عاصمة منطقة الهرسك ولا تبعد سوى 25 كيلومتراً فقط عن ساحل البحر الأدرياتيكي، مدينة موستار التي أثبتت أنها نموذج جيد للتعايش بين مختلف أعراق البوسنة، أما عن رصيدها في الجمال فستتعرف عليه بنفسك عندما تجول في ضواحيها و تستمتع بمناخها الدافئ و مناظرها الطبيعية الخلابه
موستار واحدة من أكبر مدن البوسنة والهرسك, تبعد 120 كيلومتراً جنوب سراييفو, وهي أكبر وأهم مدينة في منطقة الهرسك, كما أنها تنقسم إلى منطقتين “موستار الشرقية” و التي يسكنها غالبية من السكان البوشناق المسلمين, أما “موستار الغربية” و غالبيتها من الكروات الكاثوليك، فهي أحياء جديدة تم تأسيسها في الفترة اليوغسلافية وجلب إليها الكروات من أماكن مختلفة داخل كرواتيا والبوسنة ليسكنوها
أما فيما يتعلق بالسياحة فإنها تتمركز في موستار الشرقية, ويعد نهر بونا أحد أهم معالمها وهو الذي تتفجر مياهه “باردة صيفا وحارة شتاء” من تحت الأرض, كما ينال جسر ستاري موست "أو الجسر القديم" التاريخي اهتمام السياح من كل حدب و صوب خاصة بعد وضعه من قبل اليونسكو على قائمة التراث الإنساني, ويعتبر من أهم المعالم السياحية والأكثر تميزا في البوسنة و الهرس و أحد قطع الآثار الإسلامية العثمانية في البلقان
“ستاري موست” أو الجسر القديم هو جسر بناه العثمانيون في القرن السادس عشر في مدينة موستار, والذي يعبر تحته نهر نيريتفا ويربط الجزء الشرقي بالجزء الغربي من المدينة, وظل الجسر شامخا ل 427 عاماً حتى تم تدميره من قبل القوات الكرواتية في عام 1993 أثناء الحرب على البوسنة, وقد أعيد بناؤه لاحقا وافتتح في عام 2024, وهو رمز للتواصل والتفاهم والتعايش والحوار والمودة
لا يعد جسر موستار القديم مجرد جسر، أكثر من كونه رمزاً، حيث يعتبر ملاذاً لأفئدة الأدباء والشعراء في البوسنة الذين طالما تغنوا به، لقد مثلت عملية افتتاح جسر موستار حدثاً مهما على المستوى المحلي في موستار والبوسنة و على المستوى الدولي أيضاً، إنها عملية تجديد للذاكرة بالنسبة للبوسنيين، وغطت عملية الافتتاح أكثر من 500 وسيلة إعلام من مختلف أنحاء العالم, كما احتفل الشعب البوسني بإعادة بناءه بمهرجان خاص استمر لمدة 10 أيام. في الواقع أن جسر موستار بات رمزا للتسامح التاريخي في البوسنة والهرسك أمام تنوع سكانها, حيث قال الرئيس البوسني الراحل علي عزت بيجوفيتش “نحن نتفهم جميعا، سواء أولئك الذين هدموا الجسر، أو نحن الذين نعيد بناءه بأنه رمز كبير للترابط بين عالمين، هما الشرق والغرب”
بعد بناء الجسر ارتفعت حركة السياحة في البلاد أدى ذلك لتعزيز الاقتصاد المحلي, والأن أصبحت موستار قبلة لأكثر من 25 ألف سائح سنويا, حيث قُدر عدد زائري موستار حتى 2024 بأكثر من مليون سائح, من أكثر ما تميز به موستار هو الطقس الشبيه بالبحر الأبيض المتوسط
كما تضم مدينة موستار العديد من المساجد الأثرية و الأحياء القديمة، و غيرها من الآثار الإسلامية العريقة، مما جعل المدينة جاذبة للسياح والزوار من كل أنحاء العالم, بالإضافة إلى العديد من المطاعم التي تقدم جميع أصناف الطعام ولا سيما المشويات، سواء كانت سمكا أو لحم الخروف المشوي بالطريقة التقليدية وهي لف الذبيحة على الجمر الملتهب إلى حين نضوجها، وهي مطاعم منتشرة على طول المسافة بين سراييفو وموستار عبر كونيتس ويابلانيتسا و في مدخل مدينة موستار
في نهاية رحلتك إلى موستار ستشعر أن المعالم الحضارية والأثرية للمدينة كانت ولا زالت الروح المعنوية التي أسبغت على السكان روح التسامح والرغبة في بناء مجتمع متعدد وحضارة أصيلة تعترف بالآخر برغم الحروب التي استمرت لسنوات عديدة
تشكر على هذه المجهود