تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » خطبة الجمعة ترطيب للقلوب وتنوير للعقول

خطبة الجمعة ترطيب للقلوب وتنوير للعقول 2024.

تحظى خطبة الجمعة بأهمية كبيرة وبمنزلة جليلة، لا تقتصر على أنها مجرد عبادة مفروضة فحسب، وإنما لكونها قناة أساسية لطرح المفاهيم الدينية، والتصورات العقدية، والأحكام الشرعية، والتحذير من شر الفتن، والعمل على توحيد صفوف الأمة ولم شملها.

ومن الممكن أن تكون خطبة الجمعة وسيلة بناءة في مجال الدعوة إلى الله تعالى، والتربية على الأخلاق، وغرس المفاهيم الدينية الأساسية لدى عامة المسلمين، ولكن قد تكون وسيلة لهدم ذلك كله إذا كان الخطيب يجهل ضوابط الخطاب الشرعي وحكمته، ومن ثم يأتي دور خطبة الجمعة التنويري والدعوي وفق ضوابطها وشروطها.

وصف الدكتور محمد وهدان الأستاذ بجامعة الأزهر خطبة الجمعة بأنها من أهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى وأبرز مناهج التعليم، حيث دعا الله تعالى الناس إليها، وأمرهم بالسعي إلى ذكر الله، أي إلى ما يذكرهم بربهم وما يستفيدون منه في حياتهم، حيث يتلقون الوعظ والتذكير والإرشاد على ما يصلح أحوالهم، وما يعرفون به كيف يعبدون ربهم، فقال عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله».«سورة الجمعة الآية: 9».
الخطيب المتمكن

ويشير إلى أن خطبة الجمعة أبلغ ما يؤثر في سلوك المسلم، ولها في الشرع أعلى مكانة وأشرف منزلة، حيث يجب الاهتمام بالخطبة واختيار المواضيع المهمة مع اختيار الخطيب الناصح المتمكن من معرفة أحوال الناس، وما تمس إليه الحاجة وما يهم التنبيه عليه، ويكون الخطيب من ذوي الكفاءة والقدرة على البلاغ والبيان، وإيضاح المعاني وإقامة الأدلة وما يحتاج إليه المقام في جميع الحالات.

ويقول: العاقل المؤمن المصدق بالله ربا ومعبودا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا نبيا، متى سمع تلك الإرشادات والتعليمات والنصائح الصادقة الواردة في خطبة الجمعة فإنه يصدق بمضمونها، وتؤثر في سلوكه وسيرته، ويكون لها الأثر البالغ في أعماله، فيتوب من المعاصي إذا دعي إلى التوبة النصوح، ويواظب على الطاعات متى سمع فضلها وحسن عاقبتها، ويكثر من النوافل التي تقربه إلى رضى ربه وثوابه جل شأنه، حيث رغبه الخطيب في المواظبة عليها، ويتأثر قلبه ويتجدد إيمانه ويقوى يقينه، وترسخ العقيدة في قلبه، فينصرف بعد الصلاة وقد رق قلبه، وخشع لربه، وندم على ما فرط فيه في ما مضى من حياته، ولكن هذه الآثار الطيبة قد تضعف أو تفقد في الكثير من المصلين إما للغفلة أو السهو حال الخِطبَة، فلا يكون حاضر القلب ولا مهتما بما يلقى على مسامعه، فكأنه لم يحضر.

خطة شاملة

ويعرض الخطوات اللازمة لإعداد خطبة الجمعة، تبدأ بتحديد عنوان الموضوع وعناصره بدقة، ووضع خطة شاملة له، وعلى الخطيب أن يستحضر الأسباب التي تجعله يعتقد بأن هذه القضية هامة للمستمعين، ومتيقنا بضرورة طرحها وجمع النصوص والأفكار والعناصر.

أعظم أهدافها

ويقول محمد ذكي الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: لخطبة الجمعة أهمية كبيرة، ومنزلة عظيمة في الشريعة الإسلامية، وقد وضع لها الإسلام أهدافا تتناسب وتلك الأهمية، ومن أعظم أهدافها وعظ الناس وتذكيرهم بما يقربهم إلى مولاهم سبحانه وتعالى وبما يعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم. ومن أهداف خطبة الجمعة ترسيخ أصول الإيمان وتقويته في القلوب وتثبيت العقيدة الصحيحة بتلاوة آيات من كتاب الله وذكر شيء من المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، والدعوة إلى الصلاح والإصلاح والتمسك بأمور الشريعة وإقامة الحق، والعدل والحث على مراعاة وحدة هذه الأمة والتحذير مما يضعفها، ونشر الفضائل، وترقيق القلوب بالوعظ والتذكير المشتمل على التزهيد في الدنيا والتذكير بالموت وأحوال البرزخ وأهوال البعث والحشر والقيامة وأحوال الناس فيها وذكر صفة الجنة والنار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ويضيف ذكي: كما شرعت خطبة الجمعة لتوضيح العبادات والأحكام وتفصيل الحلال والحرام، وتفقيه المسلمين وتعليمهم حقائق دينهم، والتذكير بالمناسبات الشرعية بذكر فضلها والحث على اغتنامها والاجتهاد فيها، ولزوم السنة والتحذير من البدعة والزجر عنها، وبيان مواقف وأقوال أهل العلم، في القضايا والحوادث الآنية، والنوازل العامة، وتذكير المستمعين بوجوب الرجوع إلى العلماء فيما يشكل عليهم من أحكام.

تصحيح المفاهيم

ويؤكد الدكتور محمد أبوليلة أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر ضرورة استغلال خطبة الجمعة في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام ورد الشبهات التي يثيرها أعداؤه بأسلوب بليغ وبرهان ساطع حكيم بعيدا عن المهاترات والسباب والتشهير، وكذلك التحذير من الفتن ببيان خطرها وسوء عاقبتها على المسلمين والتذكير بأسباب النجاة والعصمة منها والواجب نحو أهلها، مؤكدا أن خطبة الجمعة تمثل الوسيلة المثلى لتثبيت معنى الأخوة في الإسلام ووحدة أمته والحث على تحقيق مقتضياتها والبعد عن كل ما من شأنه أن يثير الفتنة الطائفية أو يهيج النزاعات العرقية.

ويضيف: ونظرا لأهمية خطبة الجمعة، وعلو منزلتها ومكانتها، نجد أن الإسلام هيأ لها عددا من الأسباب لتحقيق الفائدة المرجوة منها، بأن أوجب الإنصات لها وحرم التشاغل عنها بأي وجه من الوجوه مهما كان ذلك التشاغل يسيرا أو قليل الأهمية في نظر من يبدر منه، وقد ورد في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تحث على الإنصات عند خطبة الجمعة، وتنهي عن العبث، والكلام، والخوض في الدنيا، والحركة ولو قليلة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الحصا وعن أمر الشخص غيره بالإنصات، ليحصل من الجميع حسن الاستماع، وتمام الاستفادة، قال صلى الله عليه وسلم «إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا».

الحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.