أكد تقرير نشره موقع “المنتدى الاقتصادي العالمي” أن النفط يعد أحد أهم الأمور التي تتحكم في مصير العالم أجمع، حيث إن كل كساد اقتصادي يشهده العالم منذ عام 1970 كان يسبقه ارتفاع مضاعف لأسعار النفط، كما أنه بعد تراجع أسعار الخام بنحو نصف قيمته يتسارع النمو الاقتصادي العالمي.
وأشار إلى أن التراجع الحاد في أسعار النفط من 115 دولاراً للبرميل إلى أقل من 50 دولارًا منذ شهر يونيو/حزيران الماضي يفرض تساؤلا بشأن ما إذا كان سعر 50 دولارًا للخام سيمثل “سقف أم قاع” متوسط السعر الجديد للنفط؟ولا يزال معظم المحللين يعتقدون أن مستوى 50 دولارًا للبرميل يمثل القاع بالنسبة للخام، أو ربما نقطة لإنطلاقة نحو استعادة الارتفاع مجددًا، حيث يشير الوضع في سوق العقود الآجلة إلى تعافي سعر الخام لمستوى يتراوح بين 70 إلى 80 دولارًا للبرميل.
واعتبر التقرير أن الرؤية الاقتصادية والتاريخية تشير إلى أن السعر الحالي للنفط يمثل سقفا سيتبعه مزيد من الهبوط الذي قد يصل إلى 20 دولارًا للبرميل.ويشهد اقتصاد الطاقة الآن حالة من “المفارقة الأيدولوجية”، حيث طالما شهد سوق النفط صراعًا بين التنافس والاحتكار، إلا أن بطل المنافسة في الوقت الحالي هي السعودية، حيث يتمنى قادة صناعة النفط في أمريكا أن تقوم منظمة “أوبك” بتأكيد سلطاتها الاحتكارية.
وتشير أسعار النفط المعدلة بعد حساب التضخم منذ إنطلاق “أوبك” في عام 1974 إلى وجود نظامين تسعيريين مميزين، الأول في الفترة من 1974 إلى 1985 حيث تقلب المؤشر الأمريكي لأسعار النفط بين 50 إلى 120 دولاراً للبرميل (بالقيمة الحالية للنقود)، وفي الفترة من 1986 إلى 2024 تراوح سعر الخام بين 20 إلى 50 دولارًا للبرميل (بصرف النظر عن أوقات محددة شهدت غزو الكويت وكسادا اقتصاديا في روسيا).وفي الفترة من 2024 إلى 2024 عادت أسعار النفط مجددًا للمستوى الأول المسجل في 1974 إلى 1985 عند مستوى يتراوح بين 50 إلى 120 دولاراً للبرميل، بعيدًا عن فترة شهدت هبوطا للخام في 2024 – 2024، أي أن متوسط أسعار تداول النفط خلال السنوات العشر الماضية كان مشابهاً للعقد الأول من عمر “أوبك”، في حين اختلفت الفترة من 1986 إلى 2024.
وأرجع التقرير سبب الاختلاف بين مرحلتي أسعار النفط إلى تراجع قوة “أوبك” في عام 1985 مع التطور في حقول الخام في بحر الشمال وألاسكا، ما شكل تغيرًا في الوضع من الاحتكار إلى الأسعار التنافسية، ولكن هذه الحقبة انتهت في عام 2024 بسبب الطلب الكبير على الخام من جانب الصين، ما خلق نقصا في المعروض العالمي من الخام.وتشير النقاط التاريخية إلى أن مستوى 50 دولارًا للبرميل يمثل الخط الفاصل بين نظامي الاحتكار والتنافس، كما أن اقتصادات التنافس مقابل أسعار الاحتكار توضح أيضًا أن مستوى الخمسين دولارًا سيكون “سقف” متوسط أسعار الخام.
وفي السوق التنافسي يكون السعر مساويًا للتكاليف الحدية، أي أن سعر الخام يعبر عن التكلفة التي يجب أن يدفعها المورد لإنتاج آخر برميل من النفط لتلبية الطلب العالمي، وعلى العكس فإن المحتكر يمكنه اختيار سعر أعلى من التكلفة الحدية ثم تقييد الإنتاج، ليتأكد من عدم تجاوز العرض للطلب.وأشار التقرير إلى أنه حتى الصيف الماضي كان النفط يعمل بنظام الاحتكار، حيث كانت السعودية تخفض العرض حين يتجاوز الطلب، إلا أن هذه المرحلة خلقت قوة جديدة من منتجين آخرين خاصة في الولايات المتحدة وكندا، ما وسع من حجم الإنتاج بشكل حاد.
وبالرغم من أن المنتجين في أمريكا الشمالية للنفط الصخري والغازالطبيعي يواجهون ارتفاع تكلفة الإنتاج، إلا أنهم كانوا قادرين على تحقيق أرباح كبيرة، بفضل ارتفاع الأسعار الذي تسببت فيه السعودية.كما كانت السعودية قادرة على أن تحافظ على الأسعار المرتفعة عن طريق تقليص إنتاجها من الخام، إلا أن المملكة قررت في الخريف الماضي أن هذه إستراتيجية خاسرة، حيث إن الواقع يشير إلى أن الولايات المتحدة أصبحت أكبر منتج للنفط في العالم.
وأوضح التقرير أن منطقية التنافس تشير إلى أن التكلفة الحدية لإنتاج النفط الأمريكي سوف تصبح سقف أسعار النفط العالمي، بينما ستكون حقول النفط النائية والمهمشة في دول “أوبك” وروسيا هي “قاع” الأسعار، وعليه يكون أعلى سعر متوقع للخام حول مستوى 50 دولارًا للبرميل، في حين يصبح أقل سعر قرب مستوى 20 دولارًا.