تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الربا بعد الإنذار

الربا بعد الإنذار 2024.

كان العباس بن عبد المطلب، وعثمان بن عفان، قد أسلفا في التمر، فلما حضر الجذاذ قال لهما صاحب التمر لا يبقى لي ما يكفي عيالي إذا أنتما أخذتما حظكما كله، فهل لكما أن تأخذا النصف وتؤخرا النصف وأضعف لكما، ففعلا، فلما حل الأجل طلبا الزيادة ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهما وأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا…)، «سورة البقرة: الآية 278»، فسمعا وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما.

أشقى الناس

وذكر الواحدي في أسباب النزول أن هذه الآية نزلت في بني عمرو من ثقيف، وفي بني المغيرة، من بني مخزوم، وكانت بنو المغيرة يربون لثقيف، فلما أظهر الله تعالى رسوله على مكة وضع يومئذ الربا كله فأتى بنو عمرو، وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسيد، وهو على مكة، فقال بنو المغيرة ما جعلنا أشقى الناس بالربا؟ وضع عن الناس غيرنا، فقال بنو عمرو، صولحنا على أن لنا ربانا، فكتب عتاب في ذلك إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم – فنزلت هذه الآية والتي بعدها: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ …)، فعرف بنو عمرو ألا يدان لهم بحرب من الله ورسوله.
التقوى بالطاعة

وقال السدي، نزلت في العباس وخالد بن الوليد، وكانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب».

وقال ابن جرير الطبري: يعني – جل ثناؤه – بذلك «يا أيها الذين آمنوا» صدقوا بالله وبرسوله، خافوا الله على أنفسكم فاتقوه بطاعته فيما أمركم به، والانتهاء عما نهاكم عنه»، ودعوا ما بقي من الربا، اتركوا طلب ما بقي لكم من فضل على رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل أن تربوا عليها، إن كنتم مؤمنين محققين إيمانكم قولاً وتصديقكم بألسنتكم بأفعالكم، وهذه الآية نزلت في قوم أسلموا ولهم على قوم أموال من ربا كانوا أربوه عليهم، فكانوا قد قبضوا بعضه منهم وبقي بعض، فعفا الله – جل ثناؤه – لهم عما كانوا قد قبضوه قبل نزولها، وحرم عليهم اقتضاء ما بقي منه.

تحليل البيع

فيما، قال ابن كثير، يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بتقواه، ناهياً لهم عما يقربهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه، «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله» أي خافوه وراقبوه فيما تفعلون «وذروا ما بقي من الربا» اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال، بعد هذا الإنذار «إن كنتم مؤمنين» بما شرع الله لكم من تحليل البيع، وتحريم الربا وغير ذلك.
«فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله»، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار، عن ابن عباس، يقال يوم القيامة لآكل الربا خذ سلاحك للحرب، ثم قرأ «فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله».

وقال الحسن وابن سيرين، والله إن هؤلاء الصيارفة لأكلة الربا، وإنهم قد أذنوا بحرب من الله ورسوله، ولو كان على الناس إمام عادل لاستتابهم، فإن تابوا وإلا وضع فيهم السلاح، وقال قتادة أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون، وجعلهم بهرجاً أينما أتوا، فإياكم وما خالط هذه من الربا، فإن الله قد أوسع الحلال وأطابه، فلا تلجئنكم إلى معصيته فاقة، فقد أوعد الله آكل الربا بالقتل.

أللهم اكفنا بحلالك عن حرامك و أغننا بفضلك عمن سواك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.