عمل الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز –رحمه الله تعالى- على السعي نحو لم شمل الأمة العربية، انطلاقًا من كون الاتحاد والتضامن العربي يُعد ركيزة أساسية لمواجهة أي تحديات، وسط تأكيدات بسير الملك سلمان على نهج سابقه، إدراكًا من سياسة الأسرة المالكة وإيمانها بأهمية لم الشمل العربي، وهو ما يؤكده خبراء رأوا أن السياسة السعودية راسخة وثابتة ما يعني أن وفاة الملك لن تشكل أي عجز في تلك السياسة.
ويلفت وزير خارجية مصر الأسبق محمد العرابي، إلى أن سياسة المملكة العربية السعودية راسخة وثابتة، كما أنها تقوم على أسس ومبادئ معروفة للجميع، ومن ثمّ فإن غياب المغفور له –بإذن الله تعالى- الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لن يشكل أي عجز في الإدارة السعودية، متوقعًا استمرار ما سمّاه بـ«السياسة الجريئة والصامدة» التي تتبعها المملكة، فضلًا عن استمرار الدور السعودي القوي بالمنطقة، لافتًا إلى أن الملك سلمان كان شريكًا في الحكم أيضًا خلال الفترة السابقة.
ويردف العرابي في تصريحات لـ«البيان»: لدينا ثقة كبيرة جدًا في القيادتين المصرية والسعودية؛ فالطرفان يشكلان محورًا مهمًا في السياسة الدولية، لاسيما في ملف محاربة الإرهاب، في الوقت الذي توقع فيه زيارة قريبة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الملك سلمان عقب انتهاء مراسم الحداد والعزاء، لاستيضاح الرؤية والتأكيد على ما تم الاتفاق عليه مع الراحل الملك عبدالله في شتى الملفات.
محورية الدور
وبحسب مراقبين، فإن محورية دور المملكة العربية السعودية تجعلها محط الأنظار دائمًا، وأي تغير سياسي فيها يدفع باهتمام الجميع، غير أن المملكة لها سياسة ثابتة ومستقرة تعمل من خلالها، رسمت بعناية تامة، ليواصل أبناء الأسرة المالكة مُهمتهم المتصلة جيلًا بعد جيل.
إلى ذلك، يذكر مستشار وزير التخطيط المصري مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي، لـ«البيان»، أن هناك العديد من التحديات التي تلف المملكة العربية السعودية، والمنطقة العربية بصفة عامة، ما يعني أن هناك حملًا ثقيلًا يواجه الملك سلمان، خلفًا للملك عبدالله بن عبدالعزيز، مشيرًا إلى أن كل تلك التحديات تدعو أكثر إلى لم الشمل والسير على خطى الملك عبدالله، فلا مفر من الاتحاد والتضامن العربي، وهو ما كان يدعو إليه دائمًا الملك.
ويتابع قائلًا: «لا أعتقد أنه يمكن أن تتغير السياسة السعودية، فهي سياسة مستمرة منذ مؤسس المملكة، وكل من خلفه يسيرون على نهجه»، موضحًا أن التهديدات الأمنية كبيرة، وتجعل من الأمة في خطر، ويجب استمرار تكاتف مصر والمملكة بكل قوة من أجل مواجهة تلك الأخطار، وهو ما يؤمن به الملك سلمان، الذي كان مشاركاً في السياسة طيلة السنوات الماضية، وسوف ينفذ ما تم الاتفاق عليه من سياسة معينة داخل الأسرة المالكة.
ويُراهن محللون على التعاون السعودي المصري على وجه التحديد، والتعاون المصري الخليجي بصفة عامة من أجل مواجهة التحديات المستقبلية التي قد تشهدها المنطقة في ضوء تلك التغيرات والتطورات السياسية الحالية.
وحول ما إذا كانت التغيرات التي شهدتها المملكة قد تدفع بتأثيرات على الوضع الأمني والعسكري في المنطقة، يتحدث المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء حسام سويلم، لـ«البيان»، مؤكدًا أن نظام الحكم في المملكة العربية السعودية متماسك جدًا..
وبالتالي فالأمور لن تتغير، لاسيما أن النظام لا يواجه أي مشكلات داخلية، غير أن المملكة سوف تواجه جملة من التحديات الصعبة خلال الفترة المقبلة، تتطلب وقوف مصر ودول الخليج جميعها معها، لاسيما بعد سقوط اليمن في فخ الأزمات المدفوعة من قبل الجانب الإيراني، ومن ثم فمن الضروري وجود تحالف استراتيجي قوي وفاعل وواضح المعالم بين مصر والسعودية وبين دول الخليج ككل لردع إيران وإيقاف خطرها على المملكة والمنطقة بشكل عام.
تحديات
بدوره، يُقسِّم أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية د. سعد الدين إبراهيم، التحديات التي تواجه المملكة العربية السعودية، إلى قسمين، الأول هو ما يتعلق بالتحديات المباشرة والقريبة، والتي يعد أهمها ملف مكافحة الإرهاب، مؤكدًا أنه من خلال التعاون بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، سيتم ضبط الأحداث في المنطقة، عبر القضاء على الإرهاب، وذلك يتطلب إرادة صلبة وقوية.
أما الشق الثاني من التحديات، فيتعلق، وفق ما يؤكده إبراهيم بالتحديات غير المباشرة وطويلة الأمد، مثل موقف ودور المملكة من القضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي، لافتًا إلى أنه يؤمن أن الملك سلمان بن عبدالعزيز، سوف يكون خير خلف لخير سلف، وسوف يُكمل مسيرة الملك الراحل، ويسير على نهجه.