفاق الاستثمار على أخذ الذهب بعين الاعتبار عند بناء المحافظ الاستثمارية كما أشارت توقعات بعض المحللين إلى أن سعر الذهب هذا العام سوف يتراوح ما بين 1000 دولار و1080 دولاراً للأونصة، بينما ترى جهات متخصصة ان يبلغ متوسط السعر للأونصه 1190 دولاراً على مدى هذا العام بأكمله .
والتوقعات باستمرارية صعود الدولار هذا العام وحيث يتزايد الطلب على العملة الخضراء بينما بالمقابل تتراجع عملات معظم دول العالم إضافة إلى توقعات تعافي الاقتصاد الأمريكي ونموه كذلك توقعات ارتفاع سعر الفائدة خلال فترة زمنية قصيرة وحيث أبقاها مجلس الاحتياطي الاتحادي قرب الصفر منذ عام 2024 لتحفيز الاقتصاد واستمرارية انخفاض مستوى التضخم وتحسن أداء الاسواق العالمية كلها عوامل ساهمت وتساهم في ارتفاع سعر الدولار وسوق الذهب وعلى غرار معظم الأسواق يستغرق وقتاً طويلاً للتعافي من فترات الاضطراب التي مر بها . والعلاقة العكسية بين الدولار والذهب مردها إلى أن الذهب هو من أدوات التحوط المهمة ضد مخاطر تغير معدل صرف العملات والذي ساهم بتسجيل مؤشر العملة الأمريكية أكبر مكسب سنوي منذ عام 2024 ومن العوامل التي تلعب دوراً سلبياً في أداء مؤشر سعر الذهب على الاجل القصير معدل التضخم في أمريكا، حيث أثبتت الدراسات ان هنالك علاقة موجبة بين التغير في سعر الذهب ومعدل التضخم الأمريكي نتيجة اثر التضخم في القوة الشرائية للدولار .