الخليج
المال كغاية بحد ذاته لن يصنع حياةً غنية، لأن الحياة الغنية لن تتأتي إلا إذا وجد المرء طريقه إلى السعادة . هكذا جاءت خلاصة دراسة حديثة حول عادات الأغنياء، والفقراء نُشِرت مؤخراً، واستند اعدادها إلى أبحاث، وبيانات تم جمعها طيلة خمس سنوات، عن العادات المسؤولة عن صناعة حياة الثراء، أو الفقر.
توصلت الدراسة إلى أن معنى عيش المرء ل "حياة غنية"، أكبر من مجرد اكتناز المال . فالمال لن يوفر له مثل هذه الحياة إذا لم يعرف هو بنفسه طريق السعادة . ولكن لسوء الحظ، السعادة نفسها بحقيقتها ومدلولها شيءٌ غامض، وصعب المنال . وفي الواقع، كما تستنتج الدراسة، معظم الناس غير سعيدين، وأكثريتهم يسعون في طلب السعادة، ويفعلون كل شيء للوصول إليها .
ولسوء الحظ أيضاً، بعض المنهجيات التي يستخدمونها سعياً وراء السعادة، مُدمِّرة، وأبلغ الأمثلة على ذلك المخدرات، والكحول، والميسر، وغيرها من مفردات الرذيلة التي ينغمس فيها المرء للحصول على سعادة وقتية زائفة . وهذه الرذائل، كما تشير الدراسة، أصبحت في نهاية المطاف من العادات الملازمة للفقر . وإذا لم تتحقق هذه السعادة قصيرة الأمد، يميل المرء إلى تجريب رذيلة أخرى، وسرعان ما تتحول هي الأخرى إلى واحدة من عادات الفقر . وقد تستمر هذه النزعة مدى الحياة، وهي عادة مدمرة كونها تتسبب في العديد من المشاكل، مثل الطلاق، وفقدان الوظيفة، وتدهور الصحة، وفي النهاية الحياة غير السعيدة .
وما توصلت إليه الدراسة، هو أن السعادة تنبع من داخل الإنسان، ولا تأتي من مصادر خارجية . فالجري وراء السعادة خارجياً وصفة لحياة فاشلة وبائسة . وإليك في ما يلي دليلاً مبسطاً يمهد لك طريق السعادة:
1- الاقتصاد في التوقعات
كثيراً ما ننظر إلى الحياة بمنظار وردي . صحيح يعتبر التفاؤل شيئاً جوهرياً بالنسبة للنجاح، لكن في المقابل نجد أن أكبر أسباب التعاسة يتمثل في عدم تحقُق التوقعات التي حددناها لأنفسنا . وبالتالي، فما نحتاج إليه عندما نسعى إلى تحقيق هدف، أو حُلُم كبير، أو لتحقيق غايتنا الرئيسية في الحياة، هو أن نتناول جرعة من الواقعية، بمعنى أنه عندما يسعى المرء وراء هدف كبير، فهو يحتاج إلى تقسيم رحلته إلى ذلك الهدف إلى مهام قابلة للإدارة والتحقُق بنسبة 100%، ما سيضمن له تلبية توقعاته، ويكفيه شر التعاسة .
2- التغلب على الخوف
يساعد التغلب على الخوف في تغيير الطريقة التي يفكر بها المرء، ويعيد برمجة عقله من السلبية إلى الإيجابية، ويكسبه المزيد من الثقة . فعمل شيء يخيفك، سيدفعك إلى خارج المساحة المريحة، ويجعلك متوتراً، وعصبياً . والبشر لم يولدوا لكي يكونوا عبيداً للخوف . ويقبع الخوف في الأجزاء الطرفية من أدمغتنا، بينما تمتلك قشرة المخ، الجزء الأحدث تطوراً من الدماغ، القدرة على التغلب على خوفنا . فتعلم أن تصبح سيداً للخوف لا عبداً له .
3- التمرُّن يومياً
يعتبر التمرُّن من عادات السعادة . ومع أن النشاط نفسه لا يُعد بحد ذاته حدثاً سعيداً، إلا أنه يُضفي بعد استكماله شعوراً بالسعادة التامة . وسبب الشعور بالسعادة هو أننا فعلنا شيئاً جيداً لأجسامنا، وبالتالي كلما تمرنت أكثر كلما كنت أكثر سعادةً .
4- التعلُّم يومياً
تعلُّم شيء جديد يجعلك أكثر سعادة . فعندما نتعلم شيئاً جديداً يقوم الدماغ بتوليد نقاط اشتباك عصبي (روابط)، وهو ما يولِّد بدوره شعوراً سيكولوجياً بالرضا عن الذات، ويعزِّز الثقة، وباختصار يجعلنا ننظر بصورة أفضل إلى أنفسنا . ولا يتحقق ذلك بمحض الصُدفة، فسيكولوجية الشعور بالسعادة هي الأسلوب الذي يعتمده الدماغ لمكافأتنا على انخراطنا في السلوك الدماغي الجيد .
5- الاختلاط بالسعداء
يقول المثل "الطيور على أشكالِها تقعُ" . فإذا أردت أن تكون أكثر سعادةً، فأنت بحاجة إلى الاختلاط مع آخرين ممن ينعمون بالسعادة . وعليك أن تمضي ساعة واحدة على الأقل كل أسبوع مع هؤلاء السعداء . وفي الوقت نفسه عليك أن تُقلِّص الوقت الذي تقضيه مع التعساء إلى أقل من ساعة في الأسبوع .
6- حدِّد هدفاً واحداً كبيراً
أظهرت أبحاث أننا مُهندسون وراثياً لكي نكون موجهين نحو هدف . وعندما نسعى وراء هدف جديد نقوم تلقائياً بتنشيط الخلايا العصبية الموجودة، أو توليد نقاط اشتباك عصبي (روابط) جديدة . فمتى ما انطلقنا وراء الهدف تتولَّد تشعبات وروابط عصبية جديدة داخل الدماغ، الذي يقوم بدوره بإطلاق كيمياء عصبية تخلق الشعور بالغبطة مع تعلمنا أشياء جديدة خلال طريقنا لتحقيق الهدف .
7- اسع لتحقيق غايتك الرئيسية
معظم الناس لا يسعون لتحقيق غاياتهم الرئيسية، ويجتهدون في المقابل لتحقيق غايات أناس آخرين، قد تكون الأم، أو الأب، أو شريك الحياة، أو أيِّ شخص آخر له حضور مهم في حياة المرء . إن لم تسع لتحقيق غايتك فأنت لست سعيداً، وستنظر للحياة كعمل شاق، وتنتظر بقلق العطلات وأوقات الفراغ . وتلك ليست هي الحياة المقصودة . فالحياة تريد من كل واحد منا أن يسعى وراء تحقيق هدفه الشخصي، وهو ما سيوقظ العبقرية الداخلية للبشر، ويحفِّز المناطق الخلاقة في المخ، ويجعلهم متفردين في الحياة .