الخليج
كشفت نتائج استطلاع حديث أجراه علي بن محيل البدواوي بمجلس عجمان التعليمي، عن أن وزارة التربية والتعليم تواجه أكثر من 120 مطلباً للمعلمين، لعدم الرحيل من الميدان التربوي، تم تقديمها كحلول جذرية تقضي على أزمة الاستقالات الجماعية التي يعانيها الميدان مؤخراً، وركزت جميعها على أهمية «التعاطي الجاد» من القائمين على الشأن التعليمي في الدولة، والنظر والبحث بدقة فيه، تحقيقاً لمصلحة الطالب وتجويد المخرجات، ودعم مسيرة تطوير التعليم بواقعية ومسؤولية.
واستهدف الاستطلاع الذي حصلت «الخليج» على نسخة منه، 3133 تربوياً في جميع إمارات الدولة، بواقع 2400 معلم ومعلمة، و367 إدارياً، و366 من التخصصات التربوية الأخرى، ورصد أكثر من 20 سبباً واقعياً لأزمة الاستقالات الجماعية، جسدت تلك الأسباب في مضمونها واقع معاناة المعلمين بكل شفافية وبدون مبالغة أو ضغوط.
الأعباء الوظيفية
وسجلت الأعباء الوظيفية المرتبة الأولى في قائمة معاناة المعلمين، وكانت أقوى الأسباب وراء الاستقالات بنسبة 88.2٪، يليها زيادة نصاب الحصص بنسبة 71٪، ثم تواضع الراتب مقارنة بالوظائف الأخرى بنسبة 69.9٪، يتبعها طول مدة الدراسة التي تسعى الوزارة إلى زيادتها إلى 175 يوماً بنسبة 68.4٪، ثم قلة التقدير الوظيفي بنسبة 68.2 ٪، وعبر 67.6٪ منهم عن معاناتهم القرارات المتزايدة من الوزارة، و61.5٪ ركز على أسباب عدم وجود خطط ممنهجة، فضلاً عن التخبط في التنفيذ غير الدقيق.
وبحسب الاستطلاع أكد 65.2٪ من الأعداد ،المستطلع أراؤها، أن الضغوط العملية المتوالية لعبت دوراً كبيراً في رحيل المعلمين من الميدان، و64٪ بسبب طول اليوم الدراسي، و 58.1 ٪ ركزت على لوم المعلم على كل الإخفاقات التي يرتكبها المعنيون، فيما أرجع 57.1٪ أسباب الاستقالات إلى زيادة ساعات التدريب من 40 ساعة إلى 80 اعتباراً من العام الدراسي المقبل، وبلورها 55.7٪ منهم في عدم إشراك المعلم في صنع القرار.
ضغوط تعوق الإبداع
وأكد 53.9٪ أن قلة الإجازات تمثل ضغوطاً كبيرة تعوق إبداع المعلمين، تؤثر سلباً في حياتهم الأسرية، و49.2٪ منهم وجد الاستقالات بسبب التغيير المستمر غير الممنهج، و40.7 ٪ بسبب التدريب غير الفعال، الذي لا يتلاءم مع المتغيرات الحديثة في التعليم، ولا يحاكي الاحتياجات الفعلية للمعلمين، و38.9٪ بسبب تعديل سن التقاعد، و30.4٪ منهم بسبب البحث عن وظيفة أفضل.
ووضع 28.2٪ من التربويين المستطلع أراؤهم، الإدارة المدرسية غير المهنية والإنسانية، في قفص الاتهام، حيث اتخذت من الواسطة والمحاباة وعشوائية التقييم وعدم التقدير وسوء المعاملة، قاعدة لإدارتها من دون أن يحاسبها أحد، فيما أسند 25.6٪ منهم الأسباب إلى الظروف العائلية، و25.3٪ إلى الظروف الصحية.
وعن القرارات والحلول التي وضعتها وزارة التربية لتلافي أزمة رحيل المعلمين من الميدان التربوي، حيث جعلت باب التوظيف مفتوحاً طوال العام، لتعيين معلمين جدد حسب حاجة المدارس، أكد 3.5٪ من التربويين المشاركين في الاستطلاع أنها كافية، و29.9٪ منهم أكدوا أنها نوعاً ما، فيما أكد 66.5% عدم جدوى تلك الحلول لتجاوز الأزمة.
250 سبباً ثانوياً
وفي لقائه أكد علي بن محيل البدواوي رئيس فريق إعداد الاستطلاع، أن أسباب الاستقالات والرحيل من الميدان لم يقتصر على تلك المذكورة فقط، بل كان هناك أكثر من 250 آخر ثانوياً ولكنها مهمة أيضاً، منها نظام تقييم الأداء الحالي، الذي وصفه البعض من المستطلع أراؤهم بأنه محبط وغير عادل، أهدر حقوق الكثير من التربويين المتميزين، فضلاً عن عدم وجود حضانات لأطفال المعلمين، والدوام الطويل في شهر رمضان.
وأوضح أن تغيير قوانين ولوائح وزارة التربية والتعليم مع تعيين كل وزير جديد، لعب دوراً كبيراً في عدم الاستقرار الفكري للمعلمين وعدم فهم توجهات الوزارة في ظل صعوبة التواصل مع المسؤولين، بالإضافة إلى عدم غياب الحافز، عدم التقدير لعمل المعلم وسمو مهنته، وكثرة التكاليف العشوائية التي لم تضع في الاعتبار عوامل الوقت والمهام الأساسية والظروف الحياتية للمعلم، وصعوبة التعامل مع حالات الدمج الصعبة خلال الحصة، والموازنة بين حالة الدمج والطلاب العاديين، وضعف الحوافز المادية، وعدم وجود ترقيات وغياب الشفافية في تطبيقها وعشوائية التخطيط لها.
مشقة كبيرة
وأكد أن شريحة كبيرة منهم، اعتبروا أن الفصول الدراسية الثلاثة تمثل مشقة كبيرة على المعلم، ولا تناسب الجو والمناخ في الدولة، وغياب السلم الوظيفي ما يعني أن المعلم لا ينتظره مستقبلاًَ يستطيع أن يعد نفسه من أجله، الأمر الذي أثر سلباً في نظرة المجتمع لوظيفة المعلم، فضلاً عن الدوام غير المرن، الذي لا يحتمل الغياب بعذر أو التأخير لسبب أو الإجازات المفاجئة، والتغيرات التي تطرأ على الميدان بعد أداء المهام الأساسية والانشغال بالأهداف والملفات ونظام الجودة والاعتماد.
وغياب المصداقية في تقييم المعلمين والاعتماد على الأشياء الظاهرية وإهمال العطاء العلمي، وعدم مراعاة الظروف التي يمر بها المعلم رغم عطائه، وغياب العدل بشكل مقصود أو غير مقصود، وغياب المصداقية في عرض حاجة المدارس وعدم مراعاة المعلمين وأسرهم حيث لا يوجد وقت للجلوس مع الأسرة او للراحة، فضالاً عن اضطرار المعلم أخذ بعض الأعمال لإتمامها في المنزل، وغياب التأمين الصحي الذي يمثل أكبر المشكلات لجميع العاملين في الميدان التربوي، فعلى الرغم من عطاء المعلم، فإنه إذا مرض أو أصابه مكروه لم يجد التأمين الذي يغطي له علاجه، بالإضافة إلى التغيير الذي يصيب قرارات وزارة التربية بصفة دائمة وبدون مبررات، الأمر الذي يحدث نوع من التخبط وعدم وضوح الرؤية، ويولد لدى العاملين الخوف وعدم الإحساس بالأمان الوظيفي، فضلاً عن قلة الحوافز والمزايا الوظيفية.
حلول جذرية
وركز الاستطلاع على إيجاد حلول جذرية لمواجهة الاستقالات الجماعية، ووقف نزيف رحيل المعلمين من الميدان التربوي، حيث اشتمل الاستطلاع على نحو 120 مطلباً للمعلمين، موجهاً إلى وزارة التربية والجهات المعنية والأخرى، والقائمين على الشأن التعليمي في الدولة، أبرزها التركيز على أهمية إعداد دراسة ممنهجة قائمة على الشفافية والمصداقية، لتقصي جميع الحقائق ومعرفة الأسباب الرئيسية، وأيضاً عمل دراسة بالتغيرات المطبقة من قبل الجهات المعنية، وتقييم مدى آثار نتائجها على العملية التعليمية والمعلمين سواء سلباً أو إيجاباً، فضلاً عن زيادة الراتب وتقليل نصاب المعلم وتوفير الحوافز والتأمين الصحي وبدلات لدراسة الأبناء في مدارس خاصة، وتخفيف الأعباء على المعلم، وتحقيق المساواة بين مهنة التدريس بقداستها و الوظائف الأخرى، بالإضافة إلى تعديل القوانين والتركيز على التدريس وليس على الأنشطة والفعاليات التي أجهدت الميدان بعناصره كافة بلا فائدة، وباتت تطغى على العملية التعليمية.
وطالب المعلمون من خلال الاستطلاع بتوفير حاضنات لأطفال المعلمين، وتحري الدقة في اختيار الكودار التربوية والابتعاد عن المحاباة والواسطة والمحسوبية، فضلاً عن، إعادة النظر في تحديد سن التقاعد بما يتوافق مع إتاحت الفرصة لجيل جديد، وضخ دماء شابة في الميدان، وعودة العام الدراسي إلى ما كان عليه سابقاً، وفق نظام الفصلية، وحرص الجهات المعنية على إعادة هيبة المعلم من خلال لوائح عادلة تضبط سلوكيات الطالب وتراعي مكانة المعلم، وتقدير المعلم ومعاملته كإنسان فعال في المجتمع، وليس مجرد جهاز إلكتروني يتلقى القوانين والتوجيهات دون النظر إلى الآثار السلبية التي ستنتج عنها لاسيما إن كانت غير مدروسة.
تخفيف الأعباء
واشتملت طلبات الميدان على أهمية تخفيف الأعباء والنظر في الإجازات الخاصة والمرضية، والعودة إلى النظام السابق في التعليم الذي كان يراعي الطالب والمعلم ويعطيهما حقهما في الراحة والإجازات، إذ إن النظام الحالي قاتل وحول التعليم إلى مشقة، فضلاً عن توفير مناخ وبيئة تعليمية جاذبة للعمل والمحافظة على مكانة وسبل إعلاء شأن المعلم في المجتمع، و كذلك زيادة مدة إجازة نهاية العام مثلما كان في السابق.
وركزت المطالب على تخفيض ساعات الدراسة سواء اليومية أو طوال العام، ومراعاة ظروف المرأة العائلية والأسرية والصحية، وإرجاع مدة التقاعد إلى 15 سنة، ووضع المعلم في المجال و التخصص الذي يتبعه ليبدع فيه، والتركيز على التعليم لأنه أهم ما نملك و استثمار الأموال و الجهود و الوقت في تطوير التعليم و مساواة مهنة المعلم بالمهن الأخرى، ووضع رؤية واضحة للترقيات ليستطيع كل معلم الحصول على حقه، وإشراك المعلم في وضع المنهاج والاختبارات والقرارات الميدانية، والتخلي عن سياسة المركزية التي تتبعها وزارة التربية والتعليم حيث حالت دون تحقيق أهداف التعليم الأساسية بل أسهمت في وجود حالة من العزلة بين المسؤولين والميدان، وبات الخطاب التربوي واحد مكرر يخلو من أي أبداع أو ابتكار.
تقرير المصير ووفقا للاستطلاع طالب المعلمون بتقليل عدد الطلبة داخل الفصل، وإشراك المعلم في تقرير مصيرة، وزيادة حوافزه وإعادة هيبتة بإلغاء الأعباء الوظيفية والورقية وتكديس الملفات.
83.7٪ من المشاركين من الإناث
قال علي بن محيل رئيس فريق إعداد الاستطلاع، ل«الخليج»، إن 512 تربوياً من الذكور شاركوا في الاستطلاع من مختلف إمارات الدولة، بنسبة تصل إلى 16.3٪ من إجمالي المشاركين، فيما بلغ عدد التربويين من الإناث نحو 2621، بنسبة تصل إلى 83.7٪.
مؤهلات متنوعة
ضمّ الاستطلاع كوادر وظيفية متنوعة، من ذوي المؤهلات المختلفة، حيث بلغت نسبة المشاركين من حملة الدكتوراة 0.73٪، والماجستير 0.061٪، والمؤهل الجامعي 82.4٪، فيما بلغت نسبة الحاصلين على مؤهل الدبلوم 7.4٪ والثانوية 3.3٪.
جنسيات مختلفة
ركزت بيانات الاستطلاع على الاستعانة بآراء معظم الجنسيات المختلفة العاملين في الميدان التربوي، حيث احتل التربويين المواطنين المرتبة الأولى، وبلغ عددهم 2703، يليهم الجنسيات من الدول العربية، الذين وصلت أعدادهم إلى 413 تربوياً، و10 من دول الخليج العربي، و7 تربويين غير ذلك.
امتيازات وظيفية
وفقاً للاستطلاع، طالب المعلمون بوضع امتيازات في الدرجة الوظيفية والراتب حسب سنوات الخبرة، ومعايير ذات مصداقية عالية لقياس مستوى أداء المعلم، بحيث تتحقق العدالة دون مجاملات أو محسوبيات، وعمل استفتاء لجميع المعلمين حول القرارات المتعلقة بالعملية التربوية، ومراعاة العادات والتقاليد في دولة الإمارات، وظروف البيئة خاصة الجو الحار وشهر الصيام، وعمل استفتاء لكل المعلمين حول المناهج قبل طباعتها، ويكون للمعلم ساعات تدريب عملية، بحضور حصص فعلية ليتعرف إلى واقع العملية التعليمية، أفضل من المحاضرات والدورات وورش التلقين التي لا جدوى منها، وتوفير مواد تدريبية جيدة المحتوى تتوافق مع احتياجات المعلم في القرن 21.