رغم أن الربع الثالث يعتبر بالنسبة للشركات العالمية ربعاً موسمياً كونه ربع الإجازات والإنتاج الأقل، إلا أنه في الإمارات أكثر موسمية، فهو إلى جانب الإجازات السنوية التي تتخلله تزداد قسوة حرارة الصيف فيه ما يؤثر بالمجمل في الإنتاجية التي ترافقت هذا العام مع شهر رمضان .
ورغم كل ذلك خرجت الشركات الإماراتية المساهمة بأفضل حال، فما أعلن من نتائج حتى الآن كان مبشراً ويفوق التوقعات بمراحل، متقدماً على الربع المماثل من العام الماضي وأيضاً في كثير من الأحيان على نتائج الربع السابق الذي لم يكن موسمياً .
البنوك كانت النجم فحققت مفاجآت على درجة كبيرة من الأهمية، فأرباحها جاءت قياسية، أغلبها من العمليات المصرفية التجارية رغم استمرارها في أخذ المخصصات التي تعنى بالديون السيئة، مع الإشارة إلى أن تلك الأرباح اختلفت في نموها من بنك إلى آخر بين الخانة والخانتين وحتى الثلاث .
ترسم نتائج البنوك التي تمثل مفصلاً أساسياً من مفاصل الاقتصاد وتعبيراً مكثفاً عنه صورة عامة للمشهد العام في الإمارات، فتؤشر إلى تحسن القطاعات الأساسية والفرعية غير النفطية التي استطاعت تحقيق معدلات نمو جيدة مدفوعة بطلب كبير على الخدمات والسلع، وعلى شبكة علاقاتها الإقليمية في الأسواق المجاورة .
القطاع العقاري استمر هو الآخر في التحسن، ولكن يبدو أن النمو التصاعدي المحقق في الأرباع السابقة أخذ في الاستقرار الإيجابي المرتفع نسبياً دون أن يسجل تصاعداً قياسياً إضافياً وهو أمر صحي ومطلوب لأن الارتفاعات السعرية المحققة سابقاً كانت ضخمة واستمرارها في الزخم يؤثر سلباً في النمو الكلي للاقتصاد مع ارتفاع مستويات التضخم بشكل سريع .
الشركات الأخرى العاملة في قطاعات متنوعة واصلت زخمها هي الأخرى محققة المزيد من الأرباح الإيجابية مستفيدة من حجم الإنفاق المرتفع للحكومة ومن توسعات القطاع الأهلي الذي تزداد فاعليته في الاقتصاد الوطني .
أمام هذه المعطيات يرجح أن يكون العام 2024 أحد أهم الأعوام بالنسبة لاقتصاد الإمارات الذي نفض نهائياً غبار أزمة المال العالمية على الرغم من أنها ما زالت عالقة في أذهان الكثيرين وهو أمر إيجابي يجعل إدارات المؤسسات أكثر حرصاً من الحقبة السابقة التي اتسمت جوانب كثيرة منها بالاندفاع والعشوائية ما جعل تأثير الأزمة في اقتصادنا قوياً على الجميع وقاسياً على البعض.
اقتصاد الإمارات بما يمتلك من إمكانات ضخمة سيبقى مصنعاً لتوليد الفرص في منطقة جغرافية مترامية الأطراف، وسيبقى أكثر حيوية ومرونة في محيطه الإقليمي . فإلى نجاحات جديدة .
رائد برقاوي