زوريخ (رويترز) – اعتقلت الشرطة السويسرية مجموعة من أقوى الشخصيات العالمية في مجال كرة القدم يوم الأربعاء وأعلنت إجراء تحقيق جنائي يتعلق بمنح حق استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2024 و2022 لتنزلق الرياضة الأكثر شعبية في العالم إلى حالة من الفوضى.
وعلاوة على التحقيق الجنائي السويسري ينتظر ستة على الأقل من المسؤولين الكبار في مجال كرة القدم وعدد من المديريين التنفيذيين في الإعلام الرياضي تسليمهم إلى الولايات المتحدة لمواجهة تهم فساد تتعلق برشاوى تربو على 100 مليون دولار.
ولم تشمل الاعتقالات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) سيب بلاتر لكنها شملت مسؤولين بعده مباشرة في التسلسل القيادي لأغني وأقوى هيئة رياضية في العالم.
وألقى رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية القبض على هؤلاء الأشخاص بعد حملة على فندق كبير في زوريخ يقيم فيه بعض مسؤولي الفيفا قبل إجراء انتخابات رئاسة الفيفا هذا الأسبوع والتي كان من المتوقع أن يتم خلالها إعادة انتخاب بلاتر بسهولة رئيسا للفيفا لفترة خامسة.
وجرى أيضا مصادرة بيانات ومستندات من أجهزة كمبيوتر بمقر الفيفا في زوريخ. وامتنعت متحدثة باسم الفيفا عن التعليق.
ولم تحدد وزارة العدل السويسرية على الفور هوية المسؤولين الذين ينتظرون تسليمهم للولايات المتحدة لكن تقارير إعلامية قالت إن الاسماء شملت جيفري ويب ويوجينيو فيجيريدو وهما نائبان لرئيس الفيفا.
وقالت وزارة العدل السويسرية إن محققين أمريكيين يشتبهون أن المسؤولين تلقوا رشاوى أو دفعوا رشاوى تقدر بملايين الدولارات بينما يواجه مدراء تنفيذيون في شركات إعلامية وترويجية اتهامات بتقديم عمولات خفية.
وقالت في بيان "هؤلاء الاشخاص موضع تحقيق يجريه مكتب المدعي العام الأمريكي للمنطقة الشرقية من نيويورك للاشتباه في قبولهم رشاوى وعمولات خفية في الفترة بين أوائل التسعينيات ويومنا هذا."
وأضافت "المشتبه بهم في قضية الرشوة – وهم ممثلون للإعلام الرياضي وشركات التسويق الرياضي – تورطوا في مخططات لدفع أموال إلى مسؤولين في كرة القدم – بينهم أعضاء بالفيفا وموظفون آخرون في منظمات تابعة للفيفا – بلغ مجموعها أكثر من 100 مليون دولار."
* مليارات
ويجمع الاتحاد الدولي لكرة القدم إيرادات تقدر بمليارات الدولارات معظمها من حقوق الرعاية والبث التلفزيوني لمباريات كأس العالم.
وكثيرا ما شابت تقارير فساد الاتحاد الدولي الذي يقول إنه يباشر فيها التحقيق بنفسه لكن حتى الآن لم تثبت أي ادانة في أي قضية كبرى بأي دولة.
وتعرض قرار الفيفا منح حق تنظيم كأس العالم لدولة قطر لانتقادات من مسؤولي كرة القدم في الدول الغربية. وأجبر الفيفا على الاعتراف بأن الجو حار للغاية بما لا يسمح بلعب كرة القدم هناك في الصيف الفترة التقليدية لتنظيم كأس العالم مما أدى إلى تغيير جداول المباريات في كل أنحاء العالم لتتناسب مع موعد إقامة كأس العالم.
وتعاقد الفيفا مع ممثل ادعاء أمريكي سابق للتحقيق في مزاعم رشوة تتعلق بمنح حق استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم في قطر وروسيا لكنه رفض نشر تقريره واصدر ملخصا فقط ينفي وجود أي مخالفات كبيرة. واستقال المحقق قائلا إن تقريره تعرض للتشويه.
ومن المتوقع توجيه الاتهام لأكثر من عشرة أشخاص لكن ليسوا كلهم في زوريخ. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن من بين المتهمين جاك وارنر وإدواردو لي وخوليو روتشا وكوستاس تكاس ورفائيل إسكيفيل وخوسيه ماريا مارين ونيكولاس ليوز.
ووصل معظم المسؤولين إلى زوريخ لحضور الاجتماع السنوي للفيفا إذ يواجه بلاتر منافسة من الأمير الأردني علي بن الحسين على منصب رئيس الفيفا يوم الجمعة حيث يحاول بلاتر السويسري الفوز بولاية خامسة.
وأصدر الأمير علي – الذي وعد بتحسين سمعة الفيفا إذا فاز بالمنصب – بيانا مقتضبا وقال "هذا يوم حزين لكرة القدم."
وأضاف "هذا تطور كبير في الأمر وتتواصل عملية ظهور التفاصيل. ليس من المناسب الإدلاء بمزيد من التعليقات في الوقت الحالي."
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن أكثر من عشرة عاملين بوزارة العدل السويسرية وصلوا إلى الفندق في وقت مبكر من صباح الأربعاء وحصلوا على مفاتيح من مكتب الاستقبال وتوجهوا إلى الغرف.
* التركيز على الكونكاكاف
وقالت نيويورك تايمز إن التحقيق الأمريكي يركز على منطقة اتحاد دول أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي (الكونكاكاف).
وواجه جاك وارنر رئيس الكونكاكاف السابق اتهامات فساد قبل أن يستقيل في 2024 عندما أنهى الفيفا التحقيقات المتعلقة به.
وستسمح القضية الجنائية الأمريكية للمحاكم النظر في أمور كانت تحقق فيها في الماضي لجنة القيم داخل الفيفا.
ويمنح القانون الأمريكي المحاكم سلطات واسعة للتحقيق في جرائم ارتكبها أجانب في دول أخرى إذا مرت الاموال عبر بنوك أمريكية أو حدثت أي أنشطة أخرى هناك.
ومن المقرر أن يعلن الادعاء الأمريكي القضية في مؤتمر صحفي بمكتب المدعي العام في بروكلين الذي يقود التحقيق الأمريكي.
وقال داميان كولينز عضو البرلمان البريطاني الذي أسس جماعة (نيو فيفا ناو) التي تنادي بإلاصلاح إن الاعتقالات قد يكون لها تأثير كبير على الاتحاد الدولي.
وقال لرويترز عبر الهاتف "عاد الدجاج إلى الحظيرة في نهاية المطاف… يبدو ذلك تطورا كبيرا جدا للفيفا."
وأضاف "يثبت ذلك إن وعود سيب بلاتر خلال السنوات القليلة الماضية بالتحقيق في الفساد داخل الفيفا لم تتحقق لأنه أخفق تماما في القيام بذلك وبات الأمر متروكا لوكالة خارجية لتنفيذ القانون لأداء هذه المهمة واتخاذ إجراء."