وأشار الخبراء إلى أن البنوك الإماراتية تمكنت خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024 من تحقيق أقوى نمو في صافي أرباحها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، مؤكدين نظرتهم الإيجابية حيال نشاط الإقراض في الإمارات، ومتوقعين نمو محفظة القروض في القطاع بنسبة 10.8 ٪ مع نهاية السنة المالية 2024 و10.3 ٪ مع نهاية السنة المالية2020.
وأضاف الخبراء أن القطاع المصرفي نجح في جني ثمار التنوع والاستقرار الاقتصادي الذي انعكس انخفاضاً في حجم مخصصات القروض المتعثرة، ما جعل الدولة بيئة خصبة لنمو أرباح البنوك.
وبحسب بيانات مصرف الإمارات المركزي فقد ارتفعت أصول البنوك بنسبة 10 % خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، لتصل إلى 2,31 تريليون درهم، وبذلك يكون القطاع المصرفي في الإمارات هو الأضخم حالياً على مستوى المنطقة.
وحقق القطاع المصرفي في الإمارات انتعاشاً قوياً في عام 2024 انعكس على نمو أرباح البنوك وارتفاع في حجم الأصول المصرفية، وخير دليل على ذلك النتائج المالية القوية التي حققتها البنوك العاملة في الدولة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2024.
ويتوقع خبراء أن ينمو القطاع المصرفي – الذي تصل نسبة القروض إلى الودائع فيه حالياً إلى 97.7% – بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 25%، بعد الإعلان عن نتائج الربع الأخير من 2024. كما ستسعى البنوك هذا العام لمواكبة التطورات التقنية المتسارعة، خصوصاً بعد أن أصبح العميل العامل الأهم في قيادة عجلة التطور الرقمي في القطاع المصرفي في القرن الواحد والعشرين.
تفاؤل قوي
وعبّر أحمد المرزوقي، مدير عام الخدمات المصرفية للأفراد في بنك الإمارات دبي الوطني عن توقعاته المتفائلة بشأن أداء البنوك العاملة في الدولة في عام2020، لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية المواتية للغاية، مدعومة بتسارع وتيرة النمو في القطاعات غير النفطية بشكل ملحوظ وانخفاض أسعار الفائدة.
وأضاف: «سيستمر القطاع المصرفي في تحقيق معدلات نمو ثابتــــــة، لاسيما في ظل توافر السيولة الكافية لدى البنوك والتي ستمكنها من تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني. ومن جانب آخر، نتوقع أن يشهد عام2020 وما يليه تسجيل نمو ملحوظ في معدلات السيولة والأصول المصرفية والربحية».
خطى ثابتة
وأكّد المرزوقي أن القطاع المصرفي المحلي يسير بخطى ثابتة بعيداً عن التحديات التي يفرضها الاقتصاد العالمي المضطرب، خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اتجاهات النمو الحالية لاقتصاد الدولة. أضاف: «إن الأهمية المتزايدة التي يحظى بها سوق الإمارات على المستوى العالمي تحتم على جميع البنوك المحلية أن تعمل بشكل أو بآخر ضمن البيئة الاقتصادية الخارجية.
ومع ذلك، عززت وحدات إدارة المخاطر في البنوك من إجراءاتها الاحترازية في أعقاب الأزمة المالية التي شهدها العالم في عام 2024، وباتت البنوك أكثر حذراً في أنشطة الإقراض سعياً منها إلى توظيف الأموال بالشكل الأمثل. لا نعتقد بأننا سنرى وضعاً مماثلاً لما حدث في أوقات ما قبل الأزمة، وعلى الرغم من ذلك نحن بحاجة إلى أن نكون حذرين لكي نمنع تكرار أخطاء الماضي».
المعلومات الائتمانية
وقال المرزوقي إنه وانطلاقاً من م
كانته الرائدة كأكبر بنك للتجزئة في الدولة يمتلك قاعدة من العملاء تتخطى المليون عميل، كان بنك الإمارات دبي الوطني من البنوك القلائل التي أسهمت في إطلاق شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية.
وأضاف: «نؤمن بأن إنشاء شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية يعتبر معلماً مهماً في مسيرة تطوير الخدمات المصرفية للأفراد في الإمارات، من خلال إتاحة الفرصة للبنوك للحصول على فهم أفضل لعملائها، وبالتالي تفادي المخاطر الناجمة عن الإقراض المفرط.
كما ستمكن هذه المبادرة العملاء الذين يمتلكون تاريخاً ائتمانياً سليماً من الحصول على أسعار فائدة تفضيلية على القروض وغيرها من المنتجات المصرفية الأخرى».
أرباح صحية
من جانبه، وصف تيموجين انجين المدير المشارك لشؤون المؤسسات المالية في وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني ربحية القطاع المصرفي الإماراتي خلال 2024 بأنها «صحية»، متوقعاً أن يصل نمو الائتمان إلى نحو 10٪ في نهاية العام 2024.
وأضاف انجين: «النظام المصرفي في الدولة يتمتع بظروف سيولة قوية. وفي ظل انخفاض أسعار الفائدة وتنافسية الأسعار في سوق إقراض الشركات، لا تزال معظم بنوك الإمارات تشهد بعض الانخفاض الإضافي في صافي هوامش الفائدة الخاصة بها. ومع ذلك، كان ذلك الانخفاض متوازناً مع الانخفاض المستمر في مستوى القروض المتعثرة في البنوك.
ونلاحظ أن هنالك تحسناً مستمراً كذلك في نوعية أصول البنوك الكبرى، وخصوصاً في دبي التي تزامن فيها تعزّز أداء القطاع العقاري وأسعار الأسهم لترتفع بالنتيجة قيمة الضمانات التي تحتفظ بها البنوك مقابل القروض المتعثرة، ليثمر ذلك بيئة مصرفية أقدر على خفض نسب القروض المتعثرة».
تحسن الأداء
وقال ياب ماير مدير قسم أبحاث الأسهم في أرقام كابيتال إن البنوك الإماراتية شهدت خلال 2024 تحسناً قوياً جداً في أرباحها، مواصلة وتيرة ارتفاعها بنسبة قوية بلغت 31% على أساس سنوي خلال الربع الثالث، مقارنة مع 23% خلال الربع الثاني و20% خلال الربع الأول، مدعومة بالنمو القوي في الأنشطة التجارية (4.3% خلال الربع الثالث رغم التأثيرات الطبيعية لشهر رمضان وإجازة الصيف) .
واستقرار هوامش صافي الفوائد وسط استمرار جهود التنويع الاقتصادي وتحسن مزيج الودائع والزيادة القوية في الدخل من الرسوم والمكاسب الرأسمالية وتحسن كفاءة الأداء وانخفاض مخصصات خسائر القروض مع استمرار التحسن في نسب التغطية واستقرار مستوى القروض المتعثرة.
تحولات رئيسة
وأضاف ماير أن العودة إلى النمو، وتحسن جودة الأصول وقيمة الضمانات، وانخفاض تكاليف التمويل مع تحسن مزيج الودائع والسيولة في النظام المصرفي، كانت أبرز التغيرات أو التحولات التي شهدها القطاع المصرفي بدولة الإمارات خلال العام الجاري، وبعبارة أخرى، فإن البنوك الإماراتية تشهد تحسناً على مختلف الأصعدة، وقد سجلت أقوى نمو في صافي أرباحها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
تحديات المرحلة
وحو أبرز التحديات التي قد يواجهها القطاع المصرفي خلال الفترة المقبلة قال ماير إنها تتلخص في احتمال انخفاض الفائض في ميزانية الدولة، وبالتالي انخفاض معدل ضخ الودائع في النظام المصرفي، ما قد يقود إلى تباطؤ نمو أنشطة التمويل وانحسار حجم الائتمان المتاح للقطاع الخاص.
كما نتوقع أيضاً اتخاذ بعض تدابير التقشف التي سيتم تنفيذها، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الرسوم، وارتفاع أسعار الطاقة للمستهلكين وقطاع الشركات، ما قد ينجم عنه تباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي والذي قد يؤثر في أرباح الشركات العاملة في قطاعات كثيفة استهلاك الطاقة.
ومن بين السبل الأخرى التي قد تلجأ إليها الحكومات لتمويل عجزها، الاستفادة من أسواق الدين، وهنا يمكن أن تمثل السندات الحكومية الخيار الاستثماري الأمثل بالنسبة إلى البنوك، بالنظر إلى أن هذه السندات تعتبر أصولاً سائلة وفقاً لقواعد السيولة الجديدة.
وأضاف ماير: نؤكد نظرتنا الإيجابية كذلك حيال نشاط الإقراض في الإمارات، ونتوقع نمو محفظة القروض في القطاع بنسبة 10.8 ٪ مع نهاية السنة المالية 2024 و10.3٪ مع نهاية السنة المالية2020».
محطات تقنية
وتقوم البنوك العاملة في الدولة في هذه الآونة بالتنسيق مع المصرف المركزي لتعديل وتطوير عدد من القوانين والتشريعات الخاصة بالقطاع، خصوصاً في ما يخص الصيرفة الإلكترونية ومواكبة التطور التكنولوجي.
وقال عارف الرملي، رئيس الخدمات المصرفية الإلكترونية والابتكار في المشرق إن عام 2024 كان عام استثمار البنوك في التقنيات الحديثة بهدف رفع مستوى خدمة العملاء في المقام الأول.
وأضاف: «نعتقد بأنه ما يزال هنالك مساحة كبيرة لتحسين خدمات الصيرفة الذكية في الدولة، وعلى البنوك بذل المزيد من الجهود لدمج عدد أكبر من المستهلكين في الخدمات الذكية، وعلى الرغم من أن اختراق الهواتف الذكية في الدولة كبير جداً، إلا أن تردد المستهلكين على الفروع أو الإنترنت ما زال أكبر».
ولفت الرملي إلى أن أهم خمس تقنيات في القطاع المصرفي هذا العام كانت مشروع المحفظة الذكية، واستخدام هوية دولة الإمارات من قبل البنوك، وإطلاق خدمة المعاملات الإلكترونية «e-forms»، واستبدال الورق في عملية فتح الحساب.
وإدخال المعلومات الائتمانية التي ستغير تماماً في المستقبل طريقة اكتساب العملاء والاحتفاظ بهم، وأخيراً البنية التحتية الرقمية داخل فروع البنك وإنشاء واجهات جذابة للعملاء، وتعطيل الوسائل التقليدية في قطاع الخدمات المصرفية للأفراد.
ولفت الرملي إلى أن أهم التحديات الكبرى التي تنتظر قطاع المصارف هي تكيف العملاء مع أحدث التقنيات بشكل يومي وضمان تنفيذ طلبات العملاء وتمكينهم من تنفيذ معاملاتهم في منصات آمنة ومضمونة.
والاستمرار في مراقبة سلوك العملاء لضـــمان مواءمة ذلك مع ما هو مــــعروض. وتعزيز نمط حياة العميل بأحدث التقنيات وجعلها واضحة، وذلك من خلال تعزيز تجربة المستخدم لزيادة الاعتماد على القنوات الإلكترونية الجديدة.
بنوك الدولة
يضم القطاع المصرفي العامل في دولة الإمارات في الوقت الراهن 23 بنكاً من البنوك التجارية الوطنية، و6 بنوك من منطقة دول مجلس التعاون، فضلاً عن 22 بنكاً من مناطق أخرى من العالم، بالإضافة إلى أربعة بنوك تقدم خدماتها للمؤسسات الكبرى وكبار العملاء، و122 مكتباً تمثيلياً لبنوك أجنبية.
ولدى دولة الإمارات حالياً 8 بنوك إسلامية يبلغ إجمالي أصولها 402 مليار درهم، وإجمالي ودائعها 278 مليار درهم، ما يمثل 17.4 % و19.7 % على التوالي من إجمالي القطاع المصرفي. وبلغت نسبة كفاية رأس المال في القطاع بنهاية الربع الثالث 18 %، ونسبة الشق الأول من رأس المال 16% ، وهي نسب تزيد على الحد الأدنى للمتطلبات الرقابية البالغة 12 % و8% على التوالي.
أسهم القطاع المصرفي تحرك الأسواق
توقع تقرير لـ«مباشر تريد» أن يسهم الأداء القوي للبنوك في تحسين عوائد الأسهم خلال2020. وحسب توقعات السوق لأرباح بنوك الإمارات فمن المحتمل أن يبلغ معدل نمو اسهم قطاع البنوك 10% مع عدم تغير رؤية السوق لمضاعفات ربحية القطاع الحالية. وأضاف التقرير أن بنوك الإمارات تمتعت برسملة جيدة، بمــــتوسط كفاءة رأس المال عند 20.38٪ في الربع الثالث من 2024.
ويأتي هذا أعلى من مستوى كفاءة رأس المال عند 19% في 2024، وأعلى بكثير من الحد الأدنى لمتطلبات مصرف الإمارات المركزي من 12٪، ويوفر ذلك للبنوك قاعدة رأسمالية قوية لتمويل التوسعات المستقبلية كلما سنحت الفرص.
وذكر خبراء مؤخراً أن السيولة القوية التي تتمتع بها البنوك الوطنية في الدولة تجعلها مستعدة وفي موقف قوي للتوافق مع متطلبات اتفاقية بازل 3، متوقعين في الوقت نفسه أن تواصل مصارف المنطقة العمل على تحسين مستويات الســـيولة لديها، من خلال إصدار أدوات ائتمانية من الدرجة الأولى.
بهدف تنويع مصادر التمـــــويل لديها والحد من درجة اعتمادها على الاقتراض بين المصارف، وذلك أثناء التطبيق التدريجي لبنود الاتفاقية التي من المقرر أن تدخل حيز التنـــــفيذ بشكل نهائي في جميع دول العالم 2024.
وإلى الآن لم يعلن مصرف الإمارات المركزي بعد عن ضوابطه الخاصة باتفاقية بازل 3، ولذا فمن من الصعب تحديد التأثير المحتمل للاتفاقية في القطاع المصرفي في الإمــــارات، وخصوصاً المصارف الإسلامية.