90 % من أرباح صيادي الدولة للعمالة الآسيوية
الخليج
بعيداً عن شباك الصيد وأمواج البحر المتلاطمة، وبعد يوم عمل طويل وشاق، يلتقي صيادو دبي في مجلسهم بميناء الحمرية، يتبادلون الأحاديث، ويحتسون القهوة والشاي، ويرفهون عن أنفسهم بمتابعة دوري الخليج العربي لكرة القدم، ولعب الورق . "الخليج" زارت مجلس الصيادين بمنطقة الممزر في دبي، واطلعت على همومهم، التي يواجهونها في العمل، حيث عبّر أغلبيتهم عن استيائهم الشديد من قرارات تحديد مواسم الصيد، والتي وصفها البعض بأنها تؤدي إلى الصيد الجائر، كونها تكون في الفترة ذاتها، التي تضع فيها الأسماك بيضها، كما طالبوا باستقطاب فئة الشباب المواطن، إلى هذه المهنة، نتيجة تراجع عدد المقبلين على ممارستها .
أكدت جمعية دبي لصيادي الأسماك، أهمية احترام القوانين والقرارات المنظمة لمهنة الصيد، كونها تمثل الدولة، وتمس مخزون الأمن الغذائي القومي .
قال أحمد بخيت الفلاسي، صياد، إن بعض الإجراءات التي تتخذ من جانب وزارة البيئة والمياه، ومن دون الرجوع إلى الصيادين، وهم أساس مهنة الصيد، مثل تحديد مواعيد العمل، عبر الشباك "الهيّال"، تحد من نشاطنا حيث إنه في السابق لم يكن هناك موعد معين، وكان الصيد يبدأ مطلع سبتمبر/ أيلول ويستمر حتى إبريل/ نيسان من العام الذي يليه، إلا أن وزارة البيئة، ومن خلال تنظيم مهنة الصيد للحفاظ على الثروة السمكية، قررت أن يكون الصيد من بداية أكتوبر/ تشرين الأول وحتى إبريل/ نيسان، ثم أصدرت قراراً ليبدأ الصيد من نوفمبر/ تشرين الثاني، ثم عادت وقررت أن يكون الصيد من منتصف تشرين الأول، ويستمر حتى نهاية إبريل/ نيسان . وأضاف أن اتخاذ مثل هذه القرارات، من دون تنظيم، يعد تخبطاً، خاصة وأن الجهات المعنية، لم تأخذ بآرائنا، وفي العام الماضي، أصدرت قراراً بعدم استخدام الرافعات على القوارب، وبالتالي لا يمكن للقارب الذي يحمل شباك "الهيّال" استعمال رافعة بهدف جرّ الأقفاص من قاع البحر، وعند استفسارنا عن السبب، أفادت الوزارة أن الهدف هو تقليل عدد الصيادين على القارب .
وتابع: إن القوارب الصغيرة لا تلجأ إلى استخدام "نوخذة"، أما الكبيرة فيخرج "نوخذة" مواطن على متنها، من دون الاستعانة بالنوخذة البديل "الآسيوي" .
ومضى يقول: إن إجمالي قيمة السمك يومياً في السوق تبلغ نحو 3 ملايين درهم، والكمية المتبقية التي لم تبع داخل السوق، يشتريها التاجر الآسيوي بالسعر ذاته، ليقوم ببيعها خارج حدود السوق، وللأسف أن جمعية الصيادين، غير قادرة على شراء أسماك الصيادين، إلا بنسبة تتراوح من 5-10% .
ومن جانبه، دعا محمد خليفة المهيري، صياد، إلى تدريب فئة الشباب على الصيد، خلال الإجازة الصيفية، بهدف الحفاظ على مهنة الآباء والأجداد من الاندثار .
وطالب بقانون اتحادي ينظم عملية الصيد، خاصة أن هناك بعض إمارات الدولة، يمنع فيها استخدام "القراقير"، عكس إمارات أخرى يسمح فيها بذلك، وبالتالي أصبح الصياد يواجه أموراً تعجيزية أكثر من السابق، أيضاً على جمعيات صيادي الأسماك بالدولة كافة، تنظيم عملها، لما فيه خدمة للصيادين ككل .
وفي السياق ذاته، عبر خميس راشد السويدي، صياد، عن استيائه جراء عدم تنظيم مهنة الصيد، بسبب كثرة قرارات تحديد مواسم الصيد، حيث إنه ولدى استخدام "التحويطة" في الصيد، يتم اصطياد كميات كبيرة من الأسماك، قبل أن تضع بيضها . وقال إن الأسماك تتعرض للصيد الجائر، نتيجة تحديد مواسم الصيد، في الفترة التي تشهد تكاثر الأسماك، والتي تبدأ في تشرين أول وتستمر حتى نهاية نيسان من كل عام، الأمر الذي يوجب تغيير المدة، لتبدأ في سبتمبر/ أيلول وتستمر إلى نهاية آذار .
مخزون قومي
وعلى الصعيد ذاته، ردّ اللواء محمد سعيد المري، رئيس مجلس الإدارة في جمعية دبي لصيادي الأسماك، على شكاوى الصيادين، مؤكداً أهمية تأييد أي قرارات صادرة عن وزارة البيئة والمياه، تهدف إلى المحافظة على الثروة السمكية، أما إذا كانت تؤثر سلباً في الصيادين، فلابد من مناقشتها بشكل مستفيض .
وتابع: شكا الصيادون من الكثير من القضايا، التي تتمثل في عدم السماح لهم بوجود الرافعات على القوارب، وتحديد وسائل وأوقات الصيد، وأنواع الأسماك المسموح باصطيادها وأحجام القراقير، وبالتالي لا بد من وضع حلول قبل إقرار القوانين والقرارات .
وذكر أن مهنة الصيد معرضة للاندثار بالكامل، في حالة استمرار اعتماد الصيادين المواطنين على العمالة الآسيوية، حيث إن الصياد يتحدث دائماً لصالح هذه الفئة من العمالة، وليس لصالحه كمواطن .
وأوضح اللواء المري أن مهنة الصيد مربحة 100%، لكن 90% من هذه الأرباح يكون عائدها من نصيب العمالة الآسيوية، التي أصبحت تتحكم بالصيد وبيع الأسماك في السوق .
وقال: أتحدى أي صياد مواطن تعامل مع الجمعية، ونحن رفضنا التجاوب معه، خاصة أننا أصبحنا نتعامل مع صيادين آسيويين وليس إماراتيين، ونحن في الجمعية نمثل فئة الصيادين، ومصلحتهم، من خلال إعداد دراسات مستقبلية، لتنظيم وتطوير هذه المهنة .
وطالب اللواء المري، بتشكيل لجنة عليا من مختلف الجهات الحكومية في الدولة، لإدارة مهنة الصيد، بهدف حماية المخزون القومي الموجود في البحر، مشيراً إلى أن القوانين يجب أن تشمل نوعاً من المرونة في نواح معينة، وحادة في نواحٍ أخرى، كونها تمس الأمن الغذائي القومي .
أرقام وحقائق
قال اللواء محمد سعيد المري، رئيس مجلس الإدارة في جمعية دبي لصيادي الأسماك، إن عدد الصيادين المسجلين في الجمعية يبلغ 300 صياد، مع أن 40% منهم فقط يمارسون المهنة، مقابل 700 صياد آسيوي يمارسون مهنة الصيد في البحر .
وأضاف أن هناك نحو 1000 آسيوي يعملون في تجارة بيع وشراء الأسماك في السوق، منهم 600 آسيوي مسجلين بشكل رسمي، و400 آخرين يعملون بشكل غير رسمي .
وأكد أنه لا يمكن الاستغناء عن العمالة الآسيوية العاملة في مهنة الصيد، سواء في البحر أو سوق بيع السمك، لكن على أن تكون ضمن اختصاصات معينة .