وأوضح بروجيوبولوس في حوار مع "البيان الاقتصادي" أن البعض فسر عن جهل القوانين والتشريعات العقارية الجديدة لاسيما ما يتعلق بزيادة رسوم التسجيل العقاري معتقدين أنها السبب وراء ما يسمونه تراجع أداء السوق. وحمل على بعض المطورين عدم اجتهادهم في ابتكار ادوات تسويقية وإصرارهم على تطوير عقـــارات متواضعة وعرضها بأسعار عالية ومبالغ فيها مستفيدين من جاذبية السوق لكن بطرق غير حرفية.
وقلل بروجيوبولوس من التقارير التي تصدر بين الحين والآخر والتي تدور في فلك تلك التفسيرات عاداً إياها تكهنات وتوقعات غير مبررة مستقاة في بعض الأحيان من شركات تطوير تواجه تحديات في تسويق عقاراتها المتواضعة بأسعار غالية. وقال بلغت مبيعات عقارات دبي في 2024 أكثر من 106 مليارات درهم حصيلة 39666 صفقة أبرمها مستثمرون من مختلف الجنسيات تصدرهم المستثمر الإمــاراتي بجدارة وهذه النتائج تتفوق بملياري درهم عن مثيلـــتها في العام الماضي وهو رقم يؤشر على نجاح استراتيجية الإمارة في جعل الحفاظ على نمو مستدام في الاقتصاد عموماً وفي العقارات على نحو خاص.
وأشار الى ان الوقائع تؤكد أن المستثمر الأجنبي حل في المرتبة الأولى على صعيد حجم المشتريات الإجمالية وعدد الصفقات تلاه المستثمر الخليجي ومن ثم العربي. وبلغة الأرقام قال مستعينا ببيانات اراضي دبي إن مشتريات الأجانب (160 جنسية) لعبت الدور الأكبر في الحراك العقاري إذ بلغت حصتهم 59% من القيمة الإجمالية فقد اشتروا عقارات بقيمة 61 مليار درهم عبر 27698 صفقة.
لافتاً إلى أن المستثمر الخليجي واصل ضخ استثماراته في السوق العقاري وبلغت حصة مشترياته 29% من إجمالي المشتريات العقارية فقد اشتروا عقارات بقيمة 30.7 مليار درهم عبر 6712 صفقة، فيما بلغت حصة المستثمر العربي 12% من القيمة الإجمالية بمشتريات إجمالية بلغت قيمتها 12 ملياراً عبر 5156 صفقة.
واشار إلى أن متوسط قيمة المشتريات يوميا بلغ 429 مليون درهم، بينما بلغ المتوسط اليومي لعدد صفقات الشراء 163 صفقة.
عرض وطلب
من المتحكم في مستوى الطلب؟
اريد القول بقوة إن هناك طلبا كبيرا من قبل المشترين بغرض السكن وهذا تحول مهم وإيجابي يعكس التطلعات القوية للقطاع العقاري، ويسلط الضوء في الوقت ذاته على المقومات الاستثنائية التي تتمتع بها دبي كوجهة استثمارية آمنة.
صفقات البيع خلال الأشهر الأربعة من العام الجاري تشير إلى سيولة كبيرة فــي السوق، كيف تقيمون ذلك؟
لا أريد الحديث بالنيابة عن الآخرين لكن بالنسبة لنا في هامبتنز فقد شهدنا نمواً ملحوظاً سواء من حيث عدد الاستفسارات أو التعاملات العقارية منذ بداية العام الحالي، لكن التحقق من التوجهات الفعلية للسوق يتطلب الانتظار حتى ظهور نتائج النصف الأول على الأقل. لكن، وبالمجمل، تمتاز السوق العقارية في المرحلة الراهنة بمستويات عالية من الإيجابية والثقة. ففي حين أننا لا نرى صفوفاً طويلة تنتظر شراء العقارات، قد تظهر هذه الصفوف هنا أو هناك لكن المهم هو أن معدلات الطلب مستقرة، وحقيقية. وأعتقد أننا نرى حالياً أعداداً أكبر من المستثمرين الراغبين قبل المشترين بغرض السكن، ويتطلعون إلى الحصول على عقارات ذات أسعار مناسبة.
محركات
أهم محركات تنامي ثقة المستثمرين بالقطاع العقاري؟
تتكامل العديد من المقومات التي تؤثر على الطلب في السوق العقاري بما في ذلك الموقع، واستقرار السوق، والدخل المرتفع وغير ذلك. لكن العنصر الرئيس يبقى متمثلاً في العائد على الاستثمار، وهو العائد الذي يعتبر في دبي من بين الأعلى في العالم، متفوقاً على مختلف فئات الأصول الأخرى. وفي ضوء النمو السكاني المتسارع والمكانة الراسخة التي تتمتع بها دبي كوجهة أولى في عالم المال والأعمال والتعليم والترفيه، يستفيد القطاع العقاري بدوره من موقع دبي كإحدى أهم الوجهات السياحية على مستوى العالم، وهو ما يبدو جلياً في قطاع الشقق الفندقية.
وأكثر ما يميز دبي عن منافسيها في القطاع هو المقاربة الاستباقية التي تنتهجها الحكومة في التعامل مع أية عوامل قد تؤثر على النمو الذي تشهده السوق، إذ تقدم دبي بيئة مرحّبة وحاضنة للأعمال مما يمنح المستثمرين ثقة أكبر ويشعرهم بالأمان والانتماء إلى المدينة.
تحدثت عن نضج في السوق العقاري مع توجه أكبر نحو الشراء لغرض السكن، بينما يتحدث البعض عن توجـــه أكبر للشـراء بغرض الاستثمار!
لا يمكن إغفال اعداد المستثمرين بهدف إعادة البيع على المدى البعيد لكن أعداد المستثمرين بهدف السكن أكبر وهذا هو النضج الذي أقصده وهو واضح في السوق اليوم، كثمرة الدروس التي تم استقاؤها من تجارب سابقة حثّت الجميع على التصرف بأسلوب أكثر حكمةً. ويتطلع المشترون حالياً إلى الحصول على عوائد فعلية ويتجنبون المخاطرات التي ظنّوا سابقاً بأنها ستحقق لهم حلم الثراء السريع. وعادة ما يكون المشترون بغرض السكن في دبي من العائلات التي تخطط للإقامة في المدينة على المدى الطويل، ونشهد حالياً نمواً في هذا التوجه.
وهذه الفئة من العملاء مهتمة بالحصول على عوائد جيدة على استثماراتها، وتحرص على اقتناء وحدات سكنية عملية تمتاز بجودة البناء والموقع الحيوي في مجمعات متكاملة تلبي مختلف احتياجاتهم. ويبقى تركيزهم موجهاً، كمستثمرين، على التحول من الاستثمارات قصيرة الأمد إلى تلك المتوسطة أو طويلة المدى، مما يعني بدوره التحول من استئجار المنازل إلى امتلاكها.
آراء
تباينت الآراء حول التأثيرات المحتملة لانخفاض أسعار النفط، بين من يقول إنه يؤثر على السوق العقاري وبين من يرى العكس .. لكن لا أحد يربط بينه وبين تأثيراته المحتملة على القوة الشرائية للمستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي.
لا أتوقع أثراً كبيراً هذه السنة لا سيما وأن جميع دول مجلس التعاون الخليجي قد حافظت على مستويات مرتفعة من الإنفاق العام مما يعني توفير المزيد من فرص العمل والاستقرار بالتزامن مع تطوير البنى التحتية وارتفاع الدخل الذي يشجع على الاستثمار في مختلف القــــطاعات، بما في ذلك القطاع العقاري.
هناك تقارير تتحدث عن أن أصحاب الدخل المرتفع للغاية يتطلعون بدورهم إلى وجهات استثمارية آمنة في أعقاب أزمة العملة الروسية وتراجع أداء الاقتصاد الصيني. هل تعتقدون بأن هذه العوامل ستؤثر بصورة إيجابية على القطاع العقاري في دبي؟
نعم، إذ يرغب هؤلاء المستثمرون في الحصول على عوائد جيدة ويتطلعون إلى تجنب التقلبات التي تشهدها أسعار بعض العملات. ونتوقع أثراً إيجابياً لهذا التوجه على العقارات السكنية الفاخرة، إذ يدرك الجميع بأن السوق العقاري في دبي يضمن عائدات قوية على الاستثمارات. وإضافة إلى ذلك، فإن ثبات سعر صرف الدرهم الإماراتي مقابل الدولار الأمريكي يعزل المستثمرين عن الآثار السلبية للتقلبات التي تشهدها أسواق العملات.
سمعة
ماذا عن حجم الاستفسارات بشأن القطاع العقاري في دبي من قبل المستثمرين العالميين؟
تكاد لا تنقطع وبشكل مذهل يوميا … إذ تحظى دبي بسمعة مرموقة كوجهة استثمارية آمنة تستقطب أعداداً كبيرة من المستثمرين من الأسواق الآسيوية التقليدية، مثل الهند وباكستان، إضافة إلى بريطانيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وصولاً إلى الصين وسنغافورة.
ماذا عن سوق الإيجار؟ هل هنالك استقرار في أسعار الإيجار؟
نتوقع استقراراً في أسعار الإيجار في المجمعات السكنية الرئيسية مثل مجمعات مثل «وسط مدينة دبي» و«مرسى دبي» و«جميرا بيتش رزيدنسز» و«النخلة» وغيرها، لا سيــما مع إطلاق مشاريع جديدة، وتوجه العائلات من ذوي الدخل المتوسط نحو الانتقال إلى مناطق توفر لهم وحدات سكنية أكثر توافقاً مع مستوى دخلهم.
يقول إفتيموس بروجيوبولوس، لم يمضِ وقتٌ طويل بعد على بدء تشغيل ترام دبي، ما يعني أن الناس لم يعتادوا عليه تماماً بعد. لكن مع مرور الوقت وتوسعة شبكة خطوطه، سيزداد تقدير الناس للترام كما حصل مع «مترو دبي» من قبل. ولا شك بأن «ترام دبي» يسهم في تسهيل التنقل ضمن منطقة عرفت من قبل ازدحاماً كبيراً، ما يعزز دوره في إثراء أساليب الحياة العصرية لسكان منطقة مرسى دبي وزوارها على حد سواء.
توجهات السوق الثانوية والطلب
يعتـــقد بروجيوبولوس،أن هـــنالك استــقراراً بشــكل عام في السوق الـــثانوية، وهــو ما نتوقع استمراره خلال العامين الحالي والمقبل 2024 مع إطلاق المزيد من العقارات الجديدة تماشياً مع النمو السكاني المستمر. ويبقى الطلب الأكبر على الوحدات السكنية في مجمعات متكاملة توفر مرافق شامــلة مثل وسط مدينة دبي. وأضاف من المهم جداً أن تعي شركات التطوير العقاري أن عليها أن تبني وحدات سكنية تخدمها حزمة من المرافق التي تغري المستثمرين بالتوجه إليها.
التوجه لقطاع إسكان الدخل المتوسط
قال مدير التقييم والأبحاث في شركة هامبتنز للاستشارات العقارية إذا ما نظرنا إلى توجهات السوق في المرحلة الراهنة للاحظنا أن إيجار شقة تضم غرفتي نوم يبلغ نحو 120 ألف درهم سنوياً، في 2024، مما يعني أن عائلة لا يتجاوز دخلها الشهري 20 ألف درهم لن تكون قادرة على استئجار مثل هذه الشقق في دبي، إذ يعني ذلك إنفاق أكثر من نصف دخلها السنوي على السكن فقط. لذا، فإنه من المنطقي أن يتوجه التركيز إلى قطاع إسكان الدخل المتوسط، لإتاحة الفرصة للناس لامتلاك منازلهم بأسعار مناسبة، وهي حاجة ملحة في السوق تقدم في الوقت ذاته للمطورين فرصاً هائلة.