اقتصاد الإمارات أكثر تنوعاً و”التعاون” الخليجي بحاجة إلى هيكلة جديدة
الخليج
أكد خبراء من بنك "كريدي أجريكول" للخدمات المصرفية الخاصة في تعليقات أدلوا بها خلال اجتماع مائدة مستديرة عقدوه مع ممثلي أجهزة الإعلام أمس، أنه في الوقت الذي تشكل فيه أسعار النفط المنخفضة تحدياً اقتصادياً للدول المصدرة للنفط، فإنها توفر لدول مجلس التعاون الخليجي المستقرة اقتصادياً في المقابل، فرصة لتنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة في اقتصاداتها والسعي لجعلها أكثر نضوجاً وتنوعاً . وفي سياق تعليقها على هذه الآراء، قالت ماري أوينز تومسِن، كبيرة المحللين الاقتصاديين لدى بنك كريدي أجريكول للخدمات المصرفية الخاصة: "إنه يغيِّر الهبوط الحاد في أسعار النفط قواعد اللعبة فيما يتعلق بسيناريوهات الاقتصاد الكلّي والأسواق خلال عام2020 وعلى المدى المتوسط على حد سواء .
نتيجة لسيناريو الأسعار المنخفضة، لا بد لنا من أن نلاحظ أن الدول الناضجة (كمجموعة) لم تعد تعاني الركود وأن حجم الطلب قد يرتفع من دون أدنى شك رغم استمرار وجود احتمالات قوية لتراجعه، لكن حجم العرض وليس ضعف الطلب يبرز كسبب رئيسي لتراجع أسعار النفط، وبالتالي فإن أسعار النفط المنخفضة للغاية تعزز تنامي عدم استقرار الاقتصاد العالمي .
ومن المتوقع استمرار الانخفاض النسبي لأسعار النفط خلال عام2020 أو حتى يشتد الطلب بقوة . إلا أن حجم الطلب قد يرتفع بسرعة بالتزامن مع توقع تسارع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي على خلفية التطورات الجيوسياسية والمناخية . كما أنه من المتوقع ارتفاع الطلب على النفط نتيجة تدني أسعاره وارتفاع أسعار البدائل الأخرى للطاقة مقارنة مع أسعار النفط في الأسواق .
توسع الناتج المحلي
وأوضحت تومسِن في هذا السياق، سوف نشهد ظاهرة جديدة ونادرة في الاقتصاد العالمي تدعى (Transflation) . ويمكننا تعريف هذه الظاهرة بأنها حالة من التوسع الانكماشي تنخفض خلالها معدلات تضخم الأسعار بالتزامن مع توسع حجم إجمالي الناتج المحلي . وسوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات النمو وانخفاض معدلات تضخم الأسعار في الدول المستوردة للنفط، لكنه سوف يسبب في المقابل تحديات فريدة للدول المصدرة للنفط . من ناحية أخرى، تمثل أسعار النفط المنخفضة فرصة كبيرة تتيح لدول مجلس التعاون الخليجي تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة لتقليص نسبة اعتمادها على عائدات صادراتها من الهيدروكربونات والارتقاء باقتصاداتها إلى المستوى التالي في مسيرتها التنموية .
ورغم أنه من المستبعد أن يُعَمِّرَ سيناريو(Transflation) هذا طويلاً، إلا أن عام2020 سوف يكون العام الذي سوف تُتاح فيه فرصة الاستفادة من الثالوث الفريد من ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات التضخم وأسعار الفائدة، ما سوف يوفر بيئة مواتية لجميع فئات المخاطر .
وأضافت تومسِن: أن من المتوقع أن تشتد حالة تذبذب الأسواق عام2020 بالتزامن مع سعي الأسواق للتكيُّف مع هذه البيئة الجديدة . ويتعيَّن على المستثمرين الذين لا يحبِّذون التذبذبات بين الأسواق تكييف توزيعاتهم الاستثمارية مع البيئة الجديدة . وفي هذا الإطار، نحن نفضل الاحتفاظ بنواة صلبة من الأصول الاستثمارية عالية الجودة، مع إمكانية إضافة بعض التوزيعات الانتهازية إليها من قبل أولئك الذين لا يحبِّذون المخاطر كثيراً . ونحن نختتم توقعاتنا على نبرة إيجابية بالنسبة للمستثمرين القادرين على السعي لتحقيق عائدات من رقم مئوي واحد، تماشياً مع نمو عائدات الشركات خلال العام المقبل .
انخفاض معدلات التضخم
ورغم بروز جيوب من الفرص في أسواق السندات العالمية، إلا أنها سوف تكون أقل فأقل وضوحاً للمستثمرين غير المحترفين . وفي الوقت الذي من المتوقع أن تتجه فيه الموجة التالية من أسعار الفائدة إلى الارتفاع، إلا أن انخفاض معدلات التضخم سوف تخفف من تأثير هذا التوجه .
وكانت أسواق السندات في منطقة مينا نجم أسواق السندات العالمية، حيث قاربت معدلات العائدات الإجمالية للسندات مرتفعة العائدات 10% لغاية سبتمبر/أيلول ،2014 حين تراجعت أسعار النفط دون الحاجز السعري النفسي البالغ 100 دولار أمريكي للبرميل .
تخفيض الإنفاق
قالت تومسين: وفي الوقت الذي تمتلك فيه المملكة العربية السعودية مخزونات هائلة، من المحتمل أن تلجأ الحكومة إلى تخفيض إنفاقها لمواجهة تراجع أسعار النفط . وفي مثل هذه الحالة، تستطيع الشركات العامة والخاصة الاعتماد على قنوات أخرى لإعادة الترسمل أمثال أسواق السندات العالمية . وقد يصح هذا القول بصفة خاصة في سياق فتح المملكة العربية السعودية سوق أسهمها البالغة قيمته 509 مليارات دولار أمريكي أمام المستثمرين الأجانب هذا العام . وسوف يضفي هذا التحرك المزيد من الشفافية والوضوح والسيولة على ذلك السوق ويحفز بالتالي تدفق المزيد من الاستثمارات إلى الأسواق المالية للمملكة . كما أن شح الصكوك في الأسواق السعودية يساعد عائداتها على الصمود أمام الضغوط رغم بعض الوَهَن الذي اعتراها خلال الشهور القليلة الماضية .
صمود عائدات السندات
قالت كريستيان نصر، رئيس دائرة الاستثمارات ثابتة الدخل في منطقة مينا والمدير في مكتب بنك كريدي أجريكول للخدمات المصرفية الخاصة في دبي: إنه أثَّر الهبوط الحاد في أسعار النفط سلباً في أسواق سندات منطقة مينا خلال الربع الرابع من عام ،2014 ولكن بشكل محدود مقارنة مع الأسواق العالمية الأخرى . إذ إنه ابتداء من شهر سبتمبر/أيلول ولمدة شهرين، صمدت عائدات معظم سندات المنطقة رغم ما اعتراها من الضعف بصورة عامة . وتسارع تخارج المستثمرين في منطقة مينا من السندات قبيل نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني ولغاية نهاية عام ،2014 ما أدى إلى انخفاض متوسط عائداتها إلى 20 .7% . ونستطيع اعتبار أداء تلك السندات ممتازاً نظراً لكون عائداتها ظلت تقارب ضعف عائدات سندات الشركات في الأسواق الصاعدة العالمية عام 2024 . ومن المتوقع أن يتراجع أداء سندات منطقة مينا عام2020 مقارنة مع أدائها عام ،2014 بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار فوائد سندات الخزينة الأمريكية وانخفاض أسعار النفط التي بالتالي ستؤثر سلبياً في انضغاط هامش السندات .
وأوضحت كريستيان نصر بقولها: إنه وفي حالة سيناريو استمرار تراجع أسعار النفط لفترة طويلة، سوف تكون لدى دول مجلس التعاون الخليجي أسباب أقل للقلق نظراً لقوة مخزوناتها من احتياطات ضخمة من العملات الأجنبية ومن أصول استثمارية كبيرة للغاية في صناديقها السيادية . وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة بالتحديد في وضع أفضل من غيرها لمواجهة تذبذب الأسواق نظراَ لتنوع مواردها الاقتصادية وقوة اقتصادها الكلّي وسوق سنداتها وسيولتها النقدية الكبيرة .