الاتحاد
دعا مستهلكون ومصرفيون عملاء البنوك إلى توخي الحذر لدى حصولهم على بطاقات الائتمان من البنوك، معتبرين أن عرض بطاقات الائتمان عليهم، باعتبارها «مكافأة» أو «جائزة» هو تضليل ومحاولة للتوريط.
وقالوا لـ «الاتحاد»، إن تكلفة البطاقات تتجاوز 15 ضعف الفائدة على القرض الشخصي، منوهين بأن البنوك تعرض «الامتيازات» دون «الالتزامات».
وأضافوا أن واجب فرق المبيعات العاملة في البنوك هو توضيح حجم الالتزامات التي تترتب على العميل، عند استخدامه لأي من المنتجات المصرفية التي يعرضها البنك، وعدم عرض بطاقات الائتمان باعتبارها مكافأة أو جائزة لأنها قرض عالي التكلفة، والتزام ومديونية، ستترتب على العميل، وإنما يجب عرضها باعتبارها أحد الخيارات المصرفية التي يترتب عليها التزامات.
ويستخدم مندوبو المبيعات لدى بعض البنوك بالدولة، أساليب «ملتوية»، لتسويق بطاقات الائتمان من خلال إيهام العملاء بأن إدارة البنك قررت مكافأتهم عبر إصدار بطاقة ائتمان خاصة لهم باعتبار ذلك «جائزة» للعميل.
ويفاجأ العديد من عملاء البنوك باتصال مندوبي مبيعات البنك ليبلغوه أنه فاز بـ «جائزة» مهمة أو أنه تم اختياره من البنك المعني للحصول على بطاقة ائتمان، باعتبار ذلك «مكافأة» أو تكريم للعميل من البنك.
وتنص وثيقة السلوك المصرفي المعتمدة من قبل اتحاد مصارف الإمارات على أنه يجب على المصارف التأكد من أن جميع المواد الإعلانية والعروض الترويجية، تُقدم بشكل واضح ومنصف وغير مضلل للعملاء، لكنها وثيقة طوعية وغير ملزمة قانوناً للبنوك.
وفي الوقت الذي يتم إيهام العميل فيه بأنه حصل على امتياز خاص أو جائزة من البنك، فإن العديد من البنوك تعرض الكثير من الحوافز من أجل دفع المستهلكين لاقتناء بطاقات الائتمان.
وتعرض البنوك خصومات على المشتريات من بعض محال التجزئة والمطاعم، أو تمنح العميل نقاطاً على المشتريات يتم استبدالها لاحقاً بسلعة أو خدمة، كما تمنح بعض البنوك جوائز مالية أو عينية عبر سحب خاص على بطاقات الائتمان، وأخرى تتيح لحاملي بطاقات الائتمان الدخول إلى بعض الملاعب أو مراكز الترفيه دون تذاكر، فيما تقدم بطاقات ائتمان أخرى أميالاً جوية على بعض شركات الطيران، وغيرها الكثير من العروض والحوافز التي تهدف لدفع المستهلك لاقتناء بطاقة ائتمان.
وأوضح خبراء ماليون أن السبب الحقيقي وراء ذلك يكمن في أن بطاقات الائتمان تعتبر المنتج المصرفي الأكثر جدوى وذات العائد الأعلى للبنوك، حيث تصل مستويات الفائدة التي تتقاضها البنوك على المبالغ المسحوبة من بطاقات الائتمان أكثر من 15 ضعف الفائدة على القروض والتمويلات الأخرى.
وأوضح عدد من المستهلكين بالدولة أن العديد من البنوك عرضت عليهم الحصول على بطاقات ائتمان، عبر الاتصال بالتلفون أو من خلال البائعين الجائلين أحياناً.
وبينوا أن مندوبي البنوك يعرضون خصومات وأميالاً جوية على شكل مكافآت وغيرها الكثير من الامتيازات لإغراء العميل بقبول بطاقة الائتمان.
وقال جاسم العوضي، موظف: اتصل بي أحد البنوك قبل فترة وعرض علي الحصول على بطاقة ائتمان، بين 20 إلى 25 ألف درهم، وقال الموظف إن البنك سيمنحني خصومات مميزة، وأميالاً جوية، وغيرها من الامتيازات، مقابل موافقتي على قبول البطاقة.
وأكد أن الموظف لم يقدم له أي فكرة عن مستويات الفوائد على استخدام البطاقة سواء السحب النقدي أو المشتريات، كما لم يشرح كم هي قيمة الرسوم أو شروط الاستعمال أو أي شيء متعلق بالالتزامات الخاصة بالعميل.
لكن العوضي رفض البطاقة، مؤكداً أنه كان يعرف «الخفايا» التي تقف خلف هذا العرض من البنك لأنه كان موظف بنك سابقاً ويعرف تفاصيل الأمور.
من جهته، قال علي الشامسي طبيب: إن أحد البنوك عرض علي بطاقة ائتمان بقيمة 100 ألف درهم.
وأوضح أنه لا يعطي البنك فرصة بفرض غرامات أو فوائد على استخدامها، منوها بأن نسبة الفائدة نحو 2,4% شهري.
وقال «البطاقة مهمة وتساعد في أمور كثيرة، لكن شرط أن تكون قادراً على تغطيتها، وأن تكون عندك قدرة على الإدارة المالية الذاتية الصحية دون التورط في غرامات أو تجاوز الحد».
وأضاف: «في جميع الأحوال بطاقة الائتمان هي التزام على العميل ولا يمكن اعتبارها جائزة أو مكافأة من بنك لعميله، ويبقى على العميل معرفة كيفية التعامل مع بطاقة الائتمان إذا قرر القبول بها، دون أن يعرض نفسه للغرامات والفوائد المرتفعة جداً».
إلى ذلك، قال حسين النعيمي: «إن أكثر من بنك عرض عليه الحصول على بطاقة ائتمان من خلال الاتصال التلفوني أو حتى من خلال مندوبين جائلين».
وأكد أن البنوك تعرض الامتيازات للعملاء ولا تعرض الالتزامات.
وقال لدي بطاقة ائتمان قيمتها نحو 23 ألف درهم واستخدمها للأشياء الضرورية فقط، وأسدد قيمة المستحق منها قبل موعده حتى أتجنب الدخول في أي غرامات أو أتكبد رسوماً وفوائد مرتفعة جداً.
وقال فؤاد زيدان الرئيس التنفيذي لشركة اكسبيرت لاين للاستشارات المالية، إن مستويات الفائدة السنوية التي تتقاضاها البنوك على المبالغ التي يستخدمها حملة بطاقات الائتمان، تتراوح بين (1% و3% فائدة شهرية ثابتة) ولذا فهي تصل إلى أكثر من 36% فائدة ثابتة على أساس سنوي، وهذا يعادل نحو 65% فائدة سنوية متناقصة.
وأضاف: «بذلك تعادل تكلفة القرض (مستوى الفائدة) على المبلغ الذي يسحبه العميل من بطاقة الائتمان، ما يقارب 15 ضعف سعر الفائدة الذي يدفعه العميل على القرض الشخصي أو قرض السيارة أو قرض التمويل العقاري».
وقال إنه إضافة إلى سعر الفائدة المرتفع جداً، مقارنة مع أسعار الفائدة على القروض والمنتجات المصرفية الأخرى، يدفع العميل أيضاً رسوماً للبنك، كما يتورط الكثير من العملاء في دفع غرامات، بسب عدم معرفتهم بأصول وطريقة الاستخدام لبطاقة الائتمان كما ينص عليها العقد الموقع مع البنك.
قال إن كثيراً من عملاء البنوك يتعرضون لغبن عندما يصدقون العرض الشفهي الذي يعرضه عليهم بعض مندوبي المبيعات في البنوك، فيما يتعلق بعرض بطاقات الائتمان من دون رسوم.
وأضاف: «يكتشف العميل لاحقاً أن بطاقة الائتمان التي حصل عليها معفاة لمدة سنة واحدة أو فترة محددة فقط، ثم يبدأ البنك بعد انتهاء الفترة بفرض رسوم عالية على البطاقة».
وأكد أنه يجب على العملاء ألا يقبلوا كلاماً وعروضاً شفهية غير موثقة ومكتوبة بعقود رسمية، تكون فيها الالتزامات والإعفاءات واضحة بشكل صريح.
وقال: «تعرض بعض البنوك بهدف تسويق بطاقات الائتمان خصومات وتخفيضات لدى محال تجزئة وفنادق وغيرها، دون أن تتكلف بأي ثمن، لأن الكثير من الشركات والبنوك والمطاعم تقدم خصومات من دون بطاقات الائتمان ودون الحاجة إليها».
ويقوم البنك بتجميد ما يعادل قيمة البطاقة من حساب العميل لمدة لا تقل عن 45 يوماً في حال أراد العميل نقل حسابه إلى بنك آخر أو رغب بالحصول على براءة ذمة من البنك المعني، حتى وإنْ لم يستخدم البطاقة إطلاقاً ولم يقم بإنقاق أو سحب درهم واحد منها، ما يحتم على العميل أن يفكر جيداً قبل أن يتورط بالموافقة على قبول «المكافأة».
من جهتها، قالت نوال البياري، من قطاع الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف أبوظبي الإسلامي: «تعد البطاقات التي تمنحها المؤسسات المالية للعملاء التزاماً بحد ذاته، ويجب عدم اعتبارها مكافأة من المؤسسة للعميل، حيث تتطلب من حاملها البقاء على اطلاع بجميع الجوانب المتعلقة بها من دفعات شهرية ورسوم سنوية وغيرها من الأمور ذات الصلة».
وأضافت البياري: «ننصح، في مصرف أبوظبي الإسلامي، جميع العملاء بعدم امتلاك العديد من البطاقات، سواء كانت صادرة من جهة واحدة أو من جهات عدة، حيث من الممكن أن يؤدي هذا الأمر إلى إيجاد بعض اللبس عند العميل تجاه أولوية الدفعات المستحقة».
توريط
قال محمد جلاء من إدارة خدمة العملاء في البنك التجاري الدولي، إن بعض موظفي المبيعات في البنوك، يقومون بتوريط بعض العملاء غير المطلعين على شروط استخدام بطاقات الائتمان.
وأوضح أن الكثير من العملاء يتورطون عندما يقومون بسحب كامل قيمة بطاقة الائتمان نقداً، في حين أنه في الكثير من الأحيان يشترط على العميل أن يستخدم نصف القيمة للمشتريات، وفي حال سحب العميل كامل القيمة نقداً يفاجأ بغرامات ورسوم وفوائد إضافية، ترفع تكلفة استخدام البطاقة إلى مستويات أعلى بكثير.
وثيقة السلوك المصرفي غير ملزمة
تنص وثائق اتحاد مصارف الإمارات، الهيئة التمثيلية المهنية للمصارف الأعضاء العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، على ضرورة التزام كافة المصارف الأعضاء في الاتحاد بأعلى المعايير الأخلاقية في معاملاتها.
وتحقيقاً لهذه الغاية، اعتمد اتحاد مصارف الإمارات في العام 2024 وثيقة السلوك المصرفي، وهي وثيقة «طوعية» لكافة المصارف الأعضاء، تحدد مستويات الأداء المتوقعة من المصارف فيما يتعلق بتقديم خدماتها المصرفية للأفراد والشركات الصغيرة، بما يساعد على تعزيز الثقة ونشر أفضل الممارسات في القطاع ككل.
وتغطي الوثيقة مسألتي الإفصاح ومبادئ السلوك، مثل مسؤولية المصرف في الإفصاح عن الشروط والأحكام والرسوم والتكاليف والمعلومات الأخرى المتعلقة بالخدمات المصرفية.
ويحث اتحاد مصارف الإمارات، من خلال هذه الوثيقة، كافة المصارف الأعضاء على تحقيق أعلى معايير خدمة العملاء على مستوى كافة قنوات التوزيع المتاحة أمام العملاء لإنجاز معاملاتهم المصرفية، مع تزويدهم بمنتجات وخدمات مالية ذات جودة عالية وقيمة مضافة.
كما تنص الوثيقة على ضرورة اتخاذ الخطوات المناسبة لدعم جهود الحكومة المتواصلة لزيادة الوعي العام حول طريقة عمل ومفاهيم القطاع المالي في الدولة، واتخاذ الخطوات المناسبة لدعم الحكومة في جهودها المتواصلة لتحقيق التنمية المجتمعية والاقتصادية بالدولة، وتلزم الوثيقة المصرف بمزاولة جميع عملياتها بكل نزاهة، واتباع معايير أخلاقية رفيعة، وكفاءة عالية، وعناية فائقة وإتقان تام.
كما تنص الوثيقة على مراعاة الشفافية في إبلاغ نسب الفوائد المطبقة ورسوم الخدمات، والكشف بشكل خاص عن معدلات الفوائد الفعلية.