روي أن حسن اللؤلؤي كان مع المأمون يحدّثه، والمأمون يومئذ أمير، فَنَعِسَ المأمون، فقال له اللؤلؤي: نِمتَ أيُّها الأميرُ؟ فاستيقظَ المأمونُ، وقال: سُوقِيٌّ والله؛ يا غلام خُذ بيده (وهي إشارة لإخراجه). وقد قال المأمون ذلك، لأنه كان يبتغي من الحديث ممن معه النوم. لذا كان إيقاظهُ غَفلَةً عما يراد من الحديث وسوءَ أدب.
وقيل: مَن بلغَ رُتْبَةً فتاهَ بها أُخبِرَ أن محلَّهُ دونَها.
وقال الفضل: إياكم ومخاطبةَ الملوك بما يقتضي الجوابَ (أي سؤالهم ليجيبوا)، فإنهم إن أجابوكم شقَّ عليهم، وإن لم يجيبوكم شقَّ عليكم.
طرائف من التراث
قصد رجل طبيباً ليشكو له وجع بطنه، فقال له الطبيب: وما الذي أكلتَ؟ قال: أكلتُ رغيفاً محترقاً؛ فأتى الطبيب بالكحل ليكحِّلَهُ، فقال الرجل: إنما أشتكي وجعَ بطني لا عيني! فقال له الطبيب: قد عرفتُ، ولكني أكحّلكَ لتُبصِر المحترقَ فلا تأكلَهُ.
قعد صبي مع قوم يأكلون، فبكى، فقالوا: مالَكَ تبكي؟ قال: الطعامُ حارٌّ؛ قالوا: فَدَعْه حتى يبرَد؛ فقال: أنتمْ لا تدعونَه.
فوائد لغوية
يُخطئ بعضنا في استخدام حروف الجر مع الأفعال. فمن أخطاء المتحدثين، استخدامهم بعض الحروف خطأ مع الفعلين ارتكزَ، واستندَ، إذ يقول بعضهم: يرتكزُ البناء إلى ثلاثة أعمدة رخامية. وهو استعمال خطأ، إذ الصواب أن يُقال: يرتكِزُ البناءُ على ثلاثة أعمدةٍ رُخامية. فالارتكازُ على الشي لا إليه.
ويخطئ آخرون في استخدام الفعل مع حرف الجر على، فيقولون: استندَ الصبيُّ على الجدار. وهو تعبير خطأ، إذ الصواب أن يُقال: استندَ الصبيُّ إلى الجدار، لأن الاستناد إلى الشي لا عليه.
مغزى مثل
(مواعيدُ عُرقوب)
يقال: أخلفُ من عُرقوب، وعُرقوب رجل من العماليق، أتاه أخ له يسأله، فقال له عرقوب: إذا أطلَعتْ هذه النخلةُ فلكَ طَلْعُها. فلما أطلعتْ أتاه على الوعد، فقال له: دعها حتى تصير بَلَحاً. فلما أبلحتْ قال له: دعها حتى تصير رُطَباً. فلما أرطبت قال: دعها حتى تصير تمراً. فلما أثمرت عمد إليها عرقوب في الليل فجدّها ولم يُعطِ أخاه شيئاً، فصار يضرب به المثل في الخُلْف في الوعد.