الديكور المنزلي عالم لا يحده سوى خيال المبدع الذي يعمل على ترجمة أفكاره ورؤاه في قطع تأخذ أشكالا عديدة، يأسرها ضمن إطار معيّن، فإما أن تبرز وتصبح قطعا رائعة، لا يحدها زمن أو تكون عادية لا تجذب العين ولا تروق سوى لمبتكرها.
وتصاميم الديكور والأثاث قد تمر في كثير من الأحيان بمرحلة اختبار وتجريب أنماط وأساليب مختلفة تعكس المخزون الثقافي والاجتماعي وافكار المصمم بوجه عام، وهذا ما ينطبق على أسلوب »الباتشوورك«، أو ما يعرف بمزج أنسجة بألوان وأشكال مختلفة ببعضها بعضا عن طريق الترقيع لابتكار قطع جذابة تزين قطع الأثاث أو الإكسسوار.
جذور تاريخية
برز فن »الباتشورك« في الآونة الأخيرة في عمليّة تنجيد الأثاث، مع العلم انه أسلوب ليس جديدا في عالم الديكور، لأن جذوره ضاربة في تاريخ الشعوب وتعود الى أيّام الفراعنة، حيث بيّنت الحفريات الأثريّة أن قدامى المصريين اعتمدوا هذه التقنيّة لصنع الأغطية عبر حياكة رقع مختلفة من الأقمشة وجلود الحيوانات والصاقها ببعضها بعضا من أجل ابتكار لحاف أو غطاء يحميهم من البرد..
ومع الوقت انتقل هذا الاسلوب عبر المحيطات الى أميركا، مع وصول أوّل المهاجرين الى أرض الفرص والحياة الرغيدة، فكان لهم العوز والفقر بالمرصاد، لذلك لجأوا الى تقنيّة ترميم مقتنياتهم مرارا وتكرارا وبرزت الأغطية المحاكة من قطع الثياب الرثّة، ليثبتوا فعلا في ذلك الوقت أن الحاجة هي أم الابتكار.
بقايا القماش
وفي السياق قفد تطوّر منهج الباتشوورك في أواخر القرن الثامن عشر ورفع الى مكانة متقدمة جدّا ليأخذ صفة المنتوج الفنيّ الحرفيّ الذي احتل مكانا رفيعا في خانة التراث الوطني الأميركي..
وبعد ان كان يصنع من قطع اقمشة قديمة، أصبح يستعمل من أقمشة جديدة وجيدة، كما انتقل إلى الـكروشيه، وميزة »الباتشوورك« ان هويته تلائم مختلف الثقافات والبيئات في أنحاء العالم، وتحديدا في المناطق الجبلية الريفية، دأبت النسوة على حياكة أغطية صوفية او حريرية بمختلف الخيوط المتبقية من حياكات سابقة. وحرصن على تحفيز خيالهن وتوظيف ذوقهن لاختيار نقوش تناسب الألوان المتوفرة لديهن.
ترقيع البساط أو السجاد هو فكرة عصرية لتغيير الأرضية في منزلك، بل هو أيضاً وسيلة مبتكرة لجلب اللون إلى الغرفة، فالسجادة التي تم تنفيذها من قطع البساط العتيقة سنرى أنها تحولت إلى جزء ساحر من الديكور، ويمكن للسجادة المرقعة من مزيج من أنماط مختلفة من الأقمشة أن تكون رائعة لغرفة انتقائية أنيقة، في حين أن السجادة المصنوعة من قطع القماش بشكل غير منتظم قليلاً ستبدو مثالية لغرفة كلاسيكية.
التأثير البوهيمي أي الرسم بالترقيع يمكن أن يكون إضافة رائعة لغرفة ذات طراز بوهيمية، فاللوح الأمامي للسرير هو خليط ممتع ومثير للاهتمام من الأقمشة الموضوعة إلى جانب بعضها البعض، بشكل عشوائي؛ وهذا المزج بين الألوان والأقمشة سيبدو جيداً لأن الخلط والدمج العشوائي هو الفكرة الأساسية التي يقوم عليها النمط البوهيمي والذي يتمتع بأناقة خاصة.
لم يعد اقتناء مثل هذه التصاميم أمراً صعباً أو بعيد المنال، لأنه صار متوفرا في الأسواق وموقعا بأسماء مصممين كبار في هذا المجال، لكن إذا كنت تملكين الوقت وتتمتعين ببعض الجرأة وحب التجديد..
فإن أخذ الأمر كهواية تملئين بها فراغ يومك لإبداع قطعة تفيدك وتغذي حسك الفني، أمر مشبع لا سيما إذا جاءت النتيجة كما تصورها خيالك، فبإمكانك إعادة تجديد كنبة قديمة تتميّز بطراز معيّن كالإمبراطوري مثلاً أو الجريستاني أو طراز لويس الرابع عشر، عن طريق اعتماد تقنية »الباتشووورك«.
كان لدور التصميم المطروحة من قبل بيوت الديكور والأثاث المعروفة عالميا دور هام، حيث طورت استخدام هذا الفن في منتجاتها.. حتى إننا نلاحظ في فن الترقيع تنوع القماش..
وشمولية الاستخدام لقطع تنجيد الأثاث المختلف، كالكنب والسرائر والكراسي والطاولات والخزن، وعلى سبيل التغير ننصحك باختيار قطعة واحدة فقط منجّدة على طريقة »الباتشورك« تشكل نقطة محوريّة، وتنسجم مع نمط أي غرفة تختارينها في المنزل، عند اختيارك للقطعة ضعي في الاعتبار تدرجات ألوان الجدران والنوافذ والأرضيّة.