سعت ثلاث مجموعات من الاجتماعات، لنزع فتيل ثلاثة تهديدات واضحة للاقتصاد العالمي، وظهرت الأجواء المشوّقة والمواقف المثيرة وبعض نوبات الغضب العامة في كل هذه التجمعات .
وقد كانت نتائجها متماثلة كذلك، حيث انتهى المشاركون فيها لمجرد شراء الوقت من دون أن يفعلوا الكثير، إن كانوا فعلوا شيئاً أصلاً، للبدء في معالجة الأسباب الكامنة وراء الأزمات التي تتكشف تباعاً .
وفي المناسبة الأولى سافر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى مينسك يوم الأربعاء لإقناع الرئيسين الروسي والأوكراني بوقف العنف المتصاعد في شرق أوكرانيا الذي أودى بحياة نحو 5 ألف شخص؛ وبعد جلسة مفاوضات صعبة استغرقت الليل بطوله اتفقوا يوم الخميس على وقف لإطلاق النار يدخل حيز التنفيذ نهاية الأسبوع .
وفي وقت سابق يوم الأربعاء اجتمع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل في محاولة للتوصل إلى أرضية مشتركة بشأن اليونان، وبعد سبع ساعات من المناقشات لم يكونوا قادرين حتى على التوافق على خريطة طريق مستقبلية لمواصلة المفاوضات .
ولكن ومع قيام وزراء ماليتهم باتخاذ مراكز صعبة وإرسالهم إشارات لا يمكن تجاوزها فيما يبدو خلال التفاوض، كانت أنجيلا ميركل ورئيس وزراء اليونان المنتخب حديثاً، أليكسيس تسيبراس قادرين بعد ذلك على إظهار مواهبهم القيادية وإثبات "جدارتهم للرئاسة" بالفعل .
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي انضم بعض هؤلاء الوزراء لزملائهم في البنوك المركزية في اسطنبول لحضور اجتماعات لمجموعة العشرين، تضمن جدول أعمالها الإجراءات السياسية المطلوبة لتعزيز الاقتصاد العالمي، باستثناء الولايات المتحدة قد بدأ يفقد قوته، وفي البيان الختامي للقمة أكد المشاركون فيها على الالتزامات السابقة وجددوا تشجيعهم للبنوك المركزية لمواصلة انتهاج سياسات نقدية غير تقليدية .
صحيح أنه تم إحراز بعض التقدّم في جميع الاجتماعات الثلاثة، ولكن كل ما فعلته هذه اللقاءات في الأساس هو أنها أجلت التوصل إلى حل نهائي لما ناقشته إلى وقت آخر، وفي أحسن الأحوال فإنها علقت العمليات التي تخاطر بأن ينجم عنها الفشل إذا لم يتم استكمالها بسرعة من خلال اتفاقات أكثر شمولاً .
وهناك شكوك على نطاق واسع حول ما إذا كان الاتفاق الأوكراني لوقف إطلاق النار سيصمد، فالاتفاق الحالي مشابه جداً للآخر السابق له، الذي تم التوصل إليه كذلك بعد مفاوضات صعبة في مينسك، وانهار بعدها .
ولا يزال هناك النذر اليسير جداً من الثقة بين الأطراف المتنازعة، سواء بين القادة السياسيين أو وسط المقاتلين، كما لا يزال هناك افتقار لآليات تتمتع بالمصداقية للتحقق وإنفاذ الاتفاق .
ومن دون بذل جهود أكثر وضوحاً، فسيتم وضع وقف إطلاق النار الحالي بسرعة تحت الضغط وتتم المخاطرة بانهياره، وفي الوقت نفسه ستواصل اقتصادات أوكرانيا وروسيا انهيارها .
أما بالنسبة لليونان، فإن التسوية الناشئة عن الاتفاق تتعلق فقط باحتياجاتها الفورية من التمويل، ولا تزال مواقف الأطراف متباعدة جداً عندما يأتي الأمر للحديث حول كيف ولماذا ومتى ستقوم الحكومة الجديدة بإعادة صياغة التقشف وتعميق الإصلاحات الهيكلية وتخفيف أعباء الديون الإضافية .
ولم يكن اجتماع مجموعة العشرين ملهماً هو الآخر، فهو لم يفشل فقط في التوصل إلى أية سياسات موضوعية، ولكنه انتهى أيضاً لتأييد النهج الذي يعتمد بشكل كبير على تدابير البنوك المركزية، وبالتالي تشجيع البلدان على السعي لخفض قيمة عملاتها ورفع مخاطر الانزلاق إلى حرب عملات عرضية .
وما لم تبرز القيادة السياسية الجريئة التي تعزز ظروف التوصل إلى تسويات معقولة للتوافق على حلول شاملة، فإنها سوف لن تكون إلا مسألة وقت قبل أن تفسح الإنجازات الثلاثة المتواضعة خلال الأسبوع الحالي، المجال لحدوث قدر أكبر من التوتر وعدم الاستقرار الذي سيكون من شأنه تقويض الاقتصاد العالمي أكثر . (بلومبيرغ)