روي عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان إذا رأى أحداً من عبيده يُحسن في أداء صلاته يعتقه لوجه الله، فلما عرفوا ذلك فيه، صاروا يُحسنون الصلاة مراءاة وتمثيلاً، فكان يَعتقهم، حتى قيل له يوماً في ما يَظنُ بعضُهم بهم، فقال: مَن خَدعَنا في اللهِ انخَدَعْنا له. أي ما دامت هذه الخديعة في الله، فلا ضير من أنْ ننخدع فيها.
ومن خُلق العربي ما روى مولى مصعب بن الزبير، فقد دفع حين أحس بالقتل إلى مولاه زياد فصَّ ياقوت قيمتهُ ألف ألف، وقال له: انج بهذا، فأخذهُ زياد ودقّهُ بين حجرين، وقال: والله لا ينتفع به أحدٌ بعدك.
فروق لغوية
الفرقُ بين التقريظ والتأبين، أن التقريظَ مدح للحيّ من الناس. أما التأبينُ فهو مدح للميّت حسب. وقد استعمل العرب لفظَ المدح ليكون للحي والميت معاً. فيُقال: مدحَ الرجلُ الميّتَ، وليس قرّظَ الميّتَ.
فوائد لغوية البُلعوم والحُلقوم
يُطلقُ كثير منا على البلعوم وهو مجرى الطعام والشراب لدى الإنسان لَفظَ البَلْعوم (بفتح) الباء، والصواب لفظ الاسم البُلْعوم (بضم الباء). مثلما يخطئ في لفظ الحَلقوم (بفتح الحاء)، وهو التجويف الواقع خلف تجويف الفم، والصواب لفظهُ الحُلقوم (بضم الحاء).
من مختار الشعر:
قال الشاعر محمد بن مناذر:
وترى الناسَ كثيراً فإذا عُدَّ أهلُ العقلِ قلّوا في العَددْ
مغزى مثل (جَوِّع كلبَكَ يَتْبَعك)
المثلُ يُضربُ عادة في معاشَرةِ اللئامِ، وما ينبغي أن يُعاملوا به.
وقد جاء على لسان أحد ملوك مملكة حِمير الذي قيل إنه كان عنيفاً مع أهل مملكته، ينتزع منهم ما يملكونه، ويُفقرهم، ولا يرحم ما هم فيه من جُهد وشقاء، حتى ضاق به أخوه الأمير، ونصحته زوجته التي أشفقت على هؤلاء، قائلة:
إني لأخاف عليك أن يصيروا سِباعاً، وقد كانوا لنا أتباعاً، فرد عليها بالقول: جَوّع كلبَك يتبعك.
وفي يوم أمر أهل مملكته بالغزو فلما انتصروا وحملوا الغنائم لم يمنحهم شيئا واغتصبها، حتى قتلوه وأجلسوا أخاه الأمير مكانه.
حينذاك مر به عامر بن جذيمة وهو مقتول، وكان سمع قوله: جوّع كلبك يتبعك، فقال: ربما أكلَ الكلبُ مؤدِّبَه إذا لم يُشْبِعه.