لا تشكو أرض المشاهد التي لا تنسى في "سانتا لوسيا"، من قلة الأشياء التي يمكنك القيام بها، من "ماونتي غيمي" إلى "البيتونز"، وعبر الغابات المطيرة، وعلى طول الشواطئ المشمسة ترحب "سانتا لوسيا" بالجميع . وتتحدى بمواقعها التاريخية وتجربة الهواء الطلق المبهجة فيها أي منطقة أخرى في البحر الكاريبي . تقع "سانتا لوسيا" الدولة الجزيرة في شرق البحر الكاريبي على الحدود مع شمال
المحيط الأطلسي، وهي جزء من جزر الأنتيل الصغرى، إلى الشمال والشمال الشرقي من جزيرة "سانت فنسنت"، وإلى الشمال الغربي من "بربادوس" وإلى الجنوب من "المارتينيك" .
تغطي "سانت لوسيا" مساحة تفوق 617 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ عدد سكانها 175 ألف نسمة تقريباً، وعاصمتها "كاستري" .
تم إطلاق تسمية "سانتا لوسيا" عليها من قبل المستوطنين الفرنسيين الذين كانوا هم أول من وفد إليها من أوروبا، حيث وقعوا معاهدة حلف مع هنود "الكاريبو" الأصليين في عام 1660 .
وقد سيطر عليها الإنجليز من عام 1663 إلى عام 1667 والذين خاضوا في السنوات التالية الحرب 14 مرة ضد الفرنسيين حولها، وتعاقب الحكم الإنجليزي والفرنسي على الجزيرة مراراً، إلى أن استقر الأمر فيها أخيراً للبريطانيين في العام ،1814 إلى أن أصبحت دولة مستقلة، ضمن مجموعة الكومونويلث في أوائل عام 1979 .
و"سانتا لوسيا" هي في الواقع جزيرتين في واحدة، تعرفان بالعديد من المنتجعات الصغيرة والفاخرة المحلاة بالألوان والذوق الرفيع؛ فتقدّم "رودني باي" في الشمال وسائل الراحة الحديثة وسط الخليج الجميل، بينما تقع "سوفريير" إلى الجنوب في قلب منطقة رائعة من المزارع القديمة والشواطئ المخفية وعجائب الطبيعة الجيولوجية الجاذبتين "البيتونز" .
وتحتفظ "سانتا لوسيا" ببعض المشاهد الأكثر دراماتيكية من أية جزيرة أخرى في البحر الكاريبي، من الحدائق النباتية الجميلة، والبركان المحتدم، والعديد من الأماكن السياحية الأخرى من الدرجة الأولى .
"البيتونز"
بطبيعة الحال فإن قمتي "البيتونز" هما المعلم الأكثر شهرة للتصوير في الجزيرة . وتعتبر قمة "ذي غروس بيتون" الأسهل للتسلق، مع جولات سياحية راسخة توفر وسائل النقل إلى "إمبيراتيف سنتر"، وهو مركز صغير للترحيب وتقديم وصف ونماذج من الجغرافيا والجيولوجيا والحياة النباتية المحلية، وتلزم خدمات الحديقة الزوار باستخدام الأدلة والمرشدين عند تسلق هذه القمة، وهم مهنيون ومفيدون ومن الممتع القيام بالتسلق معهم .
تستغرق رحلة التسلق في المتوسط ساعتين للوصول إلى القمة، ويكافأ الذين ينجحون في إكمالها بالمناظر الخلابة للجزيرة مع "بيتي بيتون" الأصغر حجماً، ويمكن القيام بهذا الصعود بسهولة، وهو ليس تسلقاً يتطلب جهداً مضنياً أو معدات أو مهارات خاصة، كما إنه لا يقود للتعرض إلى مخاطر كبيرة .
قمة "بيتي بيتون" مختلفة تماماً في أنه لا يوجد بها مركز ترحيب ولا تتطلب تعقباً للرحلة، وعلى الرغم من أنه لا يلزم الحصول على مرشدين لارتقاء هذه القمة، إلا أنه يفضل الحصول على دليل محلي يعرف الطرق للحصول على تجربة جيدة .
هناك بعض الحبال الثابتة البدائية لإنجاز التسلق الذي ينطوي على خطر قليل، والقمة نفسها هي أصغر بكثير من الأولى ولكنها تتيح الحصول على مناظر أفضل من فوقها .
"بيغون آيلاند"
لم تعد هذه الحديقة الوطنية الجميلة جزيرة منذ بناء الجسر في العام ،1970 وتساعدك المسارات المزودة بعلامات على استكشاف أنقاض قلعة "فورت رودني"، التي بناها البريطانيون في القرن 18 .
ويتم التعويض عن الصعود المضني الذي يقود إلى تصبب العرق إلى أعلى الحصن، في أسفل التلين الموجودين على الجزيرة، بالحصول على منظر بديع بزاوية استدارة كاملة 360 درجة تمنح رؤية جميلة، وقد تم تحويل الحصن إلى مركز للإشارة من قبل الولايات المتحدة في أثناء الحرب العالمية الثانية .
مغامرات "الترام الجوي"
تمضي عربات "الجندول" ذات الثمانية مقاعد، من وإلى أعلى وأسفل المنحدر الجبلي فوق مظلة الغابات المطيرة، لتعبر أشجار "اللبخ" العملاقة، ونباتات "يليكونياس" المبهرة بألوان أوراقها العريضة الزاهية، والطيور الطنّانة .
وإذا نظرت نحو الأسفل فإنك ترى نهراً يتدفق من خلال الوادي، وتلمح منظر البحر يبدو من البعيد، ويصحبك دليل يزودك بالمعلومات، وعلى الرغم من ارتفاع سعرها قليلاً، إلا أنها تجربة ممتعة وهادئة تماماً .
وإذا كان الركوب يبدو رزيناً جداً بالنسبة لك، يمكنك أن تجرب النزول سيراً على الأقدام بطريقة متعرجة نحو سفح الجبل، وأياً كان هو خيارك فإن الأفضل هو القيام بالحجز مقدماً بدلاً من الذهاب رأساً إلى هناك، وهناك مركز للحجز في شمال الجزيرة، يبعد مسيرة نصف ساعة بالسيارة من خليج "رودني باي" .
مدينة "كاستري"
على الرغم من أن عاصمة "سانتا لوسيا" ليست أجمل الموانئ في منطقة البحر الكاريبي، إلا أنها تستحق جولة فيها إذا كنت ماراً بالمنطقة .
أبدأ بالسوق الحافل بالألوان، على الجانب الآخر من الواجهة البحرية، ثم أمض إلى أن تصل ساحة "ديريك والكوت" التي سميت على أشهر الشعراء والكتاب المسرحيين في "سانتا لوسيا"، والذي حاز جائزة نوبل للآداب .
وتعتبر هذه الساحة المعشوشبة نقطة محورية لمدينة "كاستري"، وفي حين نجد معظم المباني الخشبية القديمة في المدينة قد دمرتها النيران في وقت أو آخر، يبقى هناك اختيار لافت للأنظار على "شارع البرازيل"، مع نقوش شبكية مزخرفة وقاعات تبرز إلى الرصيف، في الجانب الجنوبي من الساحة .
التسوق في "كاستري"
يوصى بزيارة سوق الخضر والفاكهة في "كاستري" في صباح يوم السبت، عندما يكون في أوج سخونته وحيويته؛ وتتكدس عشرات الأكشاك عالياً بالموز، والموز الأخضر، وجوز الهند، والليمون الحامض، وفاكهة الخبز، والسوب الحامض، والقلقاس، إلى جانب الخضر والفواكه الكثيرة الأخرى .
وهناك في سوق الحرف اليدوية المقابلة والموجهة للسياحة، تباع عيدان القرفة، وكرات جوزة الطيب، وعيدان الكاكاو لصنع الشوكولاتة الساخنة، وتكون أكياس التوابل بأسعار معقولة، بجانب الهدايا التذكارية الصغيرة وسهلة الحمل للعودة بها إلى الديار .
الغابات المطيرة في سانتا لوسيا
ربما كانت جولة المشي في 19 ألف فدان من الغابات المطيرة في جزيرة "سانتا لوسيا" تجربة فريدة تستحق منك بالتأكيد القيام بها . وسوف تمر خلالها بنباتات "سرخس" كبيرة في حجم المنزل، وبساتين الفاكهة البرية، وربما الشلالات، وربما، لو كنت محظوظاً بما فيه الكفاية، فيمكنك أن تستمع إلى أصوات طيور ببغاء "سانت لوسيا" النادرة والمهددة بالإنقراض . وتتراوح جولات المشي في الغابات من السهلة التي لا تستغرق أكثر من 90 دقيقة إلى جولات الارتقاء الصعبة التي تستغرق اليوم بطوله .
يعتبر مسار الدخن "ميليت تريل" الأفضل لمراقبة الطيور، ومن الأفضل القيام بمثل هكذا نشاط في الصباح الباكر .
ويعتبر مسار "باري دو لايل" الأكثر سهولة في الوصول، وهو يبدأ مباشرة من الطريق الرئيسي عبر الجزيرة، ويوفر مشاهد واسعة للرؤية .
وأياً كان المكان الذي ستمضي إليه في الغابة المطيرة، فمن المفترض أن تكون في رفقة دليل أو مرشد، ويمكن للفنادق ترتيب رحلات الغابات المطيرة التي تشمل النقل إلى بداية المسارات .
الشواطئ والرياضات المائية
"ماريجوت باي" هو الخليج الأكثر جمالاً في منطقة البحر الكاريبي، ويجب أن تأتي إليه لكي تحكم بنفسك، كما إنه أحد المعالم التاريخية وقد شهد العديد من المعارك بين القوات البحرية الفرنسية والبريطانية، وهناك في الخليج في هذه الأيام مرسى "مارينا" جميل مع اليخوت من جميع الأحجام .
وهذا الميناء الطبيعي العميق، جميل بشكل ملحوظ، وتحيط به أشجار المانغروف والتلال المنحدرة الخصبة التي تكسوها الخضرة، وغالباً ما ترسو اليخوت الفاخرة في المنطقة التي يطلق عليها "عين العاصفة" .
ويمكنك الطواف على كامل الخليج انطلاقاً من فندق "كابيلا ماريوت"، أو الاتجاه رأساً إلى الشريط الساحلي الذي تنتشر فيه أشجار النخيل والذي يبرز نحو مياه الخليج على متن عبارة صغيرة متاحة من على المرسى .
حدائق "دايموند فولز"
تتوافر في هذا المكان ثلاثة عوامل جذب سياحية هي الحدائق الجميلة التي تمت المحافظة عليها جيداً، والشلالات المثيرة للإعجاب، والحمامات المعدنية التاريخية التي تغذيها الينابيع الكبريتية .
وتعتبر الشلالات الماسية "دايموند فولز" الأكثر زيارة في الجزيرة، والأكثر روعة . وهي ترتفع حوالي 45 قدماً في الهواء، ونسبة لاحتواء المياه على معادن من الينابيع الكبريتية في الأسفل، فإن ألوانها جميلة وزاهية .
وعلى الرغم من أنه لا يمكنك السباحة تحت هذه الشلالات إلا أنه يمكنك الاستحمام في الحمامات العامة المقامة في الهواء الطلق بجانب الشلالات، ويقولون إن هذه الحمامات يمكن لها أن تزيل آلام وأوجاع التقدّم في العمر وتجعلك تشعر بالحيوية والنشاط مثل شاب في العشرين .