خادمات “البارت تايم” خطر يهدد البيوت
الخليج
باتت أعداد خادمات "البارت تايم" المخالفات لقانون الإقامة تفوق التصور، حيث نمت هذه الظاهرة خلال السنوات الماضية، وأطلت برأسها بشكل صارخ لهذه الفئة اللائي يجبن البيوت، ويطلبن العمل فيها بدوام جزئي أو كامل عن طريق ملصقات، ويعملن على توزيع الملصقات على المنازل من خلال تمريرها عبر ثنايا أبواب الشقق والمنازل السكنية دون استئذان . وتحتوي القصاصات الورقية التي اتخذت شكل "الملصق" على عبارة مكتوبة بخط بارز مضمونها "خادمة تطلب عملاً بدوام جزئي أو كامل" باللغتين العربية والإنجليزية، ومدون أسفلها رقم الهاتف النقال الخاص بالخادمة للتواصل معها للاتفاق مع صاحب المنزل، حيث تتقاضى مبلغاً يتراوح بين (20-35 درهماً) نظير العمل لساعة واحدة وفق نظام الدوام الجزئي، ويطرقن أبواب البيوت بشكل مستمر، للسؤال عن الحاجة إلى خادمة بدوام جزئي، وهي قضية خطرة نعرضها فيما يلي:
قالت نادية همت مقيمة في منطقة التعاون، إن صديقتها اضطرت لاستخدام واحدة من هؤلاء الخادمات لأن تعمل موظفة براتب متوسط، وظروفها لا تسمح باستخدام خادمة عبر المكاتب، بسبب الكلفة الباهظة فعمدت إلى سرقة 2000 درهم، وهربت من المنزل تاركة طفلتها وحدها .
وأكد علي المنصور ويقطن في منطقة أبو شغارة، أن أعداد الخادمات الإفريقيات اللواتي اجتحن الحي يكاد يكون بالمئات، مستغرباً من عدم ضبطهن حتى الآن، متهماً بعضهن بممارسة أفعال منافية للآداب العامة والأخلاق .
وأشارت شادية محمد، طبيبة، إلى أنها فوجئت خلال الفترة الأخيرة بازدياد إعلانات الخادمات اللواتي يبحثن عن عمل، حيث وجدت 8 إعلانات مثبتة على باب شقتها خلال أقل من أسبوع، وجميعها بنفس الكيفية والصيغة وتتضمن أرقام هواتف مختلفة .
وقالت: تعرضنا إلى سيل عارم من هذه الإعلانات التي غزت المباني السكنية التي نقطنها لخادمات يطلبن العمل في المنازل، سواء بدوام جزئي أو كلي .
وأشادت بمكارم الدولة المتعددة في شأن المخالفين وإعفائهم من الغرامات المالية المترتبة على مخالفتهم الناتجة عن تجاوزهم مدة الإقامة القانونية، وذلك للقضاء على ظاهرة المخالفين بشكل كامل داخل الإمارات .
خطر مجهول
ولاحظت فاطمة منصور، مهندسة، ازدياد قصاصات الخادمات الباحثات عن الدوام الجزئي، والتي تطل عليها بمجرد أن تفتح باب شقتها .
وقالت أنا حذرة جداً من تداعيات الانصياع والتعامل مع هذه الفئة، الأمر الذي ينذر بفتح الباب على مصراعيه لأعمال تتعارض مع القانون، التي قد يكون لها تبعات سلبية تؤدي إلى الإخلال بموازين استقراري الأسري والقانوني، لأن جلهن من المخالفات لقوانين الإقامة، وبالتالي ينطوي الأمر على مخالفة، إضافة إلى أن هؤلاء قد لا يتوانين عن التسبب في مخالفات وجرائم .
عزا مسؤولو مكاتب استقدام عمالة منزلية من الخارج، وجود هذه الظاهرة بسبب نقص عدد الخادمات بالسوق المحلي، عقب قرار تشدد سفارات بعض الدول الآسيوية في تصدير العمالة المنزلية إلى الدولة والذي لا يزال مستمراً، مؤكدين أنهم لم يفوا بالتزاماتهم بتلبية طلبات الزبائن من الخدم بنسبة تفوق 75%، وأنهم أوجدوا بدائل بأعداد مناسبة، لتغطية حاجات السوق، لكنها لم تحظَ بقبول الكفلاء، سواء من المواطنين أو المقيمين .
وأكد عماد نور مدير مكتب استقدام عمالة أن أسعار استقدام الخادمات شهدت ارتفاعاً في الآونة الأخيرة، وخاصة الخادمات اللائي يتم جلبهن من إندونيسيا وسريلانكا، لافتاً إلى أن الأسعار زادت بشكل قياسي، كما أن استكمال إجراءات دخولهن إلى الدولة تتطلب نحو 35 يوماً، علاوة على أن تكلفة إحضار إحداهن تبلغ أكثر من 16 ألف درهم .
وأوضح أن ركود السوق ساهم في ازدياد انتشار توزيع القصاصات من قبل هذه الفئة والتي بكل تأكيد هن هاربات من كفلائهن .
مبالغ أكبر
مشكلة الهروب باتت ملتصقة ببعض الجنسيات، وهؤلاء غالباً ما يتم التغرير بهن، بحيث يصادفن غيرهن من جنسياتهن ينصحنهن بالعمل في بعض المحال أو عن طريق نظام الساعات مقابل مبالغ أكبر .
بهذه الكلمات بدأ محسن حسين مدير مؤسسة لجلب العمالة من الخارج حديثه، وقال: لكن الواقع يفند الحقيقة، فعندما تهرب تجّرب الخوف والجوع، بحيث يجب أن تدفع للإيجار وتدفع لأكلها وشربها وملابسها، وفي المقابل يتجهن إلى طباعة القصاصات وتوزيعها، دون أن يدركن مخاطر ذلك عليهن .
إيواء المخالفين
وقال د .فيصل شاهين مدير مركز فحص العمالة الوافدة في المنطقة الصناعية الخامسة في الشارقة، إن مخالفة البعض لقانون دخول وإقامة الأجانب، وإيواء المخالفين، وبخاصة فئة العمالة المنزلية، يشكّل مخاطر أمنية، لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية وصحية، تستدعي التعاون مع الأجهزة الشرطية المعنية لمكافحة الظاهرة . وثمّن قرارات مجلس الوزراء المتكررة بإتاحة المجال لأصحاب العمل لتسوية أوضاع العمال المخالفين وإعادتهم إلى بلدانهم من دون أن تتحمل المنشآت العائدة إليهم أي غرامات، وهو الأمر الذي يعود بالنفع على المنشآت ذاتها ويمنحها فرصة جديدة لترتيب أوضاعها والالتزام بقانوني تنظيم علاقات العمل ودخول وإقامة الأجانب، خصوصاً في ظل مواصلة وزارة العمل رفض أية طلبات تتقدم بها المنشآت لتشغيل العمال في حال كانت لديها بطاقات عمل مخالفة .
شرطة الشارقة: الجرائم المخفية أكثر
أكدت القيادة العامة لشرطة الشارقة أن نسبة جرائم السرقة التي يتم ارتكابها من قبل خادمات المنازل والتي يتم الإبلاغ عن وقوعها تعد نسبة ضئيلة بالمقارنة مع جرائم السرقة التي ترتكبها هذه الفئة بالفعل والتي لا يتم الإبلاغ عنها بسبب خشية المجني عليهم من المساءلة القانونية لقيامهم بتشغيل خادمات هاربات من كفلائهن الأصليين .
وأشارت إلى أن معظم هذه الجرائم يتم الكشف عنها أثناء التحقيقات الأولية ومراحل جمع الاستدلالات في الجرائم التي يتم الإبلاغ عنها، إذ تعترف الخادمة بقيامها بعدة سرقات سابقة في عدد من المنازل التي عملت بها سواء بنظام الدوام الكامل أو نظام العمل بالساعات، تماماً مثل جرائم سرقة المستودعات والمحال التجارية التي يتم الكشف عنها أثناء سير التحقيق مع مرتكبي هذه الجرائم، والتي يتبين أن ضحاياها لم يكونوا على علم بتعرضهم للسرقة، أو أنهم أحجموا عن إبلاغ الشرطة بسبب ضعف قيمة المسروقات . وأوضحت شرطة الشارقة في سياق تحقيق صحفي لمجلة "الشرطي" أن تعمد الخادمات المتورطات في جرائم السرقة الاكتفاء بمبالغ مالية ومقتنيات لا تتعدى قيمتها نصف أو ثلثي قيمة الغرامة التي سيدفعها المجني عليه مقابل مخالفته القانون حال قيامه بالإبلاغ عن تعرضه للسرقة من قبل الخادمة التي ليست على كفالته مما يدفعه إلى الإحجام عن إبلاغ الشرطة .
التزام الكفلاء بالحقوق والواجبات
أشار المستشار القانوني مصطفى محمد علي، إلى أن لجوء بعض الكفلاء إلى تشغيل خادمات على غير كفالتهم يكن في الغالب هاربات، قد يعود على الأسرة بأضرار كبيرة، خاصة في حال قيام تلك الخادمة بأي فعل يعود بالضرر على تلك الأسرة، التي لا تستطيع الإبلاغ عنها إلا ستتعرض لغرامة مالية لتشغيلها عاملة على غير كفالتها، وبالتالي فإن مشكلة هروب الخادمات وعملهن لدى غير الكفيل مشكلة لها أبعاد عدة تتطلب تضافر جميع الجهود للحد منها .
وأكد ضرورة التزام الكفلاء والخدم بالحقوق والواجبات المحددة لكل طرف، من دون تعدي أي منهما على حقوق الطرف الآخر أو الانتقاص منها، وفق آلية واضحة ومحددة تضمن تحقيق ذلك سواء من خلال مكاتب الاستقدام أو التواصل مع إدارات الإقامة وشؤون الأجانب للإبلاغ عن أي تجاوزات أو انتقاص للحقوق أو عدم الوفاء بالالتزامات .
يحل مشكلة فيخلق أخريات!
قالت د . عزة أبو العلا الاختصاصية النفسية إن العاملات المنزليات الهاربات اللواتي يعملن عند آخرين يشكّلن تهديداً للأمن والمجتمع، وأن القانون يجرّم من يفتح بيته لمثل هؤلاء لحل مشكلة ليجد نفسه في ورطة كبيرة وقد تحول إلى ضحية، حيث إن أغلبهن غير لائقات صحياً، وقد يحملن نوايا إجرامية لكسب المال .
ويجب على الجميع الحذر من قصاصات إعلانات التي تقوم الخادمات بتوزيعها على الشقق السكنية وتسليمها للجهات المختصة باعتبارها دليل إدانة ضدهن .
وهن لمن لا يعرفها عدد من الخادمات المخالفات لقانون الإقامة أو الهاربات من كفلائهن ويعملن لحسابهن الخاص وقتاً جزئياً في أكثر من منزل، فتجد إحداهن تعمل صباحاً في أحد المنازل، وظهراً في منزل آخر ومساء في ثالث، وهذا الأمر ينذر بكارثة وقد يتكشف عن جرائم وسرقات وتفشي أمراض بسبب مخالطة سكان المنازل التي تعمل بها هذه الخادمات .
المشكلة ليست في عمل الخادمات، ولكنها تكمن بعدم الثقة بهن، فهن وخلافا لمخالفتهن قانون الإقامة، بتن يطلعن على أسرار البيوت اللاتي يعملن بها ويتسببن في مشاكل لا حصر لها .