وهو من الأقوال الحكيمة التي غدت معياراً من معايير البلاغة العربية. فقد كان الخطباء يحرصون على جعل مقالتهم، أي كلماتهم وخطبهم وأقوالهم، متناسبة مع مستوى الحضور أو جمهور المستمعين؛ لأنهم يرون أن من الخطأ الحديث بلغة عالية لجمهور بسيط لا يفهمها، والعكس صحيح.
وقيل: إذا تم العقل نقص الكلام.ومعناه أن المرء كلما نضج وارتقى في مراتب العلم والحكمة، صار أميل إلى الكياسة وقلة الحديث، أو إجرائه على مقدار الحاجة. في حين نرى الجاهل يكثر من الثرثرة والكلام، بما يعرف ولا يعرف، وربما بما يفيد ولا يفيد.
فوائد لغوية
«نَطَّ»يستعمل كثير منّا الفعل (نطّ) في الدلالة على القفز من مرتفع إلى أسفل أو بمعنى الوثوب من مكان إلى مكان. ويحسب بعضنا أن هذا الاستعمال للفعل استعمال عامي، في حين أنه استعمال فصيح ولا غبار عليه. فقد ورد في اللغة: أن النطّاط هو الوثّاب والقفّاز، وأن نطّ: تعني وثبَ.
«المشهور والمعروف»
الفرقُ بين المشهورِ والمعروفِ، أن المشهور هو المعروف عند جماعة واسعة كبيرة، أما المعروف فيكفي أن يكون معروفاً حتى وإن عرفه شخص واحد، إذ لا يشترط في المعرفة الكثرة. فنحن نقول عادة: هذا معروف عند فلان، ولا نقول مشهور عند فلان، لكننا نقول في حالة المشهور: فلان مشهور عند القوم، أو في القبيلة. فكل مشهور معروف، لكن ليس العكس صحيحاً.
مغزى مثل «أجرأُ من ذُباب»
يضرب هذا المثل للتدليل على الجرأة. وسبب تشبيه الجريء بالذباب، فلأنه يقع على الناس جميعاً، بمن فيهم الأمراء والملوك وتيجانهم، مثلما يقف على أنوف الأُسود والضباع، وقد يرجع فيعاود الوقوف مرات على كل ذلك.
قال الشاعر:
ولأنتَ أجرأُ حينَ تغدو سادِراً رَعِشَ الجَنانِ من (الذباب) الأقدحِوالأقدحِ بمعنى الذُباب هنا.