بعيداً في الماضي وقريباً إلى القلب:
في صباح كل يوم، ما عدا يوم الجمعة أبُكِّر مشياً نحو بيت المطوعة جلثم …كم أحبُّ هذه المرأة المتواضعة، الأم الثانية التي لم تلدني ولكنها احتضنتني ورفيقاتي، اهتمت بنا وعلمتنا وحفظّتنا القرآن الكريم، أجلستنا في ساحة بيتها الصغير وفرشت لنا حصيرها الوحيد، وسامحت مقصّرنا ورعت مريضنا وكرّمت حُفّاظنا، لاتهمس إلا باسم الله على كل منا وما شاء الله على أفضلنا، لا تفرق بيننا ولا تجبرنا على شيء أبداً ولا تقسو علينا لم أرَ عصا في بيتها وما رأيت سوى الرحمة والحب يخيمان على بيتها الصغير؛ فبعد أمي أحب المطوعة التي وجهتني ونصحتني واحتوتني، فهي لا تريد إلا مصلحتي؛ لذلك أنا أول الحاضرين إلى بيتها، أكنس معها ساحة بيتها الرمليّ الصغير بالعسو، وأرتب الحصير وأفرشه وأجهز المصاحف والمرافع؛ حتى إني أقبّلها على رأسها وبعض الأحيان ألبسها نعلها، هل تعلمون أن المطوعة جليثم فقدت بصرها، ولكنها لم تفقد إحساسها بنا؛ فهي ترانا بقلبها وتعرفنا بأصواتنا دون أن ترانا، وتحفظ القرآن عن ظهر قلب، ولما توفيتْ دعوت لها من كل قلبي وافتقدتها كثيراً، وعندما كبرتُ أحببت أن أكون معلمة مثلها ،وأن أتحلى برقتها وحنانها وصبرها وأتذكر صوتها الهادئ، وكل من عرفها حزن لفراقها، الله يرحمها ويرحم كل من قام على مهنة التعليم.
ورحم كل من علمنا حرفا
شكرا على المرور
تركت ما هو جاري لها من اجر في تعلمتموه منها من قران
فجزاها الله خيراً وجعله في مواين اعمالها وسائر المسلمين