مكتبة فوتوغرافية من طراز فريد، عنوانها «ذاكرة وطن»، تحمل في جعبتها أكثر من 3 ملايين صورة، ونافذة تحتضن الوجوه والأماكن والمباني القديمة، تروي من التاريخ قصصا وحكايات، وتسرد أحداثاً طرأت على إمارات الدولة عبر تاريخها الممتد، راصدة التغيرات الكبيرة التي حدثت في البنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والحضارية، لتوفر للأفراد والمؤسسات كماً هائلاً من الصور يمكن التزود منه عبر الإنترنت.
منذ بداية 2024، انطلقت فكرة مشروع «ذاكرة وطن»، فالوعي بأهمية الفيلم والحفاظ عليه جعل من وجود هذا المشروع أمراً حتمياً.
مع وليد قدورة مستشار التصوير بقطاع النشر بمؤسسة دبي للإعلام، والمشرف على مشروع «ذاكرة وطن» تحول الحلم إلى واقع، وعن ذلك قال، منذ بداية تأسيس «البيان» كان لدينا وعي بمدى أهمية الفيلم التي تفوق أهمية الصورة، فحين يصور المصور 30 صورة مثلاً، تنشر الصحيفة واحدة أو اثنتين.
ويتبقى عدد كبير من الصور لم يرها أحد، ومع تراكم الصور، يتكوَّن لدينا مخزون ثري، ما جعلنا نعمل على حفظ أفلامنا بشكل جيد، وها نحن اليوم نحتفظ بمكتبة فيلمية غنية ومميزة، وهي من اجتهاد العاملين في قسم التصوير في الصحيفة.
وعن مهمة مشروع «ذاكرة وطن» أضاف إنه من خلال هذا المشروع، نسترجع الفيلم ونختار منه أفضل الصور، ونجري مسحاً ضوئياً للصور، لتمر الصورة بعد ذلك بمراحل عدة، كاستخراج الصورة وتهذيبها وتحسين وضعها، والبحث عن معلوماتها وشرحها، ثم نقوم بأرشفتها وحفظها.
استفادة
وذكر قدورة أن أرشفة الصور تتم بطريقة احترافية، يمكن من خلالها قراءتها بكل سهولة، ولفت إلى أنه على مدى 35 عاماً، استقطبت «البيان» عدداً كبيراً من المصورين يصل إلى 45 مصوراً، ولكل مصور اسم تعريفي يظهر في معلومات الصور التي يلتقطها، إضافة إلى عنوان الصورة ورقمها وتاريخها باليوم والشهر والسنة، وتحتفظ كل صورة بداخلها بمعلومات خاصة بها.
وأشار قدورة إلى أن الصور المتوفرة في «ذاكرة وطن» ستتوفر قريباً عبر شبكة الانترنت بعدة مقاسات، ويمكن للجمهور الاستفادة منها سواء بالاشتراك أو الشراء، كل حسب حاجته.
جهود
ومنذ بداية انطلاق «ذاكرة وطن» لم تهدأ الجهود لحظة، إذ يعمل الفريق المكون من خمسة فنيين ومحرري صورة بكل ما يمتلكونه من مهارة، في أرشفة الصور وحفظها بأفضل الطرق، مستخدمين خبراتهم بتقنيات المسح والتعامل مع الفوتوشوب في توفير صور بأعلى مستوى من الجودة.
وقد بذل الفريق جهداً مقدراً في الاستقصاء الذي اقتضى في أحيان كثيرة، الاستعانة بذوي خبرة واختصاص لتعريف الشخصيات والوجوه، كما اقتضى التحقق من الأحداث والمناسبات وأزمنتها وأمكنتها.
وأنهى قدورة حديثه بالقول: من خلال هذا المشروع فنحن نحافظ على ذاكرة وطن وأمة.
ينبوع إعلامي
يعد «ذاكرة وطن» المشروع الإعلامي التوثيقي الأول من طرازه على الصعيد الإقليمي، ويضم مخزوناً ثرياً من الصور الفوتوغرافية تغطي أوجه الحياة المتباينة على نطاق الإمارات طوال العقود الأخيرة، ويمثل ينبوعاً إعلامياً متميزاً تحت مظلة مؤسسة دبي للإعلام، ما يوسع دائرة انتشارها ويكسبها مزيداً من الحيوية.
ويعد المشروع نافذة كبيرة للتعرف إلى سنوات التأسيس والانطلاق التي رصدتها عدسات مصوري «البيان».
كموسوعة متكاملة، يرصد مشروع «ذاكرة وطن» الحياة في دولة الإمارات منذ مرحلة التأسيس، ويتيح التعرف إلى صور الوجوه والأماكن عبر الحقب التاريخية، ويتضمن صوراً متنوعة لمشاركات الدولة الرسمية في مختلف الفعاليات والأحداث والمناسبات الخارجية على اختلافها، كالمؤتمرات والمعارض والمشاركات في المهرجانات والبطولات واللقاءات الإقليمية في مختلف المجالات كالرياضة والثقافة والفن.
كما يرصد جهود الدولة في المجالات الإنسانية، وجاء انطلاق مشروع «ذاكرة وطن» من حاجة المجتمع الكبيرة إلى وجود جهة متخصصة تلبي طلبات الجمهور والمؤسسات العامة والخاصة الإعلامية والبحثية وغيرها، من الصور التي تمثل خصوصية الدولة، وبجودة عالية، وتتوفر هذه الصور بمجالات مختلفة كالسياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والرياضة والفنون وغيرها.
جمعت وليد قدورة بـ«البيان» علاقة حميمة واستثنائية، فهي المكان الذي قضى فيه أجمل سنوات عمره، ورغم خبرته الكبيرة، وتوليه مهام الإشراف على كل ما يتعلق بالصورة، لا تزال مهنته كمصور، هي الأقرب إلى قلبه، ولها الأولوية لديه، ففي مكتبه يحتفظ بإطار فارغ، يحثه دائماً على أن يملأه، وعلى الجدران تتباهى صور عدة بجمالها وتميزها، وقد حازت جوائز هامة، وكانت شاهداً على رحلة مميزة في مجال التصوير.
عن علاقته بالتصوير قال قدورة إنه يعشق التصوير، وينسى نفسه وهو يزاول مهنته، ورغم العناء الكبير الذي يحيط بهذه المهنة، إلا أنه يعشق هذا العناء، وقد ضحى بالكثير من أجل مهنته، وبالمقابل وجد كل التقدير من المكان الذي يعمل فيه.
وذكر قدورة أن أسرته تتفهم شغفه وولعه بالتصوير، ورغم أن عمله قد يأخذه من أسرته، إذ يقضي وقتاً طويلاً لمتابعة عمله، إلا أن ذلك أمر ممتع بالنسبة له، وأضاف إن «البيان» جزء منه، كبر معها وفي أحضانها، وحين كان يقوم بعمله داخل الاستوديو لا يشعر بأي عوائق مهما كانت، فجل همه الإنجاز وحسب.