وعلى الرغم من أن الأسواق المحلية تأثرت بأزمة لم تكن طرفا فيها إلا أنها واجهتها بشجاعة وشرعت السلطات العليا الاتحادية والمحلية باتخاذ إجراءات حكيمة استهدفت تحقيق هدفين الأول حماية مكتسبات النهضة العمرانية وتهيئة أسباب استقرار السوق ونموه المستدام.
فعلى صعيد الرهون جرى تحديد السقف الأعلى المتاح للتمويل العقاري لضمان عدم وقوع المقترض ثم المطور والسوق في غياهب مشكلات التعثر في السداد، أما على صعيد تشجيع الاستثمار فقد جرى إعادة تقييم رسوم التسجيل العقاري في دبي- لضمان عدم تعرض السوق العقاري إلى "لعبة" بيد المضاربين الساعين لتحقيق الأرباح على حساب المصلحة العليا لاقتصاد البلد.
يقول مدير عام دائرة الأراضي والاملاك في دبي سلطان بطي بن مجرن إن مشروعات التشييد الطموحة التي شهدتها وتشهدها دبي أثارت إعجاب العالم فقد أمست أعجوبة ورمزا للإرادة الإنسانية التي حولت الصحراء إلى جنائن عمرانية. وكان لزاما – حتى لو لم تحدث الأزمة المالية العالمية- حماية تلك المكتسبات العمرانية عبر منظومة قانونية تحفظ أيضا المصلحة العليا ..
وهو ما حدث بالفعل من خلال حزمة تشريعات وتحديث أخرى ومواصلة العمل على إصدار نظم ولوائح وقوانين أكثر شمولية مثلما يجري الآن على صعيد صياغة قانون حماية المستثمر الذي يعد نقلة نوعية في حفظ الحقوق العقارية. مشيرا إلى أن الدائرة قوضت تماما الثغرة التي استغلها المضارب غير المحترف خلال سنين الأزمة عبر إعادة النظر برسوم التسجيل العقاري.
واشار بن مجرن إلى أن ذلك تحقق بفضل الدعم والإسناد والإشراف والمتابعة الدقيقة والرؤية الحكيمة والثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
من جهته فإن رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية محمد العبار يردد بثقة أن دبي لم تتفاد الأزمة العالمية بل واجهتها بحنكة وتعلمت كيفية تجاوز تداعياتها، مشددا على أن الشركة لا تقرر مشروعا إلا بعد فحصه ودراسته بعمق. مؤكدا على أن "إعمار" تعمل تطوير مشاريع جديدة سبّاقة في دبي تساهم في تغطية الاحتياجات الحقيقية للسوق.
وقال العبار: "تشهد السوق العقارية توزاناً أكبر مع تنامي الطلب من قبل شريحة جديدة من العملاء تتمثل في المستخدمين النهائيين الراغبين باقتناء منازل بغرض السكن فيها.
وجدد العبار ثقته بأن مشاريع الشركة تحفز النمو الاقتصادي في المدينة وتقدم أساليب حياة جديدة في دبي ترسخ مكانتها كمدينة المستقبل الذكية، في الوقت الذي تنفذ فيه دبي مشاريع طموحة لتطوير البنى التحتية استعداداً لاستضافة معرض إكسبو الدولي 2024".
قالت مساعد مدير عام دائرة اراضي وأملاك دبي ماجدة علي راشد إن المراقبين والمتابعين للشأن العقاري يلمسون بارتياح تراجعاً هائلاً على صعيد المضاربة في السوق العقاري في دبي وإلى مستويات مقبولة.
وأضافت أن الإدارة العليا في الدائرة تشجع المطورين على صياغة مقاييسهم من أجل الحد من ممارسة المضاربة في المشاريع الجديدة التي وضع مطوروها شروطاً وضمانات مثل شركة إعمار التي تمنع إعادة بيع العقار قبل تسديد 40%، وكذلك نخيل التي تستخدم نظــام الشيكات المؤجلة التي من شأنها التخفيف أو منع عمليات المضاربة.
ولفتت ماجدة إلى أن السياسات العقارية التي وضعتها الإدارة العليا لأراضي دبي لا ترى في النهضة العمرانية الجديدة من نهضة دبي العمرانية طفرة عقارية ثالثة بل تتلمس طريقها بدقة لتحقيق نمو عقاري مستدام يعي التحديات التي رافقت أعوام 2024 / 2024..
ويحتويها ويستبدلها بتوجهات أكبر وأنضج تخدم بروز السوق مجدداً على نحو يلبي توجهات القيادة الحكيمة، ويساند جهودها لبلوغ المرتبة 1 عالميا لاسيما على صعيد الممارسات والأنشطة المستدامة في إطار الاقتصاد ككل، والتطوير العقاري بوصفه القاعدة الرئيسة لذلك النوع من الاقتصاد.
أما رئيس مجلس إدارة نخيل العقارية علي راشد لوتاه فيرى أن الدرس السابق للأزمة العقارية أتاح لجميع أطراف العلاقة التعلم منه على مستوى المطورين والشركات والحلول التي وضعتها الحكومة، مبدياً ثقته بعدم وجود أي ضعف أو ثغرات في السوق، بالوقت الحالي، لاسيما أن الدولة "وضعت كل الحلول، وما نرى أية تكرار للمشاكل السابقة، أما أن يخف الطلب فهذا السوق عرض وطلب".
وأضاف أن الهدوء النسبي في سوق العقار "صحي" ويمكن أن نسميه "حركة تصحيحية" تكون أفضل بكثير من الارتفاع القوي ثم الهبوط القوي، مؤكدا أن "نخيل" لم تزل تبيع منتجاتها العقارية بنفس الأسعار، وبالتالي يعني هذا أن السوق لا تتعرض لضغوط تؤثر على علاقتنا مع المطورين العقاريين.
يجزم العضو المنتـــدب وكبــــير المســــؤولين التنفيذيين في شركة دبي للاستـــثمار خالد بن كلبان أن النمو العـــقاري هذه المرة أكثر ثباتا، لأنه يعـــتمد على طلب استهلاكي وسوق عقاري أكثر تنظيما. وقال يمكننا القول اننا امام دورة عقارية تمتد لخمس سنوات وهذا أمر محمود أن يكون للسوق دورة.
لافتا إلى ثمار الإجراءات الحكومية في كسب ثقة المستثمر وهذا بالتأكيد ما تأمله صناعة البناء والعقارات في دبي، والتي استعادت عافيتها مرة أخرى وتجلى ذلك بقيام دبي للاستثمار وغيرها بإطلاق مشاريع جديدة تخدم جميع الشرائح ولمختلف الاستخدامات وتخطط دبي الآن لبناء غابة مطيرة في الصحراء، وأكبر مركز تسوق تجاري في العالم، وأطول برجين متجاورين في العالم أيضا.
قال إفتيموس بروجيوبولوس، مدير التقييم والأبحاث في شركة "هامبتنز" للاستشارات العقارية، إن بعض المحللين والخبراء يبالغون في الجزم بأن أي أزمة اقتصادية عالمية لا بد أن تؤثر على دبي .
كما حدث في 2024 وهؤلاء يفسرون الوقائع عن جهل لاسيما ما يتعلق بزيادة رسوم التسجيل العقاري معتقدين أنها قد تكون سببا في تسريع تأثر السوق بأي تقلبات اقتصادية عالمية في حين أنها أثبتت فاعليتها الكبيرة في تحصين السوق من المضاربين.
قال زياد الشعار، العضو المنتدب لشركة داماك العقارية، إن سمعة دبي ومكانتها العالمية أبرز مقومات نمو السوق العقاري موضحا أن نجاح داماك كان ثمرة توظيفها الذكي لتلك السمعة الدولية الفريدة الجاذبة للاستثمار مع ما حققته علامة داماك في الاسواق المحلية والعالمية فضلا عن مقدرة الشركة على تقديم سلعة عقارية تجمع بين الفخامة والسعر المنافس.
وأكد الشعار أن الشركة تعلمت من دروس الأزمة الماضية وأصبحت اليوم على مقربة من أن بلوغ مراكز صدارة في السوق العقاري على صعيد الجمع بين فخامة المعيشة ومعايير الاستدامة والقيمة المضافة للعقار الذي يعود على المستثمر بعائد مجز وعلى المدينة بما يتناغم وهويتها ومكانتها الدولية المرموقة.
قال أجاي راجيندران، نائب رئيس مجلس إدارة شوبا للتطوير العقاري إن السوق العقاري اليوم قادر على مواجهة تداعيات أية أزمات اقتصادية عالمية فقد لاحظنا أن أزمات أسعار تقلب العملات وأسعار الطاقة غير مؤثرة في تعاملات السوق الذي يعد ملاذا آمنا للمستثمرين في تلك البلدان التي تعاني من تلك المشكلات.
وأضاف أن الشركة على يقين من قوة وتماسك السوق بفضل ثقة المستثمرين حتى أنها وسعت حضورها محلياً وإقليمياً، عشية الإقبال على مشروعها " شوبا هارتلاند" في دبي ووسعت منافذ البيع إلى خمسة لتطوير مشروعا قيمته 15 مليار درهم وسيدخل إلى السوق على مراحل آخرها في الربع الأول 2024.
قال عارف نقفي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج إن دبي اجتازت باقتدار اختبار الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن الحديث عن تأثير الأزمة بات من الماضي، لكن الأهم هو كيف استطاعت دبي التعافي بسرعة من هذه الأزمة بصلابة وقوة، بينما لا تزال هناك اقتصادات أخرى من أوروبا قد تحتاج إلى عقد من الزمن لاستعادة نموها الاقتصادي.
وأرجع نقفي نجاح دبي في التعافي السريع إلى ما تتمتع به من مستوى عال من الإنتاجية وتوافر الكفاءات والمهارات فضلا عن الابتكار والابداع، مؤكدا أن دبي أمامها عقود من النمو المستدام.
مميزات
من جهته قال أشوك أرام، الرئيس التنفيذي لدويتشه بنك إن دبي تمتلك العديد من الميزات التي تجعلها متفردة وتسهم في استمرار الازدهار في المستقبل، أبرزها عاملا الجرأة والانفتاح، مشيرا إلى أن كل ما تحقق من إنجازات هو انعكاس للجرأة والطموح والإرادة والرؤية ، والقدرة إلى الاستفادة من موقعها الجغرافي المتميز كحلقة وصل ومحور مهم بين أسواق رئيسية تمتد من الهند وأفريقيا إلى أسواق وسط وجنوب آسيا والعالم العربي.
صمود وازدهار
قال رئيس مجلس إدارة مجموعة كيان أحمد الحاطي، إن المدن ذات الابعاد والسمات المتعددة قادرة على البقاء والصمود والازدهار بشكل أفضل، مؤكدا تفاؤله الشديد بمستقبل دبي..
مشيرا إلى أنها وعلى الرغم من كونها مدينة منفتحة على التدفقات المالية والبشرية معرضة للتأثر بالأحداث والتطورات العالمية، إلا أنها تمكنت من الاستفادة من الأزمة العالمية الأخيرة عبر ضبط إيقاع السوق العقاري وضخ جرعة هائلة فيه تركز على ثقة المستثمر وقال إن دبي نجحت بشكل لافت في أن تصبح محور اهتمام العديد من جيل الشباب في المنطقة الطامحين للعيش والعمل في دبي وهذا ما لمسه من خلال حديثه مع الموظفين في دوتشه بنك عبر المنطقة.