وأشاروا إلى تنوع المناطق الجغرافية لمحفظة شركاته يعزز قدرته على امتصاص الضغوط الناتجة عن تراجع النمو في إحدى المناطق من خلال استهداف الشركات العاملة في المناطق التي تنتعش فيها اقتصادات دولها، وأكدوا أن المركز يعمل بشكل دائم ومنتظم على تعديل محاور اهتماماته الاستراتيجية وأنشطته وفقاً لتغير خارطة مراكز النمو في العالم، بما يجعلها تنسجم مع حركة التغييرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
ويُذكر في هذا السياق أن مركز دبي المالي العالمي يعُد بوابة المال والأعمال التي تربط بين أسواق منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا بأسواق أوروبا وآسيا والأميركتين، حيث يسهم في تعزيز النمو التجاري والاستثماري بين بلدان الجنوب.
كما يعتبر المركز منطقة مالية عالمية حرة، إذ يوفر منصة آمنة ومتكاملة للمؤسسات المالية من أجل تطوير أعمالها التجارية، ويوفر المركز العناصر الأكثر نجاحاً ضمن منظومات القطاع المالي بما في ذلك هيئة تنظيمية مستقلة، ونظام قضائي مستقل يستند إلى إطار القانون العام المعتمد في المركز، ونظام صرف عالمي للعملات، وبنية تحتية متكاملة، فضلاً عن خدمات الدعم الفعالة ومجتمع حيوي من الشركات.
وتشتمل البنية التحتية لمنطقة المركز على مساحات مكتبية متطورة، ومتاجر للتجزئة، ومقاهٍ ومطاعم، ومعارض فنية، وشقق سكنية، وفنادق ومساحات خضراء للجمهور.
ويحتضن المركز حالياً أكثر من 1225 شركة مسجلة نشطة بما فيها 21 من أفضل 25 مصرفاً عالمياً، و11 من أفضل 20 مديراً للأصول في العالم، و7 من أكبر 10 شركات للتأمين، و9 من أكبر 10 شركات المحاماة، ويعمل في المركز حوالي 18 ألف موظف.
التواؤم مع التغييرات
وفي هذا السياق، قيّم عيسى كاظم، محافظ مركز دبي المالي العالمي ورئيس مجلس إدارة سلطة مركز دبي المالي العالمي، تأثير تراجع أسعار النفط وانخفاض سعر صرف العملة الأوروبية مقابل العملات الرئيسية في العالم، على شهية الشركات والمؤسسات المالية للقدوم للعمل انطلاقا من مركز دبي المالي العالمي، بأن مضاعفات هذه التحديات لم تؤثر مطلقاً على شهية الشركات للقدوم إلى مركز دبي المالي العالمي، مقدراً بأن المشاكل النقدية والمالية والاقتصادية الناجمة عن تقلبات أسعار صرف في العالم، وانخفاض سعر النفط، لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى مستوى الحدة الذي كانت عليه الأزمة المالية العالمية في العام 2024.
وأشار كاظم إلى أن الاقتصاد العالمي يمر في الوقت الحالي بتغيرات كبيرة، يستلزم معها أن يقوم مركز دبي المالي العالمي بتعديل محاور اهتماماته وأنشطته، بما يجعلها متوائمة مع حركة التغييرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن والتي تتجلي أبرز مؤشراتها في تراجع معدلات نمو اقتصادات بعض المناطق جراء تعرضها لمضاعفات المشاكل والازمات المالية والاقتصادية المُثارة في الوقت الحالي، فيما تنتعش اقتصادات مناطق أخرى من العالم، مُسجلة معدلات نمو كبيرة.
وأضاف قائلاً : «هذا الوضع من شأنه أن يحفز المركز على تعديل محاور اهتماماته الاستراتيجية وأنشطته وفقا لتغير خارطة مراكز النمو في العالم، بما يجعلها تنسجم مع حركة التغييرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتي يأتها في صدارتها تحول مركز الثقل الاقتصادي من الغرب إلى الشرق».
بوابة مثالية
ومن جانبه أكد عارف أميري، نائب الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي أن المركز صار بوابة مثالية للوصول إلى ثروات إقليمية تُقدر بتريليونات الدولارات، من خلال توفيره بيئة متكاملة من المصارف والشركات المالية وشركات الخدمات المساندة لتمكين الشركات الإقليمية والعالمية من تلبية احتياجات المنطقة في مجالات إدارة الأصول والخدمات المصرفية الخاصة وإدارة الثروات.
وأوضح أن المركز سيعمل خلال السنوات العشر المُقبلة ليس فقط كبوابة تربط الشرق بالغرب، ولكن كذلك كجسر يربط الأسواق الصاعدة في المنطقة بالأسواق المتطورة في أوروبا وآسيا وأميركا، وهو ما يعني أن المركز ليس بوابة تربط فحسب بين الشرق والغرب، ولكنه يخدم كذلك كجسر يُسهل تدفق المبادلات التجارية بين دول الجنوب على امتداد مناطق الشرق الأوسط وافريقيا وآسيا.
وقدر بأن التحدي الرئيسي الذي يواجه صناعة الخدمات المالية يكمن في تحديد السوق الذي يوفر لها أفضل الخدمات بما يلبي احتياجاتها وطلباتها، مشيراً إلى البروز المتزايد لنموذج عمل مفضل لمزودي الخدمات المالية يستند على التواجد بشكل قريب مع العملاء الإقليميين، بما يمكنهم من التعرف على احتياجاتهم، وتقديم الخدمات التي تتناسب مع طلباتهم.
ولفت إلى أن المركز حرص على مدى السنوات العشر الماضية على الاستماع إلى عملائه من الشركات التي اتخذته مقراً لعملياتها وأنشطتها، بهدف التعرف على آرائها واحتياجاتها، بغرض تحويلها إلى حزم جديدة من الخدمات والبنى التحتية والقواعد واللوائح التنظيمية، مشيراً إلى أن المركز يعمل مع نظائره من المراكز المالية حول العالم بغرض تسهيل الأنشطة والخدمات المالية العابرة للحدود.
ويُذكر أن مركز دبي المالي العالمي يمنح ترخيصاً لشركة جديدة في كل يوم عمل من عام 2024، ويعد ذلك ثاني أفضل أداء للمركز على هذا الصعيد بعد عام 2024 الذي شهد أكبر معدل لتسجيل تراخيص الشركات الجديدة. ومن أصل 1225 شركة نشطة في عام 2024، كانت هناك 362 شركة للخدمات المالية مقارنة مع 327 شركة في عام 2024، أي بزيادة قدرها 11%؛ و682 شركة للخدمات غير المالية (بالإضافة إلى 10 شركات حصلت على موافقة مبدئية بنهاية عام 2024) مقارنة مع 565 شركة في عام 2024، أي بزيادة نسبتها 21% .
التحوط الطبيعي ضد المخاطر
وفي السياق ذاته، قيّم شيراغ شاه، الرئيس التنفيذي للشؤون الاستراتيجية وتطوير الأعمال في سلطة مركز دبي المالي العالمي تأثير انخفاض أسعار النفط وتراجع سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة على شهية الشركات والمؤسسات المالية للقدوم إلى مركز دبي المالي العالمي، بأن طلب الشركات والمؤسسات على التواجد في مركز دبي المالي العالمي لم يتأثر بانخفاض أسعار النفط وتقلبات أسعار صرف العملات.
حيث ما زال هذا الطلب يتسم بالقوة، المدعومة بحقيقة أن المركز يوفر منظومة خدمات بالغة التقدم والرقي والتي لا تستهدف فحسب اقتصادات الدول المعتمدة على الصادرات النفطية، وإنما تستهدف كذلك الاقتصادات الواقعة في مناطق جنوب وشرق آسيا، بما في ذلك الهند والصين، وهي اقتصادات مستوردة للنفط، وتجني بذلك مكاسب من انخفاض أسعار النفط، وهو وضع من شأنه ان يعزز قدرة المركز على التحوط ضد المخاطر الناشئة عن تراجع النمو في بعض المناطق.
حيث يتم تعويض هذا التراجع، بصعود الطلب من جانب الشركات والمؤسسات المالية القادمة من مناطق تشهد صعوداً في معدلات نموها الاقتصادي. وأكد شيراغ أن مركز دبي المالي بات في وضع يؤهله بشكل طبيعي لأن يحد من مضاعفات المخاطر الناجمة عن ما قد تشهده بعض المنطق والدول من مشاكل اقتصادية ومالية، من خلال اغتنامه فرص ارتفاع معدلات نمو اقتصادات دول ومناطق اخرى، بحكم تنوع وتعدد الأسواق والمناطق التي تغطيها خدماته.
ودلل على ذلك بإشاراته إلى تراجع حصة الشركات الأوروبية من إجمالي أعداد الشركات المُسجلة في مركز دبي المالي، من نسبة قوامها 60 % خلال السنوات الأولى من عمر المركز إلى معدل نسبته 50 % تقريبا في الوقت الراهن، فيما زادت حصة الشركات القادمة من منطقة الشرق الوسط وشمال إفريقيا وشرق وجنوب آسيا، مؤكداً أن المركز بات الآن يتمتع بقدرات طبيعية تؤهله للتحوط ضد المخاطر الناشئة عن المشاكل المالية والاقتصادية ببعديها الإقليمي والعالمي من خلال امتلاكه محفظة من الشركات والمؤسسات القادمة من مختلف مناطق العالم.
دوام العاملين
قال شيراغ شاه: إن سلطة مركز دبي المالي لا تفرض أية توقيتات لدوام العاملين على الشركات العاملة فيه، حيث ان تحديد هذه التوقيتات مسألة تعود كلياً إلى الشركات التي تتمتع بالحرية الكاملة في تحديد مواعيد حضور وانصراف عامليها، وتحديد أيام العطلات، ولكن ابنية ومرافق المركز مفتوحة على مدار اليوم وطوال أيام الأسبوع، مما يتيح للشركات فرصة تحديد مواعيد العمل التي تتناسب مع طبيعة أنشطتها وأعمالها.
وأشارت النتائج الأخيرة لأداء مركز دبي المالي العالمي إلى ارتفاع إجمالي القوة العاملة في المركز بنسبة 14% ليصل إلى 17,860 موظفاً خلال عام 2024 مقارنة مع 15,600 موظفاً في عام 2024. حيث ارتفع إجمالي عدد الوظائف المضافة خلال عام 2024 بنسبة 42% مقارنةً بعام 2024
أطلقت سلطة دبي للخدمات المالية ما يقارب من 62 إنذاراً، خلال الفترة الممتدة من عام 2024 وحتى نهاية شهر فبراير من العام الجاري، تحذر عبرها الشركات المسجلة في مركز دبي المالي العالمي، من عمليات غش واحتيال تستخدم فيها تقنيات وأساليب بالغة التقدم والحداثة لانتحال صفات وأسماء حقيقية لشركات ومستثمرين، ووصلت هذه الإنذارات إلى ذروتها في العام 2024، بوصول عددها الإجمالي إلى 18 إنذاراً، بزيادة قدرها 3 إنذارات مقارنة بالعام السابق عليه، الذي شهد توجيه إنذارات بلغ عددها 15 إنذاراً.
وأفادت بيانات السلطة أنه تم توجيه إنذار واحد خلال الفترة الممتدة منذ بداية العام وحتى نهاية شهر فبراير.
واشتملت الجرائم التي تم التحذير بشأنها، عمليات نصب الدفع المسبق، وهي عميات تهدف إلى إقناع شخص معين بإرسال مبلغ من المال، مقابل إرسال مبلغ ضخم من المال له في ما بعد، من خلال إطلاق المحتالين مواقع وهمية ومزيفة على شبكة الإنترنت، يروجون عبرها لصناديق استثمارية ومنتجات مالية، ذات عوائد مغرية، بهدف إقناع المستثمرين بالاكتتاب والمشاركة فيها، مقابل، تقديم إيداعات مالية، ولكن يتبين للمستثمرين أنهم وقعوا في براثن عمليات احتيال وغش، تديرها عصابات دولية منظمة، إلى جانب «مكالمات الاستدراج الهاتفية»، وهي عبارة عن اتصالات صادرة عن أشخاص غير معروفين عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف أو الفاكس يقومون بتقديم عروض منتجات وخدمات ليست محل طلب مسبق، بغرض الإيقاع بضحاياهم في مستهل اتصالهم بهم.
أشكال جرائم الاحتيال
كما اشتملت الجرائم التي وجهت سلطة دبي للخدمات المالية إنذارات بشأنها رسائل البريد الإلكتروني المصرفية المزيفة، التي يدعي فيها راسلها بأنها صادرة عن مصرف أو شركة بطاقات ائتمانية أو مزود خدمات، ويطلب الراسل الإفادة بتفاصيل الحساب المصرفي وأحياناً رقم التعريف الشخصي، من خلال موقع على شبكة الإنترنت أو الإيميل المسروق.
تبرر تلك الرسائل طلبها للمعلومات بذكرها ذرائع عديدة، منها القيام بأعمال التطوير والصيانة أو التحري عن مخالفات أو إجراء دراسة مسحية أو ودفع رسوم وفواتير مستحقة، وتبدو تلك الرسائل كما لو كانت حقيقية، من خلال استخدام أسماء أشخاص حقيقيين وعلامات تجارية وشعارات حقيقية، وإرسال روابط لصفحات موجودة علي موقع إلكتروني حقيقي، فضلاً عن استخدام موقع يبدو حقيقياً، حيث يكون من السهل استنساخ وتحميل رسائل حقيقية إلى العناوين المزيفة الجديدة.
وتضمنت كذلك قائمة الجرائم التي أصدرت سلطة دبي للخدمات المالية بشأنها إنذارات، قيام المحتالين بالإعلان عن بيع أسهم بأسعار بخسة إلى مستثمرين، بهدف الاستيلاء على الأموال والهروب بها.
التوعية وسيلة ناجعة
وقال إيان جونستون الرئيس التنفيذي لسلطة دبي للخدمات: تتخذ السلطة كل الأفعال والتدابير الممكنة لمكافحة جرائم الاحتيال المالي ووقف المحتالين، الذين يستهدفون مركز دبي المالي أو يستخدمون المركز لدعم جرائمهم الاحتيالية، وتنشر السلطة في موقعها على الإنترنت تحذيرات بشأن أشكال الاحتيال المالي والاستثماري الأكثر حداثة، التي تؤثر في مركز دبي المالي والمستهلكين والمستثمرين، حيث تمثل التوعية الوسيلة الناجعة والفعالة في التقليل من تأثيرات هذه التهديدات، وذلك بالنظر إلى أن الكثير من المحتالين مازالوا مجهولين وبعيدين عن متناول السلطات التنفيذية والتنظيمية.
وأضاف: تحث السلطة على ضرورة الاتصال بها في أسرع وقت ممكن إذا ما كانت هناك معلومات متوافرة، بشأن تدبير أعمال احتيالية (في ومن وعبر) مركز دبي المالي العالمي أو أعمال احتيالية تنتحل اسم مركز دبي المالي العالمي، وسلطة مركز دبي للخدمات المالية أو أشخاص ذي صلة بمركز دبي المالي العالمي أو سلطة دبي للخدمات المالية.
وأوضح أن توجيه هذه الإنذارات، يهدف إلى منع السلوك الذي يسبب أو قد يسبب الضرر لسمعة مركز دبي المالي العالمي أو قطاع الخدمات المالية في مركز دبي المالي العالمي والكشف عنه، والحد منه من خلال وسائل مناسبة، وحماية المستخدمين المباشرين وغير المباشرين.