تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ 2024.

وثَّق الإسلام صلات المسلمين بعضهم ببعض بلحمة أقوى من النسب، هي وحدة العقيدة، بما ينشأ عنها من وجدان مشترك، وتآلف وتعاطف، وتعاون وإخاء، حيث صهر الإسلام جميع الأجناس في بوتقة واحدة، فجمع بين أبي بكر القرشي الأبيض، وبلال الحبشي الأسود، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي جعلهم إخوة متحابين بعد أن كانوا أعداء متخاصمين، فالإخوَّة في الدين أعلى مراتب الإخوة وأعظمها وأكبرها، وهي رباط اجتماعي لا يماثله رباط آخر ولا يقاربه، فقد ذكر القرآن الكريم الإخوة بين المؤمنين في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، «سورة الحجرات: الآية 10»، وفي قوله- صلى الله عليه وسلم-: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ»، (أخرجه البخاري).

وقد ضرب النبي للمؤمنين مثلاً يُعرفون به، ويحرصون عليه، في قوله – صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ ‬إِذَا ‬اشْتَكَى ‬مِنْهُ ‬عُضْوٌ ‬تَدَاعَى ‬لَهُ ‬سَائِرُ ‬الْجَسَدِ ‬بِالسَّهَرِ ‬وَالْحُمَّى»، (البخاري)، ‬وقوله ‬أيضاً: «‬الْمُؤْمِنُ ‬لِلْمُؤْمِنِ ‬كَالْبُنْيَانِ ‬يَشُدُّ ‬بَعْضُهُ ‬بَعْضًا»، (الشيخان). لقد عمّق النبي معنى الإخوة، ووضعها موضع التطبيق العملي، عندما جسَّد ذلك بما قرره من حقوق للمسلم على أخيه المسلم، فقال – عليه الصلاة والسلام-: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ، قِيلَ مَا هُنََّ يَا رَسُولَ‏* ‬اللَّهِ؟ ‬قَالَ: ‬إِذَا ‬لَقِيتَهُ ‬فَسَلِّمْ ‬عَلَيْهِ، ‬وَإِذَا ‬دَعَاكَ ‬فَأَجِبْهُ، ‬وَإِذَا ‬اسْتَنْصَحَكَ ‬فَانْصَحْ ‬لَهُ، ‬وَإِذَا ‬عَطَسَ ‬فَحَمِدَ ‬اللَّهَ ‬فَشمِّتْهُ، * ‬وَإِذَا ‬مَرِضَ ‬فَعُدْهُ، ‬وَإِذَا ‬مَاتَ ‬فَاتَّبعْهُ»، (الشيخان)‬. وبهذه الإخوَّة تتحقق المحبة في الله، التي تصفو بها القلوب، وتتسع للصفح عن الإساءات، ويقوم عليها بنيان المجتمع المتماسك.إنَّ الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه محمداً – صلى الله عليه وسلم- بدين الإسلام، وتكونت بواسطته أمة التوحيد والإيمان، وجعل منها الحق سبحانه وتعالى أمة واحدة، وإخوَّة متماسكة كالبنيان يشد بعضه بعضا، وأرشد إلى كل ما من شأنه أن يحفظ تلك الإخوَّة ويصونها، وأن يدعمها ويقويها، ويجعلها تؤدي رسالتها المطلوبة، وتحقق غايتها المنشودة من المودة والتكافل، والتضامن والتعاون على الخير، بين المسلم وأخيه المسلم في أي زمان أو مكان.

فمن ذلك أنه أمر المسلم وأرشده إلى محبة الخير لأخيه المسلم، محبة قلبية وعملية، ويكون لها أثرها الإيجابي فيما يقوم به من إعانة ومساعدة له على الخير، فقال – عليه الصلاة والسلام-: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، (أخرجه الشيخان).

ومن ذلك تبادل السلام والاحترام بين المسلم وأخيه المسلم. ومصافحة المسلم لأخيه المسلم عند الالتقاء معه وعند تحيته له بتحية الإسلام. وبذل النصيحة وإسداؤها للمسلم فيما ينفعه ويصلحه في دينه ودنياه، ويسعده في حياته وأخراه. و الإخلاص له في المشورة بكل صدق وأمانة حين يستشيرك في أمر من أمور دينه ودنياه،

و العفو والصفح عن أخيك المسلم إذا صدر منه خطأ نحوك، فاعتذر إليك وطلب منك المسامحة، فقبلت عذره وسماحته، ورجعت بينكما المودة والعلاقة إلى صفائها، عملاً بقول الله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، «سورة الشورى: الآية 40»،

ومن ذلك، التعاون بين المسلم وأخيه المسلم بصدق وصفاء على البرِّ والتقوى. ومن تلك المبادئ التي تقوي الإخوَّة وتحفظها بين المؤمنين، الإصلاح بين المسلم وأخيه المسلم إذا حدث بينهما ما من شأنه أن يؤدي إلى خلاف وشقاق، أو قطيعة ونزاع. فالواجب علينا نحن المسلمين أن نكون إخوة متحابين، وأن نتعاون على البر والتقوى.

جزاكِ الله خيراً
بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.