قال الأصمعي، سمعت المهدي على منبر البصرة يقول، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته، فقال: «إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، آثره صلى الله عليه وسلم بها من بين سائر الرسل، واختصكم بها من بين الأنام، فقابلوا نعمة الله بالشكر.
تحية الإسلام
يقول العلماء هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به نبينا صلى الله عليه وسلم، أبلغ وأتم من تشريف آدم عليه السلام، بأمر الملائكة بالسجود له، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، وقد أخبر الله تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي، ثم عن الملائكة بالصلاة عليه، فتشريف صدر عنه أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير جواز أن يكون الله معهم في ذلك.
وقال الإمام البغوي، إن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ، ادعوا له بالرحمة وسلموا تسليماً، حيوه بتحية الإسلام، وقال أبو العالية، صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء.
ثناء عليه
وعن أبي طلحة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى في وجهه، فقال: «إنه جاءني جبريل فقال إن ربك يقول أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا»، وقال: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام».
وقال الشوكاني في «فتح القدير»، وفي هذا تشريف للملائكة عظيم حيث جعل الضمير لهم ولله سبحانه واحدا، والتقدير إن الله يصلي، وملائكته يصلون، والصلاة من الله الرحمة ومن ملائكته الدعاء، ويصلون يهتمون بإظهار شرفه، ويعظمون شأنه، ويعتنون بأمره، وقال غير واحد من أهل العلم، صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة نبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند ملائكته وأن الملائكة تصلي عليه، وأمر عباده بأن يقتدوا بذلك ويصلوا عليه.
أهل العلم
وقد اختلف أهل العلم في الصلاة على النبي هل هي واجبة أم مستحبة، بعد اتفاقهم على أن الصلاة عليه فرض في العمر مرة، فقال بعضهم إنها واجبة عند ذكره، وقال آخرون تجب في كل مجلس مرة،
والصلاة من الله على رسوله وإن كان معناها الرحمة فقد صارت شعاراً له يختص به دون غيره، فلا يجوز لنا أن نصلي على غيره من أمته كما يجوز لنا أن نقول اللهم ارحم فلانا أو رحم الله فلانا، وقال ابن عباس لا تصلح الصلاة على أحد إلا على النبي ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار، وقال بعض العلماء، إن ذلك جائز لقوله تعالى «وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم»ولقوله: «أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة»، ولقوله: «هو الذي يصلي عليكم وملائكته».
وعن طلحة بن عبيد الله قال، قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال قل: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد».