“صندوق النقد”: الإمارات قادرة على إدارة تراجع أسعار النفط
الخليج
حافظ صندوق النقد الدولي على توقعات النمو لاقتصاد الإمارات عند 25 .4% في العام الجاري، وعلى تفاؤله بنمو موازٍ في العام المقبل، وذلك على الرغم من تراجع اسعار النفط العالمية بنحو 20% خلال الأشهر الثلاثة الماضية .
قال هارالد فينغر رئيس بعثة الصندوق في الإمارات في حوار مع "الخليج" في ختام زيارته للدولة، إن الاقتصاد غير النفطي يعد داعماً قوياً للنمو في الإمارات، مع توقعات بحفاظ الناتج المحلي غير النفطي للدولة على معدل نمو 5 .5% للعامين الجاري والمقبل. وأضاف أن المشاريع الحكومية في أبوظبي تدعم النمو، وكذلك التوسع في أداء القطاع الخاص في دبي والنشاط القوي على مستوى العديد من القطاعات الاقتصادية في الإمارة .
وقال: "واصل الاقتصاد تعافيه القوي، يدعمه النشاط في قطاعات البناء والخدمات اللوجستية والضيافة . ولا يزال النمو مرتكزاً على استمرار إقامة المشروعات العامة في أبوظبي وقوة قطاعات الخدمات في دبي . وقد استمر التراجع في نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الهيدروكربوني، نظراً لوفرة العرض في سوق النفط العالمية .
وأبدى تفاؤله حيال قدرة الإمارات على إدارة التراجع في أسعار النفط، قائلاً إن الدولة بدأت حتى قبل التراجع في أسعار النفط العالمية توجهها التدريجي إلى تقليص التوسع الكبير في سياساتها المالية الذي بدأ في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2024-2009 . وقال إنه وفي حال استمر انخفاض أسعار النفط الذي بلغ نحو 20% على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، يمكن أن يكون لذلك تأثير كبير في إيرادات النفط . وقال إن استمرار أسعار النفط على مستواها الحالي من الممكن أن يؤدي إلى خفض عائدات الدولة بما يعادل 5 .5% من الناتج المحلي غير النفطي في العام المقبل .
إلا أنه أكد أن الإمارات بما تملك من احتياطيات مالية خارجية وموارد ضخمة قادرة على إدارة التراجع في أسعار النفط بنجاح . وقال إن السلطات المعنية أكدت للصندوق خلال زيارته أنها تعتزم مواصلة التقليص التدريجي لسياساتها المالية في المرحلة المقبلة، بما في ذلك أخذ خطوات مدروسة بالنسبة إلى الاستثمارات الجديدة، واعتماد خطوات حذرة على مستوى الإنفاق الجاري، إضافة إلى التوجه لخفض الدعم على الطاقة .
وقال فينغر إن الدعم على الطاقة في دول الشرق الأوسط مرتفع للغاية، وهو يعادل نصف الدعم الحكومي على مستوى العالم، أو ما يعادل 240 مليار دولار سنوياً .
وتمتلك الإمارات احتياطيات وقائية في صندوق الثروة السيادي كما أن السعر المحقق لتعادل المالية العامة أقل نسبياً مقارنة بغيرها من البلدان الكبرى المصدرة للنفط، ما يسمح لها بمواصلة مسارها التدريجي لضبط أوضاع المالية العامة ومن ثم تخفيف معوقات النمو .
وأكد فينغر إيجابية نظرة صندوق النقد اليوم لأوضاع أسواق العقارات في الدولة، قائلاً إن أسعار العقارات السكنية في دبي استقرت أثناء فصل الصيف مع انخفاض حجم المبيعات العقارية . ولفت إلى أن تباطؤ الزخم في هذا السوق يعد تطوراً مؤاتياً عقب الفترة التي اتسمت بسرعة ارتفاع الأسعار .
وعلى مستوى القطاع المصرفي أبدى فينغر تفاؤله حيال الأداء، قائلاً إن تطورات الجهاز المصرفي مشجعة بوجه عام . فمع وفرة السيولة في الجهاز المصرفي، استمرت زيادة الائتمان المقدم للقطاع الخاص . وظل النظام المصرفي يتمتع بمستوى جيد من رأس المال، كما استمر انخفاض القروض المتعثرة . وقال إن مستوى القروض المتعثرة تراجع من 2 .8% من إجمالي القروض في النظام المصرفي بالدولة في نهاية العام الماضي، إلى نحو 3 .7% في أغسطس الماضي، الأمر الذي وصفه بالإيجابي .
وحول أبرز توصيات الصندوق للإمارات، قال فينغر إن على الدولة المضي قدماً في الخطوات الصحيحة والمدروسة التي تنتهجها في الوقت الحاضر، بما في ذلك الاستمرار في موازنة سياساتها المالية، بحيث لا يؤثر خفض الإنفاق سلباً في النمو الاقتصادي . والإدارة الناجحة للاستثمارات الجديدة بما يكفل تماشي مستويات المعروض مع حجم الطلب .
سداد الديون
أكد فينغر تواصل التحسن في خصائص الدين لدى الشركات شبه الحكومية . فبعد استكمال عمليات إعادة الهيكلة الكبرى للديون في أعقاب الأزمة المالية العالمية، بدأت شركات عدة مرتبطة بالحكومة في عمليات سداد مبكرة لديون لم يحل أجل استحقاقها بعد، مثل "نخيل"، وغيرها من الشركات .
وقال إن دخول دبي العالمية المبكر في مفاوضات لإعادة جدولة التزامات تستحق في ،2018 يعد خطوة جد إيجابية ومطمئنة للأسواق .
وقال إنه وعلى الرغم من أن مستويات الديون لا تزال مرتفعة لدى بعض هذه الشركات، فقد زاد انخفاض المخاطر المرتبطة بالديون على وجه الإجمال بفضل تحسن مراكزها المالية وتحولها إلى أنماط استحقاق أطول أجلاً . وبالنظر إلى المستقبل، فمع قيام الشركات المرتبطة بالحكومة في دبي بالإعلان دورياً عن مشروعات كبرى جديدة في قطاعي العقارات والضيافة، يتعين زيادة التنسيق لضمان استمرار التوافق بين المعروض السوقي الجديد والتوقعات المعقولة لمستوى الطلب" .
وأضاف قائلاً إن السلطات المعنية أكدت للصندوق اعتزامها تمويل المشاريع الجديدة المعلن عنها بطريقة فعالة، بحيث لا تزيد الأعباء المالية على الشركات شبه الحكومية .