"ديفاسكا" بلدة كبيرة في المنطقة الساحلية من سلوفينيا بالقرب من الحدود الإيطالية، وهي مقر لبلدية "ديفاسكا"، وقربها تقع كهوف "سكوكجان" الشهيرة التي هي مكان يجعلك تشعر بالدوار من دون أن تكون على ارتفاع عال . وعلى العكس مما يسبب الدوار في العادة وهو المناطق المرتفعة فإن هذه المنطقة من سلوفينيا تقع تحت الأرض، أما الذي يجعلها تشعر بذلك فهو أعمق الأودية تحت الأرض في أوروبا كلّها، الموجود داخل الكهوف .
ونظراً لأهمية الموقع الاستثنائية، فقد أدرجت "اليونسكو" كهوف "سكوكجان" على قائمة التراث العالمي الإنساني الطبيعية والثقافية اعتباراً من عام ،1986 وأقرت الدوائر العلمية العالمية بالتالي بأهمية الكهوف لكونها أحد الكنوز الطبيعية لكوكب الأرض .
تحتل كهوف "سكوكجان" تحت الأرضية مكاناً فريداً ضمن أهم الكهوف في العالم، وتعتبر هي الظاهرة الطبيعية الأكثر أهمية في كل من منطقة "الكارست" بسلوفينيا، وألزمت تلك الدولة نفسها عقب استقلالها عن الاتحاد اليوغسلافي في عام 1991 بحماية منطقة الكهوف، حيث قامت بتأسيس "حديقة كهوف "سكوكجان" الإقليمية في سلوفينيا"، وهيئتها العامة، ووكالة الخدمات العامة التابعة لها .
تتكون هذه المنظومة من عدد يزيد على 1000 كهف، وهي تقع في المنطقة المعروفة ب"الكارست" التي توجد فيها كميات كبيرة من هذه الظواهر الطبيعية التي تعتمد في وجودها على الحجر الجيري، مثل الرواسب الكلسية المدلاة في المغاور، والصواعد أو الأعمدة الصخرية، وأحجار "الجيود" الكريمة، والكهوف، وحتى الأخاديد والأودية الجارية تحت سطح الأرض مثل تلك الموجودة في كهوف "سكوكجان" .
وعلى الرغم من إدراج الموقع في قائمة اليونسكو للتراث الإنساني، إلا أننا نجد أن زوار سلوفينيا نادراً ما يكون لديهم الوقت الكافي أو التفكير في الاقتراب من "سكوكجان"، على الرغم من أنها ينبغي أن تكون وجهة سياحية من الواجب رؤيتها عند زيارة البلاد .
وتعتبر تجربة زيارة "سكوكجان"، ورؤية النهر الجاري تحت الأرض من التجارب التي لا تنسى، وخصوصاً الإطلالة من فوق ذلك الجسر الشهير البالغ ارتفاعه 100 متر على الوادي الذي يمكن له أن يصيبك بالدوار .
صنع نهر "ريكا" هذا النظام من الأنفاق الذي هو أحد أكثر "الكارست" الموجودة على الأرض إثارة للإعجاب . ويتم إغراء الزائر بمنظر بديع من الأعمدة الصخرية من الصواعد والهوابط الكلسية في القسم الأول من الكهف، وهي تنمو بمعدل بوصة واحدة في كل 100 عام .
وهناك في الكهف العديد من الأشكال والظلال الحجرية، وهي صفائح كبيرة من الحجر الجيري تبدو كأنها هي معلّقة، إلى جانب الأغوار الواسعة، ونوع من المياه الساخنة الجارية على المدرجات، أما القسم الثاني من الكهوف فهو مثير جداً، حيث يجري نهر "ريكا" عبر الوادي على عمق يزيد على 100 قدم .
وتكون الطريقة المثالية لزيارة هذا القسم المدهش من الكهوف عبر التعلق من ارتفاع عال من فوق جسر "سيرفينيتش" الذي يعبر الوادي .
ومن الرائع رؤية المسارات التي استخدمها الذين دخلوا إلى كهوف "سكوكجان" في حقب زمنية سابقة وهي لاتزال محفوظة في الداخل، حيث توجد الممرات الضيقة والسلالم من دون أسوار أو أي نوع من الحماية .
وفي الواقع فمن المثير أن تدرك أنه في إحدى المرات غمرت المياه كل هذا التجويف الهائل، ويدفع العبور من خلال هذه الشبكة المكونة من 11 قسماً من الكهوف والجسور الطبيعية والمجاري والمياه التي تختفي في الأغوار، كل شخص للتفكير حول ذلك . كما أن كبر حجم بعض أجزاء الكهوف يحجب أشعة الشمس عن الدخول مما يعطيها تلك اللمسة من الأجواء السحرية الغامضة .
كيفية الوصول إلى كهوف "سكوكجان"
يلزم الزائر الوصول إلى بلدة "ديفاسكا" أولاً قبل الدخول إلى منطقة الكهوف .
وتقع بلدة "ديفاسكا" على خط القطارات الرئيسي الذي يعبر من "ليوبليانا" في سلوفينيا إلى "سيزانا" على الحدود الإيطالية، ولكن الرحلات عبر القطارات إلى "تريست" تكون قليلة في العادة، وإذا كنت تسافر من "تريست" في إيطاليا أو من أي مكان آخر هناك، فمن الأفضل لك أن تأخذ الحافلة من "تريست" إلى "سيزانا"، وتستغرق رحلتها نحو 20 دقيقة تقريباً بتعرفة تبلغ يورو واحد، ثم أخذ القطار الذي يربط "سيزانا" مع "ديفاسكا" . وبالنسبة لهواة ممارسة رياضة المشي، يمكنهم أن يأخذوا الحافلة إلى "بازوفيكا" في إيطاليا، ثم المشي ببساطة لنحو 7 كيلومترات لبلوغ "ديفاسكا" .
هناك خدمة للحافلات التي تعمل بين "ليوبليانا" و"بوستوينا"، وبين "كوبر" و"بيران"، وهي تمر ب"ديفاسكا"، وإذا كنت ترغب في التوجه مباشرة إلى كهوف "سكوكجان"، فيمكنك أن تطلب إنزالك في التقاطع الذي يبعد 3 كيلومترات من "ديفاسكا"، أو 5 .1 كيلومتر نزولاً من مكتب التذاكر .
تقع كهوف "سكوكجان" على بعد نحو كيلومترات من مركز البلدة ومحطة السكك الحديدية فيها، وتقوم إدارة الحديقة بتشغيل حافلات مكوكية مجانية من محطة قطارات "ديفاسكا" إلى مكتب التذاكر قبل الجولات السياحية ورحلات للعودة مرة أخرى بعد نحو ساعة لكل جولة.
حقائق مذهلة عن كهوف "سكوكجان"
تعتبر كهوف "سكوكجان" قبل كل شيء ظاهرة طبيعية ذات أهمية عالمية، توضع جنباً إلى جنب مع "الغراند كانيون" و"الحاجز المرجاني العظيم" وجزر "غالاغابوس"، و"جبل إيفرست" .
وإلى جانب نهر "ريكا" الجوفي، فهي تمثل إحدى أطول المناطق الكارستية الرطبة في قارة أوروبا حيث يبلغ طولها 6200 متر، وهي تتشكل من طبقة يبلغ سمكها 300 متر من الحجر الجيري الطباشيري وحجر الباليوسين .
يختفي نهر "ريكا" تحت الأرض في "فيليكا دولينا" داخل كهوف "سكوكجان"، ثم يتدفق تحت الأرض لمسافة 34 كيلومتراً تقريباً، ليطفو مجدداً على السطح بالقرب من "مونفالكوني" حيث يساهم بحوالي ثلث تدفق نهر "تيمافو" الذي يجري لمسافة كيلومترين تقريباً من ينابيع "تيموفو" حتى يبلغ مصبه على البحر الأدرياتيكي .
يكون منظر النهر الكبير في موسم الأمطار مهيباً ومخيفاً معاً، وهو يختفي تحت الأرض على عمق 160 متراً في الجزء السفلي من "فيليكا دولينا" .
والحجم الاستثنائي للوادي الذي يجري تحت سطح الأرض هو ما يميّز كهوف "سكوكجان" عن غيرها من الكهوف الجوفية الأخرى، ليضعها بين الأشهر من نوعها في العالم بأسره .