وتوقع تقرير «آفاق الاقتصاد العربي»، الذي أصدره صندوق النقد العربي، الذي يتخذ من أبوظبي مقراً له للمرة الأولى، أمس، توقع أن يعوض الأداء القوي للقطاعات غير النفطية جزئياً، ضعف مستويات نشاط القطاع النفطي، وأن يكون معدل النمو الاقتصادي لدولة الإمارات عند مستـــوى مرتفع بحدود 3.6 % خلال عام2020.
وأكد التقرير أن رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، وخطة دبي الاستراتيجية2020، تستهدف زيادة مستويات التنويع الاقتصادي، وزيادة نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال السعي إلى استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية في القطاعات الصناعية وقطاعات التصدير الأخرى، بما يشمل الصناعات الثقيلة والنقل والبتروكيماويات والسياحة وتقنية المعلومات والاتصالات والطاقة المتجددة والطيران وخدمات النفط والغاز.
وذكر التقرير، أنه لتحقيق هذا الهدف، تعمل الحكومة على تطوير البنية التحتية في قطاعات الإنشاءات والتجمعات السكنية والسياحية والصناعية والتجارية على نطاق واسع، مشيراً إلى أن من شأن مواصلة هذه الجهود، أن تسهم في رفع نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، ومن بينها قطاع الاقتصاد الجديد والمستهدف زيادة مساهمته في الناتج إلى نحو 5 % في الأفق الزمني للرؤية الاستراتيجية.
وتوقع التقرير تحقيق الدول العربية لمعدل نمو يصل إلى 3 % عام2020، موضحاً أن المنطقة العربية شهدت مع بداية عام2020، عدداً من التطورات الإقليمية والدولية من شأنها التأثير في مستويات النمو الاقتصادي المتوقعة هذا العام.
وتوقع التقرير أن يسجل الحساب الجاري لدولة الإمارات عن عام2020 مكتملاً، فائضاً بنحو 18.4 مليار درهم (5 مليارات دولار أميركي)، مشيراً إلى أنه من المتوقع خلال العام الجاري، تأثر حصيلة الصادرات بصورة جزئية بالتراجع في أسعار النفط العالمية.
نظراً لارتفاع الوزن النسبي للصادرات غير النفطية، التي تقدر بحدود 70 % في إجمالي الصادرات السلعية، متوقعاً أن تبلغ حصيلة صادرات دولة الإمارات خلال عام2020، بحدود 1.21 تريليون درهم (330 مليار دولار)، بانخفاض متوقع بحدود 10 %، مشيراً إلى أنه بالنسبة للواردات، فإنه يتوقع أن ترتفع لتصل إلى حوالي 979.4 مليار درهم (267 مليار دولار) بنسبة نمو 2.7 %، مقارنة مع 953.7 مليار درهم (260 مليار دولار) محققة خلال عام 2024.
فائض
وأضاف التقرير أنه كمحصلة لهذه التطورات، يتوقع أن يبلغ فائض الميزان التجاري لدولة الإمارات خلال عام2020 مكتملاً، بحدود 231.08 مليار درهم (63 مليار دولار)، بما يمثل حوالي 14.6 % من الناتج الإجمالي للدولة المتوقع لعام2020، مقابل فائض بلغ حوالي 393.94 مليار درهم (107.4 مليارات دولار) سجل في عام 2024، موضحاً أنه في جانب ميزان الخدمات والدخل، فإنه من المتوقع أن يحد الارتفاع المتوقع في مستويات الدخل من مستوى العجز المسجل في الميزان الخدمي.
حيث يتوقع أن يتراجع عجز ميزان الخدمات والدخل خلال عام2020 بنسبة 12 %، ليصل إلى 161.4 مليار درهم (44 مليار دولار)، مقابل 183.4 مليار درهم (50 مليار دولار) خلال العام الماضي، كما يتوقع أن يتراجع مستوى العجز في ميزان التحويلات ليصل إلى 51.4 مليار درهم (14 مليار دولار) خلال عام2020، مقابل 58.7 مليار درهم (16 مليار دولار) في عام 2024.
معدلات التضخم
وتوقع التقرير ارتفاع معدلات التضخم بالإمارات بصورة طفيفة، مشيراً إلى أنه في ما يتعلق بأسعار الفائدة، سجلت متوسطات أسعار الفائدة على الودائع بين البنوك تراجعاً ملحوظاً، في حين سجلت السيولة المحلية ارتفاعاً ملموساً، ونمت بنسبة فاقت 20 %، بما يعكس ارتفاع ودائع المقيمين.
وأشار تقرير «آفاق الاقتصاد العربي»، إلى أنه على رأس هذه التطورات، الاتجاه الهابط لأسعار النفط العالمية، التي سجلت تراجعاً كبيراً مطلع عام2020، الذي ظهرت بوادره مع الربع الأخير من عام 2024، حيث انخفضت بنحو 60 % في شهر يناير عام2020، مقارنة بالمستويات المسجلة في شهر يونيو عام 2024، وبقيت خلال الربع الأول من العام دون مستوى 55 دولاراً للبرميل.
تحسن وتيرة النمو
وذكر التقرير أن من شأن هذا الانخفاض، أن يؤثر بدرجات متفاوتة في أداء الدول العربية المصدرة للنفط، التي تسهم بنحو 78 % من الناتج المحلي للدول العربية بالأسعار الثابتة، مشيراً إلى أن بعض الدول العربية المصدرة للنفط، قد شهدت بعض التطورات المحلية خلال عام2020، بما قد يحد من آفاق النمو في هذه البلدان، وفي المقابل، يتوقع تحسن وتيرة النمو في الدول العربية المستوردة للنفط.
كنتيجة للاستقرار النسبي في الأوضاع المحلية ببعض دول المجموعة التي مرت بتحولات سياسية خلال السنوات الماضية، والتأثير الإيجابي لمُضي دول المجموعة قدماً في تنفيذ إصلاحات اقتصادية مهمة، من شأنها المساهمة في دفع النشاط الاقتصادي، مشيراً إلى أن تراجع أسعار النفط العالمية، سيسهم في توفير حيز مالي يُمكن تلك البلدان جزئياً من زيادة الإنفاق العام الداعم للنمو الاقتصادي، والتخفيف من حدة الاختلالات الاقتصادية التي تواجهها.
السياسة النقدية العربية
وأشار إلى حدوث تغير في التطورات النقدية في موقف السياسة النقدية خلال عام2020 في بعض الدول العربية، التي تتبني نظماً ثابتة للصرف للمرة الأولى منذ ست سنوات، بما يعكس التطورات العالمية المتوقعة في هذا السياق، حيث يتوقع اتجاه بعض هذه الدول إلى تقييد السياسة النقدية.
موضحاً أنه بالنسبة للدول العربية التي تتبنى نظماً أكثر مرونة للصرف، فمن المتوقع أن يستمر الموقف التقليدي للسياسة النقدية في بعضها لمواجهة الضغوط التي تواجه عملاتها بسبب الارتفاع المتوقع في قيمة الدولار، أو بما يعكس تطورات السوق المحلية.
في حين يتوقع أن يبقى موقف السياسة النقدية في بعضها الآخر تيسيرياً، لحفز النمو الاقتصادي، وزيادة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، الذي لا يزال يشهد نمواً أقل من المعدلات التي يمكن الوصول إليها.
وأضاف التقرير أن من شأن التطورات الأخيرة في أسواق النفط الدولية، أن تؤثر في أوضاع الموازنات العامة للدول العربية على اختلاف هياكلها الاقتصادية خلال عام2020، فمن المتوقع أن تتأثر موازنات الدول العربية المصدرة للنفط، وفي المقابل، ستستفيد الدول العربية المستوردة للنفط من جهة أخرى، من الاتجاه النزولي للأسعار، الذي سيؤدي إلى توفير حيز مالي يساعدها على زيادة مستويات الإنفاق الرأسمالي والاجتماعي.
وأكد التقرير أن الأوضاع المالية العامة في مجموعات الدول العربية المختلفة، ستظل متباينة، حيث من المتوقع ارتفاع عجز الموازنات في الدول العربية المصدرة للنفط، فيما ستسهم إصلاحات المالية العامة المطبقة في الدول العربية المستوردة للنفط، إضافة إلى التأثير الإيجابي لتراجع أسعار النفط على فاتورة دعم الطاقة، في خفض العجز في موازنات تلك الدول، وهو ما سيسهم جزئياً في الحد من عجز الموازنة العامة للدول العربية كمجموعة، وتوقع التقرير تحول الفائض في ميزان المعاملات الجارية للدول العربية كمجموعة، إلى عجز يقدر بنحو 131.8 مليار دولار، يمثل 4.5 % من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للدول العربية خلال عام2020.
الموازنة الاتحادية
أوضح صندوق النقد العربي في تقريره، أنه في ما يتعلق بالمالية العامة تم إقرار الموازنة الاتحادية للدولة للعام الجاري2020، بدون عجز وبدون فرض أي رسوم أو ضرائب جديدة، كما لم تشمل الموازنة على أي زيادات غير اعتيادية في الرواتب، فبلغ إجمالي الإنفاق العام نحو 49.1 مليار درهم، بزيادة 6.3 %، مقارنة بالعام السابق، بما يلبي متطلبات تمويل عدد من المشروعات الضخمة، من بينها مشروع قطار الاتحاد، والتوسعات في بعض مشروعات التعليم والصحة، حيث استحوذ قطاع خدمات التنمية الاجتماعية، وعلى رأسها قطاع التعليم والصحة على نحو 49 % من إجمالي الإنفاق العام.