تعتبر مدينة لامو وجزرها الشقيقة المعروفة باسم أرخبيل لامو هي جوهرة الساحل الكيني بلا منازع،
وتعتبر بلدة لامو المثال الأفضل في العالم للمدن السواحيلية التاريخية التي تهيمن على ساحل المحيط الهندي بأكمله .
وسيكون من الصعب ألا تحب لامو، المكتظة بالمنازل المدوّرة، والباحات الرحبة التي تظللها أشجار النخيل، والمطاعم التي يتم فيها تقديم الأرز المطهو على البخار (تشاباتي)، وأكواب الشاي بالحليب، وأن تلمح في شوارعها النسوة المتشحات بالجلباب الأسود الذي يغطي كامل الجسم، والرجال الذين يمتطون الحمير، كل ذلك مع رائحة التوابل والبهار المنتشرة في كل مكان .
التسميات الجغرافية لمناطق المدينة على درجة عالية من الرومانسية، حيث تنقسم المدينة إلى قسمين: زينة (أي الجميلة)، وسودي (السعيدة)، وتحمل أحياؤها ال 28 أسماء مميزة من قبيل مقدرة (من القدر الأبدي)، وكيفودوني (أي المكان ذي الرائحة) .
قاد كل ذلك وغيره لامو لأن تجد طريقها ضمن مناطق اليونسكو للتراث العالمي الإنساني عام ،2010 لحماية المواقع التاريخية فيها والمهددة بالزوال نظراً لأعمال التطوير الجارية من جهة وسوء الإدارة من الجهة الأخرى .
بدأ جميع من استكشفوا الساحل الكيني، من التجار العرب والبرتغاليين والهنود والفرس استخدام ميناء مومباسا كنقطة انطلاق للوصول إلى شرق إفريقيا، وساعد الخليط من التجار والمستكشفين على صناعة تنوع عرقي مميز لسكان الساحل الكيني، وإلى ما يشبه الفوضى في تخطيطه المادي .
وتجد فيها على امتداد مسافة من الأبنية المستطيلة التي بنتها شركات صينية، مسجداً مبنياً على النمط القيرواني التونسي على نمط الأبنية السكنية في شمال إفريقيا، وسلسلة من الأسواق حول الطرق، وتكتسي الطرقات والدروب في الأزقة والحارات بالحصى السميك، وتتدلى فوقها قطع القماش في شكل مظلات لتحمي محال تجار الحلوى القادمين من غوجارات في الهند، ومحال المعالجين التقليديين (ديغو) من الشمس الاستوائية الحارقة .
وتسيطر على مشهد المدينة بأكمله قلعة لامو، التي بناها من أحجار المرجان المستعمرون البرتغاليون .
قلعة لامو (لامو فورت)
تنتصب هذه القلعة الضخمة التي تهيمن على جو المدينة، على الساحة الرئيسية في لامو، لتبدو من بين الأسطح السواحيلية مثل الدخيل المضجر، وقد بدأ بناء هذا الهيكل المعماري الضخم من قبل السلطان باتي في العام 1810 واكتمل في عام ،1823 وكانت تستخدم كسجن من عام 1910 إلى العام 1948 .
تضم القلعة حالياً مكتبة جزيرة لامو، ويقدّم فيها مرشدون سياحيون بعض العروض الباهتة التي تسلط الضوء على التاريخ الطبيعي والبيئة في المنطقة . وأفضل تجربة في المكان هي ارتقاء أسوار القلعة لمشاهدة بعض المناظر الشاملة المطلة على المدينة .
محمية الحمير
لا يزال الحيوان المعروف بالاسم العلمي "إيكوس أسينوس" (الحمار) هو وسيلة التنقل الرئيسية هنا، مع وجود أكثر من 3 آلاف من الحمير النشطة العاملة في لامو، وقد جرى إنشاء هذه المحمية من قبل اتحاد سيدموث العالمي لحماية الحمير، ومقره في المملكة المتحدة، لتحسين حياة الكثير من الحيوانات التي تعيش في الجزيرة وتعمل بجد وتتحمل الكثير من العبء .
سي فرونت غيست هاوس
يضم بيت الضيافة هذا غرفة نوم واحدة فقط، وهو مدسوس في حديقة خاصة وهادئة تقع خلف الواجهة البحرية، وعلى بعد مسافة قصيرة من قلعة لامو، كما أن شاطئ شيلا بيتش يبعد 15 دقيقة فقط بالقارب .
تم إنشاء هذا النزل باستخدام أساليب الهندسة المعمارية المحلية في لامو، وتتميز الغرفة بباب تقليدي منحوت على النمط السواحيلي المشهور، وهي تفتح على حديقة مع وجود شرفة بها، وهناك منطقة للجلوس ومنطقة لتخزين الأمتعة وثلاجة ومرافق لإعداد الشاي والقهوة، كما يوجد بالغرفة حمام داخلي .
يتوفر الإفطار في مقهى في الموقع مقابل رسوم، وتقع بعض المطاعم على بعد مسافة قصيرة من الواجهة البحرية السياحية .
متحف لامو
يقع المتحف في مستودع سواحيلي عريق وقديم جداً على الواجهة البحرية، ويعتبر متحف لامو هو مقدمة ممتازة للتعريف بثقافة وتاريخ جزيرة لامو، وهو أحد أكثر المتاحف الصغيرة إثارة للاهتمام في كينيا .
يعرض المتحف جوانب من الثقافة السواحيلية، ونماذج من الأبواب المنحوتة المشهورة، وصوراً من مهرجان المولد، والتاريخ البحري وتاريخ القبائل في لامو التي كانت تحتل هذا الجزء من الساحل في الفترة التي سبقت وصول الإسلام، بمن فيهم ال"بوني" الذين كانوا صيادين أسطوريين للفيلة، وهناك مكتبة متخصصة في ثقافة لامو والثقافة السواحيلية .
أفخر قطع المجموعة التي يضمها المتحف هي أبواق "سيوا" المزخرفة التي لا تنسى، وهي عبارة عن أبواق قرنية طقوسية كانت تستخدم من قبل السكان المحليين في مناطق لامو وبات، وترجع إلى القرن السابع عشر .
وتصنع أبواق "سيوا" الموجودة في لامو من النحاس المحفور، لكنها تتضاءل بجانب أبواق منطقة بات المجيدة المصنوعة من العاج، حيث كان يجري صنعها بنحت أحد أنياب الفيلة الضخمة .
يتم عرض قطع أثرية من الثقافة السواحيلية من منطقة "تقوى" ومواقع أخرى في الأرخبيل في صالة عرض موجودة بالطابق السفلي لمبنى المتحف .
تعرض غرف الطابق العلوي مقتنيات وتماثيل توضح طقوس وعادات ومراسم الزفاف التقليدية في المنزل السواحيلي وهي جديرة بالاهتمام بشكل خاص .
الاحتفال بعيد المولد النبوي
يعقد هذا المهرجان التقليدي للاحتفال بمولد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في لامو منذ ما يزيد على 100 عام، وهو مهرجان شعبي يضم العديد من الفعاليات المتمثلة في الإنشاد الديني والرقصات التراثية والابتهاج العام .
وتعتبر رقصة "غوما"، التي يؤدي فيها الراقصون الرجال حركات تحاكي القتال بالعصا من بين الرقصات التقليدية الجميلة والمثيرة للاهتمام، وهناك أيضاً رقصة السيف المرتعش حيث يقوم الراقصون بهز السيوف المشرعة المصنوعة من الصلب عالياً في الهواء .
تشتمل الفعاليات المنظمة للمهرجان على سباقات للسباحة، وقراءات شعرية، ومسابقات للخط العربي، ومباريات في كرة القدم، وسباقات للمراكب الشراعية، والأكثر شعبية من بينها على الإطلاق هي سباقات الحمير على طول الواجهة البحرية للمدينة، حيث يعتبر الحمار وسيلة التنقل الأساسية في لامو، وتعتبر سباقاتها هي المعادل المحلي لسباق الفورمولا ون .
في اليوم الأخير للمهرجان، يقصد الموكب الرئيسي قبر حبيب صويلح، وهو الرجل الذي جاء بالمهرجان الذي نشأ أصلاً في مصر في أيام الفاطميين، إلى لامو من جزر القمر في حوالي العام 1860 .