ومضت الأيام والأسابيع، وأتم الشباب الأشهر الثلاثة الأولى التي ربما كانت هي الأصعب والأهم، استعداداً لمرحلة أخرى فيها الكثير من التحديات، كما هي ملأى بالعلم والمعرفة والمهارة.
لكن بعيداً عن ذلك، ولا مجاملة لجهة في هذا، فإن الشباب الذين غادروا بيوتهم نحو معسكرات التدريب التابعة للقوات المسلحة، لم يعودوا إلى ذويهم كما كانوا..
لقد تغيروا خلال هذه المدة القصيرة 180 درجة، عادوا أكثر حرصاً على كل شيء، كباراً في كل شيء، في الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن والأسرة والنفس، يقولون قولاً جميلاً فيه كثير من الوعي، وهم يتحدثون عن أنفسهم وعن جيشهم وعما ينبغي أن تكون عليه حال رفاقهم ممن هم في سنهم.
حين يتحدثون عن مهارات تعلموها وتدربوا عليها على أيدي مدربيهم، تشعر وكأنهم أمضوا في المعسكر سنوات وليس 3 أشهر، فالمعسكر لم يكن للتدريب العسكري فحسب، بل بناء شخصية المجند المحبة للوطن المستعدة للذود عنه وبذل حياتها من أجله.
عاد الشباب ولديهم المعلومات الصحيحة حول مفاهيم كثيرة، يحاول البعض أن يغرر بهم في الفرجان والأحياء السكنية، باسم التدين والجهاد وغير ذلك، ولديهم أيضاً ما يقيهم شر السقوط في مهاوي المخدرات وغيرها.
الأسر، وخاصة الأمهات، سعيدة بأبناء أكثر التزاماً بالقانون ومراعاة للتقيد به، حتى نظام المرور وما دون ذلك، وقبل هذا وذاك اتباع تعاليم دينهم بشكل أعمق مما كانوا عليه.
أي جلسة ودية تضم الأمهات هنا أو هناك، لا يكف الحضور فيها عن الحديث عن الخدمة الوطنية، وكيف تمكنت في مدة وجيزة من تغيير الحال إلى حال آخر، يتحدثون عن مشاعر يملؤها الفخر بصنيع الأبناء.
حقاً كما قال السابقون «العسكرية مصانع الرجال» التي يجب أن يدخلها جميع الشباب، لما فيها من فوائد للمجندين أنفسهم قبل غيرهم.. ودائماً لا نملك سوى أن نؤدي تحية عسكرية ملأى بالحب والعز لقواتنا المسلحة، ونحيي ما تبذله من جهود خدمة للوطن.