عند الحديث عن المدققين الداخليين المواطنين في الجهات الحكومية، فإن الأمر لا يعد سيئاً، إذ تشير إحصائيات وزارة الاقتصاد إلى أن عدد مدققي الحسابات المواطنين المسجلين في الوزارة حتى نهاية 2024، بلغ 402 مدقق حسابات، يشكلون ما نسبته 56.1% من إجمالي عدد العاملين في القطاع البالغ 716 مدققاً.
وأظهرت البيانات أن عدد المدققين المواطنين سجل ارتفاعاً بنسبة 11.4% خلال عام 2024، مقارنة بعام 2024 الذي بلغ فيه عدد المدققين المواطنين 361 من إجمالي 649 مدققاً، وكذلك أرقام أعضاء جمعية المدققين الداخليين في الإمارات، تشير إلى ارتفاع نسبة المواطنين بين أعضاء الجمعية، إذ وصلت نسبتهم 22%.
وهي نسبة عالية تدل على تجاوب وقبول المواطنين للعمل في مهنة مدقق داخلي ويصفونها بأنها من المهن المواطنة.
ولدينا قانون يلزم جميع الوزارات بالتدقيق الداخلي حماية للمال العام، أكثر من ذلك فقد أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 1 لسنة 2024 بشأن اعتماد ميثاق ومنهجية التدقيق الداخلي للحكومة الاتحادية، وينص ميثاق التدقيق الداخلي على أن مهمة التدقيق الداخلي تتجلى في أداء نشاط رقابي توكيدي واستشاري بشكل موضوعي ومستقل.
ويعمل على إضافة القيمة والتحسين والمساعدة في تحقيق الأهداف، من خلال منهج نظامي منضبط لتقييم وتحسين فاعلية نظم إدارة المخاطر ونظم عمليات الضبط الداخلي وآليات الرقابة/ الحوكمة الأخرى.
وبناء على القرار استحدثت الوزارات والجهات الاتحادية مكاتب التدقيق الداخلي لمباشرة مهامها عملاً بالمنهجية، بعضها معتمد على كوادر مواطنة والبعض الآخر اعتماداً على شركات استشارية للبدء في تأسيس مكاتب التدقيق الداخلي، لغياب المواطنين في هذا التخصص الذي يقول العاملون فيه إن مجال التدقيق غير محفز للمواطنين، ويحتاج لحوافز أكثر لدعم التوطين في كافة تخصصاته (الإداري والمالي والتقني والامتثال والحوكمة، و….).
وباعتبار هذا المجال تخصصياً، لا بد من ضرورة النظر في ما يمنح للمدقق الداخلي في الحكومة الاتحادية، وتقنين مهنة المدقق الداخلي المواطن.
ومع أهمية التدقيق الداخلي ودوره في تعزيز الرقابة في الجهات الاتحادية، وأهمية وجود الكفاءات المواطنة في هذا التخصص، يلاحظ في العديد من المؤسسات أنها تفضل الاعتماد على الشركات الخاصة، مهملة وجود كفاءاتها، استسهالاً ربما أو لأسباب أخرى تستدعي الوقوف عندها.
وتنبري حاجة ملحة في أهمية زيادة عدد المواطنين في هذا القطاع، وتفعيل هذا الوجود كماً ونوعاً وكيفاً، وتقليل الاعتماد على شركات تدقيق الحسابات التي تستهلك في نهاية الأمر جزءاً كبيراً من ميزانية هذه الجهات.