والدي توفي وأريد أن أعرف ما هي الأعمال التي أعملها ليصل ثوابها إليه؟ وهل قراءة القرآن إذا كانت نيته للميت يذهب الأجر إليه، وكذلك العمرة؟
الميت في حاجة إلى الدعاء والصدقة وأحسن ما يفعل مع الميت الدعاء، الدعاء له في ظهر الغيب، الدعاء له والترحم عليه، وسؤال الله -سبحانه- أن يغفر له، وأن يتغمده بالرحمة، وأن يعفو عنه، وأن يرفع درجاته في الجنة، ونحوها من الدعاء الطيب والصدقة كذلك، الصدقة بالنقود بالطعام بالملابس وغير هذا من أنواع المال، كل هذا ينفع الميت، وهكذا الحج عنه وهكذا العمرة عنه،كل هذا ينفع الميت، وإن كان عليه ديون وجب البدار بقضائها من ماله إن كان له مال، وإن كان ما له مال شرع لأوليائه من ذريته وقراباته أن يوفوا عنه، فالوفاء عنه من أعظم الصدقات عليه، كل هذا مطلوب. أما القراءة فلا، لم يأت ما يدل على شرعية ذلك، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القراءة تنفع الميت، ولكن ليس عليه دليل، فالأولى ترك ذلك؛ لأنه ليس هناك دليل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه في أن القراءة تصل إلى الميت، وأنه يقرأ له ويثوب له، هذا ليس له دليل واضح، فالأولى والأفضل والأحوط ترك ذلك، ولكن يدعى للميت، يستغفر له، يترحم عليه، يتصدق عنه بالمال بأنواع المال، يحج عنه يعتمر عنه، يقضى عنه الدين، كل هذا ينفع الميت، ويأجر الله هذا وهذا الميت ينتفع والفاعل من الأحياء يؤجر على ذلك أيضا، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضاً أن رجلاً سأله إن أمي ماتت فلها لها أجر إن تصدقت عنها، قال النبي: (نعم)، فالصدقة عن الميت تنفعه بإجماع المسلمين، وهكذا الدعاء له بإجماع المسلمين ينفعه والله المستعان. والصلاة والصيام، الصلاة ما هي مشروعة، لا يصلى على الميت، لم يشرع هذا، وهكذا القراءة. أما الصيام فإذا كان عليه صوم يصام عنه، مات وعليه صيام بأن فرط عليه صيام ولم يصم يصوم عنه أوليائه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، فيصوم عنه ولده من ذكر أو أنثى أو زوجته أو غيرهما من قراباته، هذا طيب وينفع الميت، وقد سأل جماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أنواع من الصوم فأجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أرأيتم لو كان على فلان دين أكنت قضايه عنه فالله أحق بالوفاء)، فشبهه بالدين سواء كان صوم رمضان أو كفارة أو نذر كله يصام عن هذا على الصحيح، ولو كان صوم رمضان ولو كان صوم كفارة، وقال بعض أهل العلم: إنما يصام عنه النذر خاصة، ولكن هذا قول ضعيف والأحاديث الصحيحة تدل على خلافه، الأحاديث الصحيحة دالة على أنه يصام عنه حتى رمضان ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، أخرجه الشيخان في الصحيحين، وفي الصحيح عن عدة من الصحابة أنهم سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن مات وعليه صوم شهر، وبعضهم قال صوم شهرين أنصوم عنه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا عنه)، فشبهه بالدين ولم يستفصل هل هو رمضان هل هو كفارة هل هو نذر، فدل ذلك على أن الأمر عام، يعم الكفارة ويعم النذر ويعم رمضان. وفي مسند أحمد بسند جيد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفصوم عنها، قال: (صومي عنك أمك، أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضيته، فاقض فالله أحق بالوفاء)، وهذا صريح في رمضان وإسناده قوي وجيد. أما إذا كان الميت ما فرط يعني مات في مرضه، فهذا لا صوم عليه عند عامة أهل العلم عند جمهور العلم، لا يقضى عنه صوم، ولا يطعم عنه؛ لأنه غير مفرط، معذور، لأن الله قال: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 185]، أي الذي توفي في مرضه ما أدرك أياماً أخر، معذور ليس عليه صيام، وليس عليه إطعام، يعني ليس على ورثته إطعام ولا صيام .